من دفتر الوطن

البدايات.. ذهاب إلى المستقبل

| عبد الفتاح العوض

دوماً للبدايات سحرها في النفس البشرية، تشعل حماساً ما لأشياء جديدة غالباً ما يحاول الإنسان أن يتخيلها أفضل مما مرّ عليه.
في التسعينيات كتب فرانسيس فوكوياما مقالة صحفية تحت عنوان: «نهاية التاريخ» ثم عاد وتوسع بها لتكون كتاباً أخذ ضجة حينها، وفكرة الكتاب قائمة على إن الليبرالية انتصرت بشكل نهائي وجاء ذلك إثر انهيار منظومة الدول الاشتراكية.
في أوروبا يدور حديث الآن عن نهاية القومية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبعد تنامي رغبة أقاليم في دول بالحصول على استقلالها الذاتي.
لكن نهاية التاريخ كما كتبها فوكوياما كانت بداية لتاريخ آخر.. بعد حوالي 30 سنة على نهاية فوكوياما أصبحت الإدارة الأميركية تتحدث فقط عن الصين وروسيا بصفتهما الأكثر منافسة.
كل نهاية أو يظن أنها نهاية تكون بداية جديدة، وعلاقة البدايات بالنهايات هي علاقة السبب بالنتيجة ولا يمكن أبداً التفريق بينهما إلا بتواريخ نصنعها كما لو كنا نضع إشارات إرشادية ليس إلا.
الآن في سورية بداية جديدة، ولاشك أن مع البدايات ثمة ما يدعو كثيراً للأمل والرجاء بأن يكون القادم أفضل.
أحدهم قال: «الحاضر بدأ قبل عشرة آلاف سنة، والماضي بدأ الآن»، لكننا نتحدث عن المستقبل، ولعل من المهم جداً أن يكون لدينا عقلية جديدة لا تنتظر المستقبل يأتيها مع أحد بل أن نذهب إلى المستقبل بأنفسنا.
حاجاتنا للمرحلة القادمة كثيرة ومتنوعة وفوق كل ذلك ليست سهلة لكن من أهم هذه الحاجات أن نكون قد أدركنا ما حلّ بسورية، ولماذا وكيف؟ والأهم من كل ذلك كيف نعمل على ألا يتكرر الأمر بأي صورة أو أن يتكرر متخفياً متسللاً.
بدايات الذهاب إلى المستقبل تحتاج إلى شراكة فعالة من الجميع، شراكة الجهد، وشراكة صناعة الحلول، وشراكة تحمل مسؤولية القرار.
السؤال المهم.. هل لدينا مركبات الذهاب إلى المستقبل؟
طبعاً لدينا لكنها تحتاج لتعمل فقد تركت الحرب وما قبلها آثارها على هذه المركبات بحيث تحتاج إلى إعادة إقلاع من جديد.
فالموارد الطبيعية ليست قليلة، والموارد البشرية متوافرة وإن قلت.
إننا أمام بداية جديدة لدى السوريين، مساحة من التفاؤل يمكنهم أن يصنعوا منها وقوداً للقادم القريب من الأيام.
أخيراً.. الذهاب إلى المستقبل ليس حلماً.. بل واجب.

أقوال:
– النهاية هي بداية لشيء أخر. أفلاطون.
-ليست الابتسامة بداية سيئة للحب، ما زالت أفضل نهاية. أوسكار وايلد.
– الحقيقة لا تقبل الجدل.. الخبيث قد يهاجمها والجاهل يسخر منها ولكن في النهاية.. الحقيقة لا تتغير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن