من دفتر الوطن

من دوما.. هلِّت البشاير!

| فراس عزيز ديب

لا تقلقوا من هذا الشعار، هو ليسَ استمرارية لشعارٍ كاذب أطلقهُ شُذَّاذ الآفاق قبلَ عقدٍ من الزمن بدعوى الثورة في حوران وبانياس وغيرها، ليتنقلوا بهِ من منطقةٍ إلى أخرى وينسبون لها ولأهلها زوراً كذبةَ «الوفاء لثورتهم». «من دوما هلِّت البشاير» تماماً كما هلَّت من خان شيخون وريف الرقة المحرر، «بشايرنا» ليست كـ«بشايرهم»، وهل يستوي المؤمن بوطنهِ، الواثق بشعبهِ بمن أخذَ المدنيين هنا وهناك ليجعلهم أدرُعاً بشرية فيحرضوا الأخ على قتلِ أخيه والولد ليجزَّ عنق والدتهِ وأبيه!
لم يكن ينقُص طغمةَ المُتآمرين على أرضِ الشام بعدَ كل ما شاهدوهُ من زحفٍ بشري سوري باتجاهِ السفارات أو مراكز الاقتراع، مروراً بالاحتفالات التي عمّت الوطن تحضيراً للانتخابات، إلا ظهور المرشح الرئاسي بشار حافظ الأسد للإدلاء بصوتهِ من قلب دوما، حتى يكتمل احتراقهم بنيران هذه الانتخابات، ولتثبت صحةَ توجه القيادة السورية وإصرارها على التمسك بالمواعيد الدستورية وضرب عرضِ الحائط بكل الدعوات المقدَّمة لتأجيلها.
ضربةَ معلمٍ تُضاف إلى الضربات التي برعت القيادة السورية بتوجيهها للمشروع المتصهين الهادف لتدمير الدولة السورية، خرج المرشح بشار الأسد من قلب دوما التي نفضَت عنها غبار القِطعان المتأسلمة، هي دوما التي كانت نقطةَ ارتكاز أحلام المتآمرين على سورية، تلك المدينة التي حاولَ إمعات الإرهاب إلباسها ثوباً لا يليق بها، هي دوما التي كانوا ينظرون إليها كعاصمة للثورة فكَنَستهم واحتضنت الثائر الحقيقي.
الثائر الحقيقي هو الذي لا يخشى الظهور بينَ شعبه لأنه حينها لا يستحق تمثيلهم، هو الثائر الحقيقي الذي لا يخشى أن ينافسه أحد في إطار الشرعية الدستورية، لأنه يثق على أي قاعدة جماهيرية يرتكز، هو الثائر الحقيقي لأنه الكلمة الجامعة، الذي يعي تماماً معنى بناء الديمقراطية التي تناسبنا لا تلك الوصفات الجاهزة والمُدَمرة.
لكن للأمانة فإن هذه الخطوة علينا ألا نغرقها فقط في ثوب الرسالة الخارجية، هناك رسالة داخلية لا تقل أهمية عن ذلك، رسالة واضحة أراد فيها المرشح بشار حافظ الأسد أن يتخذَ من دوما نموذجاً ينسحب على كل المناطق التي حررها الجيش العربي السوري، الرسالة باختصار:
أنتم أهلنا، أنتم شركاء النصر العسكري وشركاء النصر السياسي.
هو لم يذهب ليعلن النصر من دوما، هو ذهب ليقول لكل منطقة استحوذ عليها الإرهاب:
أنتم شركاء في النصر لأننا ببساطة كنا شركاء في المحنة، والوطن لا يكتمل بريقه إلا بعودتكم.
هكذا يثبت السوريون يوماً بعدَ يوم أنهم كما السنديان عصي على الكسر وعصي على التفرقة، هكذا تبدو كل المناطق السورية العائدة إلى حضن الوطن، هي بمنزلة الروح من الجسد لا تخرج منه إلا مرة واحدة وأبدية.
من دوما هلِّت البشاير، وستتواصل البشاير ما دمنا متمسكين بالحق لتصبح شعارات من قبيل (من عين ديوار هلِّت البشاير) و( من بداما هلِّت البشاير) مسألةَ وقتٍ لا أكثر، أنهم السوريون، أكثر من يعرف كيف يبتلع الهزائم الجزئية لينتفض ويحقق النصر النهائي، العبرة دائماً بالخواتيم!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن