شؤون محلية

أهالي الرقة: انتخبنا قاهر داعش

| محمود الصالح

استعادت المناطق المحررة في ريف الرقة حقها الدستوري في المشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية، بعد أن كانت قد حرمت منها في عام 2014 بسبب احتلال تنظيم «داعش» الإرهابي لكامل الجغرافيا في محافظة الرقة لعدة سنوات.

وعبر أبناء محافظة الرقة خلال هذا الاستحقاق الوطني من المناطق الواقعة في الريف المحرر عن سعادتهم باستعادة حقهم الدستوري والإنساني والوطني، في المساهمة باختيار رئيس الجمهورية، هذا الحق الذي سلبهم إياه تنظيم «داعش» الإرهابي في الانتخابات الماضية.
وقد شهدت مراكز الانتخابات في مناطق معدان والسبخة والدبسي وما حولها من القرى والمزارع وأطراف البادية إقبالاً كبيراً، يعبر عن تعطش أبناء هذه المناطق لممارسة حقهم الوطني من جهة، وللتعبير عن الوفاء لسيد الوطن الذي كانت الرقة كباقي أراضي الوطن ضمن اهتمامه الدائم.
«الوطن» رصدت المشاركة الكثيفة لأبناء المناطق المحررة، ومعهم من استطاع الخروج من أبناء الرقة من المناطق التي سيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي، وتلقت صورة وصوت الكثير من الحالات وخاصة التي لها طابع إنساني، من جرحى الجيش وذوي الاحتياجات الخاصة والرجال الطاعنين في السن.
الحاج عبدالله رجل طاعن في السن من أبناء الريف المحرر في الرقة، أكد أنه على الرغم من تجاوزه 90 عاماً وتعبه الجسدي لكنه أصر على المشاركة إيماناً منه أن لكل مواطن دوراً في المساهمة في استعادة سورية لعافيتها، والمشاركة هي مسؤولية دينية وأخلاقية، وهذا جزء من رد الوفاء لسورية الوطن التي ننتمي إليها.
الجريح أحمد أبدى حماسته الشديدة في المشاركة في هذا الاستحقاق، لأنه يرى أنه من خلال هذا الصوت الذي أدلى به والذي سيساهم في صنع مستقبل سورية فإنه يقوم باستكمال النصر الذي ساهم في صنعه في مواجهة الإرهاب، وقدم في سبيله جزءاً من جسده، وكذلك كانت مساهمته في التصويت في انتخابات رئاسة الجمهورية ممارسة لحقه في بناء مستقبل هذا الوطن، وتجسيد مفهوم السيادة الذي ضحى في سبيله آلاف الشباب من أبناء الوطن، ولأنه لا يريد أن تذهب هذه التضحيات سدى.
أحد المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة من أبناء الريف المحرر عبر عن فرحته بهذه المشاركة بقوله إننا كنا في عام 2014 نتألم عندما نشاهد أبناء المحافظات الأخرى يشاركون في هذا العرس الوطني، ونحن لا نستطيع المشاركة بسبب وجود تنظيم «داعش» الإرهابي في مناطقنا، وكنا نحلم أن نصل إلى هذه المرحلة، لقد عاش أبناء الرقة أبشع أنواع الظلم نتيجة سيطرة المجموعات الإرهابية، وعرفوا أهمية وجود الدولة القادرة والقوية، التي ترعى أبناء الوطن وتقدم لهم كل شيء.
الحاجة أم إبراهيم قالت إنها دعت جميع نساء القرية للمشاركة في هذا الاستحقاق علما أنها غير موظفة، ولكنها تعرف قيمة وجود الدولة، لأنه من دون الدولة لا توجد كرامة للإنسان، وأبناء المنطقة عاشوا مرحلة الحرمان من وجود الدولة، وبالتالي هم أكثر من يقدر وجود نظام سياسي وإداري ومدارس ومشاف في البلاد.
الحاجة علية تقف تنتظر دورها بين عشرات النساء في المركز الانتخابي قالت: أشارك في التصويت لأنني أريد أن نعيش بكرامة، أريد أن نعيش في ظل دولة لا يستطيع أحد أن يظلمنا بوجودها، لأننا في الرقة عشنا أبشع أيام الظلم، وهدرت كرامتنا كنساء، نتيجة حرمان المرأة من أبسط حقوقها، وكل هؤلاء النسوة يعرفن معنى كلامي ويمكن أن يتحدثن أكثر مني.
جاسم رجل طاعن في السن تلمع الفرحة في عينيه وهو يضع ورقة الاقتراع في الصندوق بيده، وفي اليد الأخرى عكازه الذي يستند عليها، ويختصر الكلام بقوله هذه الورقة التي أضعها في الصندوق رصاصة في صدر كل من خرب بلدنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن