قضايا وآراء

انتصار الثوابت الوطنية

| د. قحطان السيوفي

عشر سنوات من الحرب الكونية الإرهابية على سورية الوطن والدولة شنتها قوى ظلامية مدعومة من الغرب الأميركي الأوروبي ومن دول إقليمية منحت الشعب في سورية مزيداً من القوة والصمود والتمسك بشرعية الدولة وبوحدة الوطن.
بداية أقول إن من يريد قراءة المستقبل عليه أن يكون قد أجاد قراءة الأمس، واليوم أرى من المفيد الإشارة إلى أنه وفي ثمانينيات القرن الماضي دعا الرئيس الراحل حافظ الأسد لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، لكن أميركا وحلفاءها المتورطين في دعم الإرهاب رفضوا الاقتراح، وسبق لهؤلاء أن أعدوا وأرسلوا الجهاديين الإرهابيين إلى أفغانستان التي أصبحت مقراً لتصدير الإرهاب، وجاءت أحداث أيلول 2001 في نيويورك ثم غزو العراق 2003 الذي أدانته سورية صراحة، وبعد ذلك الربيع العربي المدعوم والممول من أميركا وحلفائها، وانتقاماً من سورية ومواقفها الوطنية والقومية، شنت القوى الظلامية حرباً كونية تقودها أميركا وإسرائيل وحلفاؤهما الإقليميون على سورية الدولة والشعب، وتم إدخال آلاف من الإرهابيين إلى سورية لتدمير الدولة بمؤسساتها ورموزها، لكن الجيش العربي السوري المدعوم بقوة الشعب وصموده تصدى للمؤامرة، وحاول المتآمرون الإرهابيون ومشغلوهم يائسين، منذ بداية المؤامرة، ضرب وتدمير ثوابت ورموز الدولة الوطنية السورية ممثلة بجيش الوطن، وعلم الوطن، وعملة الوطن، الليرة السورية، وحتى رئيس البلاد قائد الوطن.
أولى رموز الوطن التي حاولوا النيل منها هو الجيش العربي السوري، وتمكنوا من كسب عدد محدود جداً من ضعاف النفوس، لكن الجيش العربي السوري بقي درع الوطن القوي وظل حماة الديار على ثقة بالنصر وانتصروا على الإرهاب وداعميه لتظل دماء الشهداء منارة تضيء درب المستقبل.
كما دعا المتآمرون أعداء الوطن إلى تغيير علم البلاد الذي يُعد رمزاً للهوية والانتماء والسيادة الوطنية، يحث على التضحية بالحياة، عندما يقتضي الواجب. وبه يلف جسد شهيد الوطن كرمز للشجاعة والتضحية، فضلاً عن كونه وساماً للأحياء، وكانت الصفعة الكبرى للمتآمرين السقوط المدوي لشعارهم وأوهامهم لاستبدال العلم الوطني بعلم الانتداب، ليبقى علم الوطن بنجمتيه الخضراوين يرفرف عالياً بسواعد أبطال الجيش البواسل وفي كل بقعة من أرض سورية، رمزاً للسيادة والهوية الوطنية السورية.
وفي إطار الحرب الإرهابية والعقوبات والحصار الاقتصادي الظالم الذي تشنه قوى العدوان استهدف المتآمرون العملة الوطنية، الليرة السورية، كأحد الرموز السيادية الوطنية، ورغم الضغوط الخارجية والظروف الاقتصادية الصعبة والضعف أحياناً في بعض جوانب أداء الإدارة النقدية السورية، صمدت الليرة كأحد رموز السيادة الوطنية وساعد في ذلك وعي المواطنين وإحساسهم بالمسؤولية الوطنية، كما عملت قوى التآمر الظلامية من دول وتنظيمات إرهابية على الترويج لمقولة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في سورية خلافاً للدستور السوري وذلك من أجل إدخال الوطن في فراغ دستوري، ولكن سرعان ما انهارت أحلامهم أمام إصرار جماهير الشعب السوري على ممارسة حقها الدستوري في انتخاب رئيسها في الوقت المحدد بالدستور وانتصرت إرادة الشعب السوري على التنظيمات الإرهابية الظلامية ومشغليها.
قامت أميركا والاتحاد الأوروبي بالتشكيك بشرعية الانتخابات الرئاسية السورية وتناقلت وسائل الإعلام العالمية، قبل يوم من الانتخابات الرئاسية السورية، صدور بيان عن أميركا ويعض الدول الأوروبية يعتبر الانتخابات الرئاسية السورية غير شرعية، وفي إطار الرد على هذه الادعاءات نقول بمفهوم الديمقراطية الغربية التقليدية الانتخابات البرلمانية والرئاسية هي شأن وطني داخلي تحدد نتائجه أصوات المواطنين في البلد المعني وليس الإملاءات والأوامر التي تفرضها الدول والقوى الخارجية، والتي تعتبر تدخلاً وقحاً في الشؤون الداخلية للدول.
في هذا الإطار نشير إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة التي ضجت بالفوضى والاتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية لدرجة أن أحد المرشحين الاثنين صرح علناً أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية مزورة ولم تخلُ تلك الانتخابات من الممارسات العنصرية والعنف والشغب الذي طال حتى المؤسسة الدستورية الأميركية الأولى أي مبنى الكونغرس الذي هوجم وتعرض للاقتحام والتخريب والعبث وسرقة المستندات، والسؤال هل تدخّل أشخاص أو مؤسسات سياسية أو إعلامية سورية لتقول إن الانتخابات الرئاسية الأميركية غير ديمقراطية أو مزورة؟
إن الادعاءات والافتراءات الأميركية الأوروبية تأتي في إطار التدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة وبدوافع عدوانية حاقدة وأطماع الهيمنة المتوحشة وازدواجية المعايير.
في السياسة الدولية لدى الغرب الذي يعيش في عمى عقلي وحالة انفصام وانفصال عن الواقع، لهؤلاء نقول الانتخابات الرئاسية السورية جاءت استجابة لاستحقاق دستوري، وكان مشهد الملايين من جماهير الشعب السوري المتوجهين يوم 26/5/2021 للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، رسالة إلى العالم ورداً حاسماً على افتراءات الغرب الأميركي الأوروبي وحلفائهم، وللحراك الشعبي السوري يوم الانتخابات مفاعيل سياسية أوسع وأبعد مدى، تتناسب طرداً مع إدراك السوريين بعمق المسؤولية الوطنية.
السوريون حسموا أمرهم وتوحدوا جميعاً في وحدة وطنية ليمارسوا الديمقراطية وعبروا عن اختيارهم ليقولوا نعم لبشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية لأنه يمثل الإجماع الوطني والشعبي والاستقرار وحماية سيادة الوطن في مواجهة التحديات، كل ذلك يؤكد تمسك السوريين بشرعية الدولة السورية، وانتمائهم لوطنهم، وهو بمثابة تحد وعبور وطني نحو النصر.
الواقع يؤكد اندحار القوى الظلامية الإرهابية تحت ضربات الجيش العربي السوري وتعزيز محور المقاومة مع الحلفاء والعمل لطرد الاحتلال الأميركي والتركي والإسرائيلي ومرتزقتهم.
الاستحقاق الرئاسي الذي تم في موعده الدستوري يؤكد حقيقة استمرار الشرعية الدستورية للدولة السورية برموزها؛ الرئيس والعلم، بنجمتيه الخضراوين، والجيش العربي السوري الباسل، ويبشر بالنصر وقيامة سورية الوطن والدولة باتجاه مستقبل واعد أفضل شعاره «الأمل بالعمل»، ومن أولوياته الداخلية تحسين الوضع الاقتصادي.
إن الشعب في سورية منح الثقة لرجل أصبح ضمانة وطنية وقومية لتحقيق الأمان والاستقرار والوحدة الوطنية، رجل يحمل آمال الجماهير وأحاسيسها، إنه بشار حافظ الأسد رجل الزمن الصعب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن