ثقافة وفن

«تقاسيم ترجمية».. كتاب يغوص في عالم الترجمة! … يختصر جمال شحيد تجربته ويقدم كل شيء يمكن أن يبحث عنه المترجم

| سارة سلامة

صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن سلسلة «آفاق ثقافية» الكتاب الشهري (تقاسيم ترجميّة) تأليف الدكتور جمال شحيّد.
يمثّل هذا الكتاب تداعيات مترجم أمضى جزءاً كبيراً من حياته في التأليف والترجمة. ومثّلت اللغة الفرنسية جانباً كبيراً من اهتماماته. عمل مؤلِّفه في النقد الأدبي، ولكن الترجمة لعبت الدور الأكبر من نشاطاته، لأنه رأى أنها حلقة وصل بين اللغات والحضارات والبشر. وكما قال خوسيه ساراماغو: إذا كان التأليف يمثّل اللغة المحلية، فإن الترجمة تمثّل اللغة العالمية. صحيح أن الكتاب مساهمات في مؤتمرات ومقالات بشكل خاص، ولكنه يصبّ في خانة الترجمة روحاً وقالباً. وتتصادى معلوماته مع أحدث النظريات في الترجمة العالمية.

تقديم

وفي مقدمة الكتاب قال شحيّد إنه: «منذ قرابة أربعين عاماً وأنا أتعاطى مهنة الترجمة ممارسة وتدريساً وزادت حصيلة كتبي التي ترجمتها على ثلاثين كتاباً، منها كتابان ترجمتهما من العربية إلى الفرنسية مع المستشرق الفرنسي الراحل ميشيل بوريزني، وهما (السفينة)، و(بريد بيروت)، ومعظم هذه الكتب المترجمة فكرية وفلسفية وأدبية ونقدية، وشاركت في عشرات المؤتمرات الخاصة بالترجمة في العالم العربي، وثلاث مشاركات في فرنسا، وبما أن المداخلات التي قدمتها في هذه المؤتمرات قد تفرقت وتناثرت وحسبت في أعمال هذه المؤتمرات، ارتأى عليّ بعض الأصدقاء أن أجمعها في كتاب قد يكون مفيداً لطلاب الترجمة والباحثين المعنيين بها.

التحليل النفسي للمترجم

وفي الفصل الأول تناول شحيد مواضيع في «ثقافة المترجم»، منها التحليل النفسي لشخصية المترجم، وعلاقة المترجم الأدبي والمؤلف، ومساهمة كبار الكتاب في الترجمة، وفي «الانفتاح اللغوي والثقافي في الترجمة».

وفي التحليل النفسي لشخصية المترجم بين شحيد: «لكي لا أتكلم عن مترجم وهمي متخيل يمكن أن يكون مترجماً لا أعرفه، وبالتالي لا أستطيع أن أحلل نفسيته كما يجب عندما يكبّ على عملية الترجمة، سأكون أن العينة البحثية، لأنني أعرفها أكثر من غيرها، وأستطيع أن أتحدث عن الوساوس والتهوسات والترددات والانفعالات والأتراح والأفراح التي تعتمل فيّ عندما أترجم، ولكي تكون هذه العينة مقنعة لا بدّ لها أن تكون صادقة وتقول الحقيقة، كل الحقيقة».

وأضاف شحيد أنه: «منذ نحو أربعين عاماً وأنا أترجم وأكتب في النقد الأدبي، وصدر لي أكثر من ثلاثين كتاباً مترجماً، ثمة كتب اقترحت أنا ترجمتها، ولكن القسم الأكبر يقترحه عليّ مسؤولون عن مشاريع ترجمية شتى، وقبل أن أباشر بالترجمة، أقرأ فهرس الكتاب أولاً وبعض الصفحات المتفرقة، وأتصفح ما كتب عنه على الانترنت، وبعد ذلك أتوكل على الرحمن وأباشر، وخلفيتي ما قرأت في حياتي، وما فاتني أن أطلع عليه آملاً ترميم هذه الفجوة سريعاً، قبل أن يأخذ اللـه أمانته، ولكن فترة التحضير هذه مليئة بالتهيب والقلق أمام مشروع سيقضي مني شهور عمل دؤوب يصل أحياناً إلى عشر ساعات يومياً».

صعوبات في طريقنا

وفي الفصل الثاني يكشف شحيد عن الصعوبات التي يتعرض لها المترجم ومنها الصعوبات الاجتماعية والثقافية في ترجمة العلوم الإنسانية حيث قال: «يصطدم مترجم الأدب أحياناً بعدد من الصعوبات الناشئة عن سمات اجتماعية وثقافية خاصة، فعلى الرغم من أن سكان الكوكب إخوة في البشرية، كما يطيب لبعض الطوباويين أن يقولوا، إلا أن اختلاف العادات، وطرق العيش والتفكير والتصرف، وتباين الفضاءات الفكرية والأدبية والفنية، تجعل المنتمي لهذا المجتمع لا يفهم مقصد المنتمي إلى مجتمع آخر، وهناك خصوصية، وربما فرادة لها علاقة بالحياة المادية والفكرية والفنية والسياسية والأخلاقية والدينية، فالأطعمة والأشربة والملابس والأزياء والرقصات ورموز الألوان والأوزان والمسافات والألوان الموسيقية والأنواع الأدبية وعلاقات القربى تختلف من مجتمع لآخر، وتشكل بالتالي صعوبات للمترجمين الذين يتصدون لها».

أخلاقية خاصة

وتحدث شحيد في الفصل الرابع عن القوانين الناظمة لعملية الترجمة في العالم قائلاً: «رغم جحافل الشر والتتفيه والتعمية، تبقى لكل مهنة أخلاقياتها، إن هزلت أو ماتت، فقل على الأرض السلام، إن مهن الطب والتعليم والقضاء والمحاماة.. تتمتع بأخلاقية خاصة بكل مهنة منها، وكذلك الترجمة، وتتمثل أخلاقياتها أولاً في الأمانة تجاه النص الأصلي المزمع ترجمته، أي اعتباره ملكاً لمؤلفه لا يجوز التصرف فيه كالإضافة والبتر والتحريف والحذف والتصحيح والتلطيف، وسأتوقف عند الجانب الثاني من أخلاقيات الترجمة، وهو المتمثل في احترام التشريعات الضابطة لمهنة الترجمة، وهو المتمثل في احترام التشريعات الضابطة لمنه الترجمة، كما تجلت في تشريعات عدد من المنظمات الدولية «كمنظمة الأمم المتحدة والأونيسكو»، ومن البلدان المتطورة، بمعنى آخر سأحاول هنا أن أبرز العملية الاجتماعية للترجمة، تاركاً لغيري إبراز عمليات اللغة والتقنية والمعيارية.

بروفايل

ويذكر أن جمال شحيد ناقد ومترجم وأستاذ جامعي سوري حاصل على درجة الدكتوراة في الأدب المقارن من جامعة السوربون، باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، له خمسة كتب في النقد الأدبي، آخرها الذاكرة في الرواية العربية المعاصرة، وترجم من العربية إلى الفرنسية روايتين. ومن الفرنسية إلى العربية أكثر من 12 كتاباً بينها الجزآن الأخيران من سباعية بروست وتاريخ الجمال (من إصدارات المنظمة العربية للترجمة).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن