من دفتر الوطن

بكرا أحلى

| عصام داري

اليوم أريد الابتعاد عن كل السلبيات والأزمات، وأوجاع الرأس والقلب والجيوب!، وأذهب بعيداً في عالم الشعر والزجل والغزل، فربما أسهم في تلميع فكرة، أو مقولة(بكرا أحلى) والعمل على ذلك وليس فقط بالتنظير والكلمات الجوفاء المكررة.
فمن السهل أن نسطر الصفحات عن التفاؤل والأمل والفرح والحب، لكن الصعوبة في التطبيق على أرض الواقع، فجميعنا نعلن عشقنا للحياة والفرح وتمجيد النفس الإنسانية، لكن معظمنا لا يقدم الدليل على ما يقول، بل على العكس من ذلك فهو يمارس في حياته ما يخالف أقواله تماماً.
لا أنوي التنظير في قضايا الفكر والأخلاق والنفس الإنسانية الأمارة بالسوء في الأغلب، كل ما أبحث عنه هو صدقنا مع أنفسنا قبل الصدق مع الآخرين، لأن الصدق لا يتجزأ، كأن نكون صادقين مع أشخاص وكاذبين مع أشخاص آخرين لدواع ذاتية ومصالح خاصة ضيقة الأفق، لا تنظر إلى مصالح وأحاسيس الآخرين نظرة احترام وتقدير واعتراف بحقوقهم ومساواتهم بأنفسنا.
وإذا كنت أبحث عن الصدق فأنا في الوقت نفسه أبحث عن الجمال، أكان جمال الطبيعة الغنية، أو الجمال البشري، والأنثوي بشكل أكبر، وعن جمال الكلمة التي تحملنا على أجنحتها إلى عوالم عجيبة عمادها الخيال والسحر.
وفي هذه اللحظة وأنا أكتب هذه الأسطر تناهى إلى مسمعي صوت فيروز وهي تغني كلمات رائعة:
بكوخنا يابني بهل كوخ العتيق.. والتلج ما خلى ولا عودة حطب..
عندما يكتب ميشيل طراد يترك لك مساحة كبيرة للخيال، تتصور ذلك الكوخ المكلل بالثلوج، وتتخيل البرد الذي يعانيه أهل هذا الكوخ، فلا يوجد عود حطب، لأن حرارة الحب ربما تنوب عن النار في بث الدفء في جسدي عاشقين أشعلا حرائق الوله والهيام.
الخيال يقودني لتصور ابتسامة أنثى مرسومة بالمسطرة والقلم في المرسم الخاص لجميع الآلهة، أو يجعلني أحلق بعيداً في متاهات الكون، لأكتشف ما يوجد خلف أسوار البراقع، وما لون هاتين العينين المحصنتين والمحجوبتين عن الحساد والمتطفلين؟!
الخيال قد يوصلني إلى جمال يفوق الواقع، وتصبح العينان مجرد شبح للعينين اللتين رسمهما خيالي المبدع، وبعدها.. ربما أقتنع بخيالاتي وأحلامي، وأبحث عن كوخ وسط غابة نائية تحتضنه الثلوج بحب وحنان، كوخ يتسع لعاشقين قررا إضرام نيران الحب في هذه القطعة المسروقة من الجنة لينبعث النور إلى أربع جهات الأرض، وأبعد قليلاً!.
أغنية واحدة كانت كفيلة بتغيير مجرى الكتابة والحديث، لأنها تقدم لنا طبقاً شهياً من الكلمات السحرية التي تتغلغل في النفس المتعبة، فتمنحها الطمأنينة والأمان، وتدلها على طريق تلك المقولة التي أتيت على ذكرها سابقاً (بكرا أحلى) وأظن أنني مقتنع اليوم أكثر من أي وقت مضى بإمكانية تحقيق حلم الـ(بكرا أحلى) وهو حلم لا يحتاج إلى جهد كبير، حتى يتحول إلى واقع معيش على الأرض، فكل ما هو مطلوب الإيمان بأحلامنا، ومن ثم العمل لتجسيدها في واقعنا.
دعوني أقل: اليوم أحلى، ربما لأسباب غامضة، أو لسماع أخبار مشجعة، اليوم أحلى لمن يقول إننا صرنا في اليوم الذي قالوا لنا أمس: إنه سيكون أحلى، المهم أن نصل إلى الغد بفرح وأمل وتفاؤل، عندها سيكون بكرا أحلى.
أحسد نفسي فقد استطعت اليوم الخروج من واقع إلى حلم جميل على أمل أن أحصد ما زرعت، وتشرق شمس اليوم الآتي لتكون بداية مرحلة جديدة عنوانها العمل والأمل والحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن