الأمانة تثقل كاهل عباس النوري مجدداً.. «حارة القبة» دراما شائقة ولكن أين الجديد؟
| خلدون عليا
انتهى عرض الموسم الأول من مسلسل «البيئة الشامية» (حارة القبة) للكاتب أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي وإنتاج شركة «عاج» للمنتج هاني العشي الذي يعود بعد غياب لميدان الإنتاج التلفزيوني.
بلا شك فإن المسلسل حقق نسب متابعة عالية جداً واستطاع جذب الجمهور منذ حلقاته الأولى، وهو ما يحسب للبنيان الدرامي المتوازن والمعتمد على إيقاع متسارع في كل حلقة من حلقات العمل وفي الوقت نفسه إبراز حدث درامي جديد وعدم الاكتفاء بالاتكاء على حدث منفرد، فالتشويق لم يغب عن حلقة واحدة من حلقات العمل وكانت الحكاية في تصاعد مستمر وهو ما يحسب لكاتبه بالدرجة الأولى، وفي الحقيقة ليس الأمر مستغرباً عن أسامة كوكش فالكاتب استطاع أن يقدم جملة من الأعمال المميزة عبر تاريخه.
ومع كل هذا البنيان الدرامي المكثف والسرد الممتع يبقى السؤال هل من جديد في حارة القبة على صعيد الأفكار والحكايات؟ فالحقيقة ما شاهدناه من أحداث في المسلسل تم التطرق لها مسبقاً في مسلسلات بيئة شامية ومنها موضوع الأمانة، فهذه الحكاية تم التطرق لها مع النجم عباس النوري نفسه في مسلسل «ليالي الصالحية» ولكن هنا الحكاية بمعالجة جديدة، حيث إن صاحب الأمانة معروف ولكن الخلاف على موعد التعرف إلى ما في داخلها وإن كان المنطق الدرامي يقتضي أن يغلق هذا الخط مع نهاية هذا الجزء بالتعرف إلى ما بداخل الصندوق، ولكن ربما ذلك كان مرهوناً بالتسويق وتشويق الجمهور لحضور الجزء الثاني في ظل المنافسة الكبيرة بين الأعمال الدرامية.
على المقلب الآخر يبدو التناقض واضحاً بين تسبب بنت «أبو العز» بمشكلة كبيرة تركت تبعاتها على كل الحارة نتيجة لقائها شاباً وهو ما لا يتقبله «أبو العز» في حين يتقبل أن تكون زوجته الأخرى من دون غطاء رأس في مكان آخر.
من المنطقي أن تختلف البنية الاجتماعية بين مكان وآخر ولكن المستغرب أن يكون الشخص مختلفاً في تفكيره بين المكانين سؤال ربما يستحق التوقف عنده؟
ولعل قصة لقاء فتاة بحبيبها والعار الذي يمكن أن تتركه لعائلتها طرح في العديد من أعمال البيئة، وكذلك الأمر عودة «يامن الحجلي» من السفر برلك شبيهة بعودة قيس الشيخ نجيب ولكن النهاية مختلفة، ففي الأول عاد برجل مقطوعة وفي الثاني عاد بنهاية سعيدة جداً.
من المنطق الحديث أن الأفكار التي حملها «حارة القبة» لا تبدو جديدة وإن كان فتح خط «الضيعة» يبدو بوابة للعبور خارج نطاق الحارة والبحث عن حكاية جديدة، لكن في الحقيقة أن الأفكار التي طرحت في المسلسل مكررة جداً وتدور حول كل ما تم طرحه في أعمال البيئة الشامية، لكن ما يحسب للكاتب هو المعالجة الجديدة والبناء الدرامي المتين ولعلنا لا نخطئ إن قلنا إنها أحد أهم نقاط كسب الجمهور في ظل المنافسة الشديدة بين الأعمال.
وعلى صعيد الإخراج فلا يختلف اثنان على ما تحمله رشا من قيمة فنية عالية، فاستطاعت أن تقدم صورة مميزة وأن تعطي للحدث الدرامي أبعاده من زوايا مختلفة بكوادر ولقطات بدت مميزة جداً عدا استنهاض قدرات الممثلين بالصورة اللائقة والمميزة، وهو ما تنجح به رشا أينما حلت فتبدو قادرة على فهم أبعاد الحكاية وتسخير تفاصيلها لخدمة مشهد عام متوازن بإيقاع متصاعد.
وعلى صعيد الممثلين يظهر نجوم حارة القبة بصورة لافتة ولعل في مقدمهم خالد القيش وفادي صبيح وسلافة معمار الذين يقدمون أدوارهم بتكنيك عال وإيقاع متوازن.. يتكئ الثلاثة على مفرداتهم الغنية بالخبرة وعلى موهبة تخولهم التنويع في الأداء فيبرعون بتقديم شخصيات تلقى تفاعلاً كبيراً حتى لو كانت شريرة وهو برأيي ما نرجعه للشغف والبحث عن الاختلاف وعدم التنميط.
باختصار «حارة القبة» مسلسل شائق طرح نفسه كأحد الأعمال التي استقطبت المشاهدين ولعل النقطة الأهم أن وجوده كان منافساً على الساحة العربية لاستعادة ألق وحضور الدراما السورية، ولكن ما يجب البحث عنه هو الجديد في الجزء الثاني من العمل.