قضايا وآراء

المقاومة انتصرت فلنتمسك بإنجازاتها

| تحسين الحلبي

تثبت وقائع المجابهة الأخيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقوات الاحتلال أن الكيان الصهيوني تعرّض للخسائر التي يصعب تعويضها في زمن قصير، فهو عجز أولاً عن منع صواريخ المقاومة من السقوط في معظم أرجاء فلسطين المحتلة بكامل مساحتها تقريباً، وعجز ثانياً عن إرهاب الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة بقصفه الشديد والمكثف لأهداف مدنية بشرية وعمرانية في القطاع، وعجز ثالثاً عن كسر إرادة فصائل المقاومة برغم ميزان القوى غير المتوازن بينه وبين ساحة الميدان المتصدية لعدوانه في قطاع غزة.
وبالمقابل نجحت المقاومة بنشر رعب وفزع متزايدين في صفوف المستوطنين في مساحة واسعة من فلسطين دفعا الكثيرين منهم إلى الشعور العملي بأن اليهودي الآمن من أخطار هذه المجابهات التي لا تتوقف مع الفلسطينيين هو اليهودي الذي يقيم ويعيش في خارج هذا الكيان. ولا شك بأن استنتاجاً كهذا يشكل سلسلة إحباطات تجعل المستوطن يبادر بالتخلص من دوامة الرعب المتلازمة هذه باختيار العودة إلى وطنه السابق الذي يحمل جنسيته منذ عقود ماضية ولا شيء يمنعه من تنفيذ هذا الخيار الذي فضّله أكثر من مليون ونصف المليون من المستوطنين في السنوات العشرين الماضية ممن عادوا إلى أوطانهم في الدول الأوروبية وفي دول أخرى مثل الولايات المتحدة وكندا.
وتحتل هذه الحقيقة بأرقامها وجوهرها خطورة متزايدة أمام واقع أن الكيان الصهيوني تعرض في السنوات العشر الماضية إلى انحسار حاد في هجرة اليهود أو تهجيرهم إلى فلسطين المحتلة للسبب نفسه وهو انعدام الأمن بسبب المقاومة وتمسك الفلسطينيين بالبقاء فيما بقي من وطنهم السليب.
ومن جانب آخر لا يقلّ أهمية يواجه جيش الاحتلال الصهيوني دوامة لا تنتهي منذ احتلال بقية الأراضي الفلسطينية في عدوان حزيران 1967 والجولان العربي السوري وسيناء وهي عجزه الصارخ عن «تحقيق أي ردع عسكري فعال» ضد مقاومة الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة برغم اتفاقات أوسلو التي مر عليها 28 عاماً والتي اعتقد بعد توقيعه عليها أن القضية الفلسطينية انتهت فقد تبين أن الشعب الفلسطيني كله ومعه كل فصائل المقاومة تمكّن من فرض تحرير قطاع غزة ومن ردع جيش الاحتلال عن إعادة اجتياح القطاع أو إعادة احتلاله، وزادت المقاومة من قدراتها الصاروخية وغير الصاروخية بشكل متسارع برغم ست حروب شنتها قوات الاحتلال منذ عام 2007 ضد قطاع غزة وها هي الحرب السابعة لم تنجح بتغيير معادلة تزايد قوة الشعب والفصائل في القطاع ولا في بقية فلسطين المحتلة.
ويعترف المحللون من المختصين بالشؤون العسكرية في تل أبيب بأن جيشهم كان يقاتل منذ خمسين سنة ضد مقاومة فلسطينية متنوعة وذات أشكال مختلفة ولم يستطع تصفيتها وهو جيش معدّ لمحاربة جيوش أخرى وليس سبعة ملايين فلسطيني ينتشرون في كل مساحة فلسطين ويشكلون عدداً من جبهات الحرب المتداخلة في أراضي الضفة الغربية وفي الأراضي المحتلة منذ عام 1948 وفي جبهة حدودية خارجية هي قطاع غزة.
وفي ظل هذه الاستنتاجات الموضوعية التي أثبتها انتصار «سيف القدس» وتعزيز وحدة الصف الشعبي الفلسطيني مع المقاومة من المتوقع أن يلجأ الكيان الصهيوني إلى الاستعانة بأوراق الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة لتخفيض مضاعفات هاتين الدوامتين المتلازمتين في داخل فلسطين المحتلة وعند حدودها في قطاع غزة، ولذلك تصبح فصائل المقاومة أمام مهمة تفرض عليها التمسك بحقها في التخلص من الحصار الجاثم على الشعب الفلسطيني وهو حق يضمنه ميثاق الأمم المتحدة ومن دون أن يخضع إلى أي ابتزاز أو شروط تفرضها قوات الاحتلال المحيطة بالقطاع، فإعادة ما دمرته قوات الاحتلال هي حق من حقوق الإنسان ولا تخضع لأي شروط وكذلك الحصول على الغذاء والدواء والكهرباء والماء وهذا ما يجب تحقيقه من مكاسب شرعية في هذه المرحلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن