سورية

شعبان: الانتخابات الرئاسية أول انتصار سياسي بعد الانتصارات العسكرية

| الوطن

أكدت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية، بثينة شعبان، أن إجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها المحدد والزحف الجماهيري للإدلاء بصوتهم في مراكز الاقتراع يؤكد إرادة الشعب السوري ويعكس إخفاق السياسات الغربية تجاه سورية، معتبرة أنها أول انتصار حقيقي سياسي تحققه سورية بعد الانتصارات العسكرية.
وتحدثت شعبان في مقابلة مع قناة «الميادين» خلال برنامج «لعبة الأمم» عما سبق الانتخابات من ضغوط غربية مورست لعدم إجرائها، حيث ظن الغرب أنه بهذه الضجة يمكن أن يتدخل.
واعتبرت شعبان، أن حدوث الانتخابات في وقتها هو بحد ذاته تعبير عن الإرادة السورية المستقلة وعدم الاكتراث بما حاول البعض أن يمليه على سورية.
وأشارت إلى أن ألمانيا وفرنسا وأميركا استبقت الانتخابات وقالت إنها لن تكون حرة أو نزيهة، موضحة أنهم لم يتوقعوا هذا الزحف الجماهيري للشعب السوري وخاصة في مناطق خارج سيطرة الدولة.
وأوضحت، أن الشعب السوري في الداخل والخارج عبر عن حرصه على ممارسة هذا الحق وتحديه للإرادة الغربية، «وكان هذا أول انتصار حقيقي سياسي بعد الانتصارات العسكرية».
وأعربت شعبان عن اعتقادها بأنه لا بد للحشد الشعبي والمشهد الكبير الذي جرى في سورية أن يؤثر في صناعة القرار تجاه سورية مستقبلاً، بالرغم أنهم لم يظهروا على شاشاتهم الحشود الشعبية التي خرجت في أكثر من ليلة ويوم تأييداً لانتخاب الرئيس بشار الأسد، ولكن هم يدركون أن هذا المشهد الذي رأوه هو مشهد حقيقي ويعبر عن رأي ورغبة الشعب السوري، وأن الرئيس الأسد يستمد مشروعيته من الشعب السوري.
وأضافت «طبعاً قد لا تحدث الأمور بين عشية وضحاها، وقد يأخذ هذا وقتاً ولكن تصريحات روبيرت فورد بأن السياسات الأميركية فشلت تجاه سورية وأن الرئيس الأسد هزمنا بالسياسة في سورية، وأيضاً حجم البرقيات ولغتها التي وصلت إلى الرئيس الأسد كانت مؤشراً هاماً لتقييم هذه الانتخابات.
ولفتت إلى أن ردة فعل الشعب السوري والحشود الشعبية التي شاهدناها والتي عبر عنها الرئيس الأسد في كلمة الشكر التي وجهها للشعب السوري، كانت تحدياً واضحاً، تحدياً بلغة الجسد لكل محاولات كسر إرادة هذا الشعب، سواء من خلال الإجراءات القسرية، أم من خلال محاربته بلقمة عيشه أم وسائط نقله أم بكهربائه وخدماته، وأضافت: «أعتقد أن أبلغ جواب أجابه الشعب السوري للقوى التي استهدفته هو أننا ماضون في خياراتنا وقرارنا وأن كل إجراءاتكم لن تؤثر علينا، وهذا الكلام مسؤولية ويحتاج إلى عمل مضنٍ في المستقبل، وكما قال الرئيس الأسد هو يحتاج إلى عمل ومقاومة وإلى صمود وهذه البنود الثلاثة هي التي عبر عنها الشعب السوري بهذا الزحف».
وأعربت شعبان عن اعتقادها أن الرئيس الأسد باختياره مدينة دوما التي كانت معقلاً للعصابات الإرهابية التي روّعت الناس، أراد أن يقول إن شعبنا في دوما كان رهينة لهذه العصابات ولم يكن شريكاً لها، لأن الكثير من الترويج الغربي كان يتهم بعضاً من الشعب أنه هو ممالئ لما يجري ولشذاذ الآفاق.
وأضافت «أراد أن يقول هذا الشعب الوطني المنتمي الذي كان رهينة للعصابات الإرهابية، نحن هنا سوية لنفرح بالتخلص من الإرهاب، وكانت الحشود الموجودة وفرحها بقدوم الرئيس الأسد خير دليل على أن هذه المشاعر كانت مشاعر حقيقية وأن الموقف كان حقيقياً، وطبعاً الرئيس الأسد هو الذي بدأ بالمصالحات بوقت مبكر جداً حتى مع الناس الذين ضلل بهم، وهذا مسار مهم في مسار الحرب على سورية لأنه يطوي صفحة ويرحب بأبناء الوطن الذين ضلل بهم ليستأنفوا حياتهم الطبيعية.
وأكدت شعبان أن الرئيس الأسد لا يحاول أن يظهر أنه المنتصر، والشعب هو الذي يقول إن الرئيس الأسد منتصر وليس هو من يقول.
وأوضحت شعبان أن مرحلة الوعي التي وصل إليها الشعب السوري، هي مرحلة هامة جدا، في هذه الفترة، وهي تعبير عن انحيازه للإرادة المستقلة، وعن رفضه للضغوط، لأن الشعب تعرض خلال السنوات العشر الماضية للضغوط والإجراءات والكلام والمقالات التي لا تليق بسورية وقيادتها، فكان رد الشعب السوري على كل الظلم الذي لحق بسورية، والذي لحق بالشعب وقيادته.
ولفتت إلى أن صمود الرئيس الأسد خلال عشر سنوات كان صموداً هاماً بالنسبة لكل مواطن سوري، لأنه «لا سمح الله» لو اهتز الرئيس الأسد لكانت الصورة، ومصير سورية مختلفاً، لأن الشعب يستمد صموده من القيادة السياسية، وبرهن أن رؤيته هي الرؤية السليمة، وأن الصمود وإصرار الشعب على موقف سليم يعني أنه لا يقهر، خاصة أن التحام الشعب مع قيادته يبرهن التاريخ أكثر من مرة بأنه أعظم من أي قوة مهما كانت عاتية.
ورداً على سؤال حول تزامن الانتخابات مع انتفاضة الشعب الفلسطيني وتصدي المقاومة للعدوان على غزة، أوضحت شعبان أن كل الوطن العربي وأحداثه مترابطة، واللحمة الجغرافية والتاريخية بين سورية وفلسطين قوية، معتبرة أن صمود سورية أثّر على الشعب الفلسطيني معنوياً، «ولولا عدم صمود سورية لاختلف المشهد في المنطقة»، ولافتة إلى أن الجو في المنطقة أصبح إيجابياً ومليئاً بالتحدي للقوى التي تريد كسر إرادة الشعب.
وقالت: «الشعبان الفلسطيني والسوري يستردان الكرامة أمام العنصرية والغرب».
وأوضحت شعبان أن سورية بموقعها وصمودها ومقاومتها تلعب دوراً في الشأن الفلسطيني، وفي العالم العربي، وأتت الهبّة الفلسطينية لتقول إن المقاومة هي الحل وليس التطبيع.
ولفتت إلى أن الدول الأوروبية التي فتحت سفاراتها في دمشق مؤخراً أخذت قراراتها بذاتها، ويجب عدم النظر إلى الدول الأوروبية كتلة واحدة لأنه هناك اختلاف فيما بينها بالمواقف، «ونحن نتعامل مع هذه الدول منفردة».
وأوضحت أن الرئيس الأسد في كلمة الشكر التي وجهها للشعب السوري، عرّف الوطنية وفرّق بين الإنسان الوطني والإنسان الخائن وهما ضدان، و«أعاد تعريف ثورتهم» (الإرهابيين)، وأن الشعب السوري يقوم بثورة على المسار السابق عنوانها الشرف ضد كل ساقط ارتضى أن يكون مطية، ولخص ما قام به الشعب بروح التحدي ضد الإجراءات التي تُمارس ضده.
وذكرت أنه ليس مهمة كلمة الشكر أن تفصّل مسار المرحلة القادمة، وإنما خطاب القسم من يفصّل المرحلة القادمة وهو الذي يلقي الضوء على المرحلة الجديدة وعناصرها.
وأشارت إلى أن التوجهات العامة للمرحلة القادمة بدأت ولم تنتظر خطاب القسم، موضحة أن شعار «الأمل بالعمل» فسّره الرئيس بلقائه رجال الأعمال القادمين من حلب وتأكيده على الصناعة والزراعة، والمشاريع الصغيرة.
وذكرت أن الرئيس الأسد لا ينتظر المناسبات لإطلاق المبادرات، ولذلك لم ألحظ انقطاعاً في التفكير بما يجب أن يكون والعمل مستمر وملامح المرحلة القادمة هي أن تحرير الأراضي التي تحت الاحتلال أولوية وحشد الطاقات من أجل هذا الهدف غاية في الأهمية والحفاظ على قرارنا المستقل وعلاقتنا مع أصدقائنا وحلفائنا.
وأشارت إلى أنه دستوريّ حين تنتهي الولاية الرئاسية الحالية وتبدأ الولاية الجديدة تعتبر الحكومة بحكم المستقيلة، وسيكون هناك تغيرات.
وحول العلاقات مع الدول العربية التي قاطعت سورية أوضحت شعبان أن سورية لم تبادر إلى مقاطعة تلك الدول وإنما الأخيرة هي التي قاطعت ويعود الأمر لها لتبادر، وسورية تتمنى أن تكون العلاقات العربية متميزة، ومبدؤنا هو أن قوتنا في وحدة الصف والموقف، ونحن مع عودة العلاقات حين ترى تلك الدول أنها قادرة على عودة العلاقات.
وحول العلاقات مع السعودية أشارت شعبان إلى أن الأمور لا تنضج بين عشية وضحاها وهناك جهود تبذل ونحن منفتحون ومرتاحون لأننا مؤمنون أن تحصين الوضع الداخلي هو الأساس.
وحول تصريحات وزير خارجية مشيخة قطر الأخيرة تجاه سورية أوضحت شعبان أن قطر علاقتها متميزة مع تركيا، وهناك تشابك في العلاقات بينهما، والأمر لا يعنينا أين تكون علاقات قطر ومع من تكون، لأن مصلحة الشعب السوري في العمل والانفتاح والعمل على تجاوز المحنة والإعمار في البلد.
وأكدت شعبان أن الصين لا تحجم عن الاستثمار في سورية، ولكن آليات العمل فيها تختلف عن أي دولة أخرى، وهناك مساعدات ورسائل ودية، لافتة إلى أن المحطة الأولى في جولة وزير خارجية الصين الأخيرة إلى المنطقة كانت مقررة في دمشق ولكن الظروف لم تسمح ولكنه سيزور سورية، وبرقية الرئيس الصيني للرئيس الأسد ليست عادية أو بروتوكولية، بل برقية عمل.
وذكرت أن هناك مشاريع مقترحة من قبلنا ومن قبل الصين وهي في مرحلة الإعداد والدراسات، مشيرة إلى أن برقية الرئيس الصيني تأتي انسجاماً مع الاتفاق الذي وقعته الصين مع إيران، وأرى أنها خطوة متقدمة لتحدي الإجراءات القسرية المفروضة على الشعب السوري في المرحلة القادمة، وأضافت: «المنطق يقول إنهم (الصين) قادرون على المساهمة في إعادة إعمار سورية».
وحول القمة المرتقبة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن وإن كانت سورية تأمل منها شيئاً، أشارت شعبان إلى أن هناك الكثير من الملفات الأوروبية وروسيا وأميركا.
وأوضحت أن الأميركي يحاول أن يظهر أنه له اليد العليا، وهذا غير صحيح، مشيرة إلى أن سورية قد تكون على أجندة مباحثات بوتين وبايدن المقبلة، لافتة إلى أن روسيا دولة حليفة وصديقة وشريكة في محاربة الإرهاب وأميركا تحتل أراضي سورية، وأول ما نريده من أميركا أن تنهي احتلالها للأراضي السورية.
وأضافت: «الولايات المتحدة تسرق نفطنا وقمحنا وتحتل أرضنا وتدعم مجموعات انفصالية وتمولهم وتسلحهم، وتسللوا إلى سورية ويخرقون السيادة السورية، ويقولون نحن من أجل محاربة داعش، والنفط السوري من حق الشعب وهذا كلام منافٍ للواقع».
وحول ما يجري من انتفاضة شعبية في منبج ضد ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» الانفصالية العميلة للاحتلال الأميركي لفتت شعبان إلى أن الكثير من المواطنين اخترقوا كل الحصار واقترعوا ومارسوا حقهم الانتخابي، ونحييِّ الشباب الذين يرفضون التجنيد الإلزامي المفروض من المجموعات الانفصالية.
وأوضحت شعبان أن سورية جزء من المنطقة ومن محور المقاومة، وهي مهتمة في توثيق ما جرى في الحرب على سورية من أفواه الناس التي عاشت الحرب، وسوف نكتب تاريخ العشر سنوات بأيدينا، ولكن الموضوع مهم لفلسطين والعالم العربي، فجزء من المعركة معركة إعلامية، لأن الغرب والصهيونية اعتادوا على أن يحتكروا الحقيقة، وفي سورية كانت الخطة الإعلامية مرافقة للخطة العسكرية.
وأوضحت «مصرون على أن نكتب على تاريخ العشر سنوات كما جرت بالتفصيل والحقائق والشهود، ونخطط لنشر هذا التاريخ باللغات الحية»، مشيرة إلى أنه يجب أن نبين أن الحرب على سورية ضربت مصداقية الإعلام الغربي، وبوصول السوشيال ميديا إلى هذا الحد من التأثير، لن يكون المستقبل الإعلامي كما يريدون.
وفي وقت سابق أمس التقت شعبان الباحثة أورينا زفياغيلسكايا مديرة مركز دراسات الشرق الأوسط في معهد أبحاث الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية الروسي والوفد المرافق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن