رياضة

المجموعة الثالثة في بطولة يورو 2021 … مهمة سهلة للطواحين وظهور أول لمقدونيا

| خالد عرنوس

أيام قليلة تفصلنا عن الحدث الكروي الأهم في صيف 2021 والمتمثل بنهائيات كأس الأمم الأوروبية بنسختها السادسة عشرة والمؤجلة من العام الماضي كما يعلم الجميع، وبدأنا في «الوطن» قبل أيام قليلة الحديث عن المنتخبات الأربعة والعشرين المشاركة فقدمنا للمجموعتين الأولى والثانية، ونطل اليوم على منتخبات المجموعة الثالثة التي تعتبر أسهل المجموعات الست والمقصود على كبيرها المنتخب الهولندي الوحيد المتوج بلقبها عام 1998 بل هو الوحيد الذي بلغ الدور الثاني أساسا، وإلى جانبه فيها المنتخب الأوكراني والمنتخب النمساوي وكلاهما لم يظهر في النهائيات إلا عندما استضافت بلاده البطولة، وقد استمر بالظهور خاصة الأول لكن دون بصمة تذكر في حين الثاني اكتفى بحضور ثان، أما المنتخب الرابع فليس سوى الضيف الأخير على البطولة ونعني منتخب مقدونيا الشمالية بقيادة المخضرم باندييف الذي تأهل عبر الملحق، وكالعادة في هذه النسخة ستقام منافسات المجموعة في دولتين بحيث تتقاسم بوخارست العاصمة الرومانية وأمستردام العاصمة الهولندية المباريات الست.

طواحين بانتظار الدوران

عاشت الكرة الهولندية سنوات زاهرة في أوقات متفاوتة منذ صعود نجمها مطلع السبعينيات، فبلغ منتخب الطواحين نهائي المونديال مرتين عبر جيل لم ولن يتكرر من الجمال والمتعة (كرويف ونيسكينز ورينسينبرينك وريب وسواهم) وكانت الخسارة أمام صاحب الأرض في المرتين، وتوج بعدها بطلاً للقارة العجوز عبر جيل آخر كان أكثر زخماً (غولييت وفان باستن ورايكارد) لكنه كان أسرع انكساراً فغابت الكرة الشاملة لسنوات عن الأضواء قبل أن تعود من بوابة الوصافة المونديالية مرة أخرى وهذه المرة ليست لحساب أصحاب الأرض بل أمام اللاروخا الإسباني وأيضاً جيل متميز آخر (شنايدر وروبن وفان بيرسي)، وغطّت الكرة الهولندية في نوبة أخرى من السبات لم تستمر طويلاً لكنها انتهت بغياب غير منتظر يورو 2016 ثم عن العرس المونديالي عام 2018، ولكن لأن الفرق الكبيرة تمرض ولا تموت فقد عادت كرة القدم الهولندية إلى الواجهة من جديد لكن مع عقدة جديدة من الوصافة تمثلت بخسارة نهائي دوري أمم أوروبا بنسخته الأولى وتعود معها عقدة الفريق المضيف بالخسارة أمام البرتغال في لشبونة صيف 2019.

ومع ذلك فإن المراقبين ينتظرون إنجازاً آخر من الجيل الحالي للمنتخب البرتقالي ليس لأن الهولنديين عودونا على طفرة كل عقد أو عقدين من الزمن بل لأن العناصر الحاضرة حالياً تستجلب ذاكرة الأجيال المذكورة السابقة وهي قادرة على صنع الفارق خاصة في حال وجود مدرب قدير يحسن توظيف إمكانياتها الرائعة، ولن يجد المدرب الحالي فرانك دي بوير الذي أكمل مسيرة جيل البطولة الأوروبية أفضل من النهائيات الأوروبية الحالية لإثبات قوة الطواحين وترجمة أحلام أبناء الأراضي المنخفضة إلى واقع على الملاعب الإنكليزية في الأدوار النهائية لاسيما أن الطريق سيكون معبداً للوصول إليها أقله على الورق في ظل خوض مباريات الدور الأول في ملعب يوهان كرويف.

نجوم وسجل

على الرغم من بعض الغيابات وعلى رأسها القائد فيرجيل فان ديك فإن الكثيرين يحسدون المدرب دي بوير على نجومه الحاليين بداية من مدافع يوفنتوس ماتياس دي ليخت وليس انتهاءً بلاعب ليون ممفيس ديباي وبينهما أبناء دي يونغ، فرانكي نجم برشلونة ولوك مهاجم إشبيلية، وعلى القائمة أيضاً جورجينو فينالدوم القريب من برشلونة ودوني دي بيك (مان يونايتد)، وكوينسي بروميس (سبارتاك موسكو) وستيفان دي فري (إنتر ميلانو) والخبير داني بليند (أياكس) ومارتن دي رون (أتلانتا)، ولاننسى ثنائي هجوم إيندهوفن كودي جاكبو ودونيل مالن وكذلك ثنائي وسط أياكس غرافنبيرش ودافي كلاسن ومهاجم فولفسبورغ فاوت فيغهورست ومن فينيورد هناك ستيفن بروغهاوس، وفاجأ دي بوير الجميع باستدعاء الحارس المخضرم مارك ستيلينبرغ (38 عاماً) والذي خاض نهائي مونديال 2020 ليكون بديلاً لياسبر سيليسن وربما شارك أساسياَ.

وظهر المنتخب الهولندي في خمس نسخ سابقة احتل في أربع منها المركز الثالث (3 مرات خسر نصف النهائي)، وتوج بلقب 1988، وخرج من ربع النهائي مرتين وغادر مرتين من الدور الأول، وخاض 35 مباراة فاز بـ17 منها مقابل 8 تعادلات و10 هزائم والأهداف 57/37، وتأهل إلى النسخة الحالية عبر وصافة المجموعة الثالثة وراء الجار الألماني وخاض 8 مباريات فاز بست منها وخسر مرة وتعادل بأخرى.

الأصفر والأزرق والأسطورة

لم تعرف كرة أوكرانيا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي الكثير من النجاح رغم أن أنديتها سطّرت عدداً من الإنجازات تحت راية الإمبراطورية بل إن نجومها شكلوا رموزاً لكرة السوفييت أمثال بلوخين وقبله ياشين، فلم يظهر المنتخب الأصفر والأزرق في المونديال سوى مرة واحدة وإن سجل فيه نتائج جيدة وخسر في ربع النهائي فيه أمام الآتزوري البطل فيما بعد وكان ذلك في نسخة 2006، لكنه أوروبياً لم يشارك إلا عندما استضافت بلاده نصف الحدث عام 2012 وخرج بفوز يتيم في مجموعة قاسية عليه، أما في المشاركة الثانية في 2016 فقد جاءت سيئة بكل المقاييس عندما خسر مبارياته الثلاث أمام ألمانيا وبولندا وإيرلندا الشمالية بل دون أن ينجح لاعبوه بتسجيل أي هدف.

الخروج المذل وضع المسؤولين عن الكرة الأوكرانية على حافة التغيير الجذري فكان تعيين الأسطورة السابقة أندريه شيفشينكو (لاعب ميلان وتشيلسي) والهداف الذي لا يشق له غبار مدرباً جديداً فجاء التغيير إيجابياً إلى حدٍ كبير، فعلى الرغم من السقوط في تصفيات مونديال 2018 أمام كرواتيا وآيسلندا إلا أن بوادر انطلاقة جديدة لاحت بالأفق فكان الاحتفاظ بأندريه الذي أتى بأكله فيما بعد فكان أن تجاوز التصفيات القارية باقتدار ودون هزيمة فتصدر المجموعة الثانية على حساب البطل البرتغالي ليحضر النهائيات القارية للمرة الثالثة على التوالي وليدخل مرشحاً لأدوار متقدمة فيها وزاد في هذا التوقع المجموعة التي وقع فيها، وكان الفريق خاض النسخة الأولى من دوري الأمم في التصنيف الثاني فتصدر مجموعته على حساب التشيك والسلوفاك ليتأهل إلى التصنيف الأول فلعب ضمن المجموعة الرابعة لكنه احتل المركز الثالث وراء اللاروخا والمانشافت.

ويعتمد شيفشينكو في البطولة على تشكيلة من اللاعبين المحليين يقودها الحارس أندريه بياتوف ومعه أرتيم بيسايدين وشابارنكو وكارافييف وزاباريني وسيدرشوك، إضافة إلى بعض المحترفين وأشهرهم زينشينكو لاعب السيتي ومالينوفسكي (أتلانتا) ويارومولينكو (ويستهام) وسوبول (بروج) ورومان بيزوس ورومان يارمتشوك (جينت) وزوبكوف (فرنسفاروش) وبودان مخائيلشينكو (أندرلخت).

المانشافت النمساوي

المنتخب الثالث في هذه المجموعة هو النمساوي الذي كما سابقه الأوكراني لم يظهر في البطولة إلا متأخراً بل لم يخض النهائيات قبل أن تستضيف بلاده قسماً من نسخة 2008 وبالتالي فتاريخه فيها لا يتجاوز مشاركتين أنهاهما منذ الدور الأول ولم يسجل خلالهما أي فوز، وبالتالي فهو يبحث عن فوز أول يأمل بتسجيله منذ المباراة الافتتاحية على حساب الضيف الجديد (المقدوني)، وعدم مشاركة المنتخب النمساوي ليس معناها أننا أمام فريق صغير تاريخياً، فالفريق الذي أطلق عليه يوماً ما الفريق الخارق بدأ مبكراً ومرً بفترة ذهبية قطعتها الحرب العالمية الثانية، فقد حل رابعاً في مونديال 1934 وغاب عن 1938 بفعل الغزو النازي عاد واحتل المركز الثالث في مونديال 1954، لكنه تراجع بعدها واعتبر مجرد حضور لمونديالي 1978 و1982 وتجاوزه الدور الأول يعد إنجازاً ذلك أنه تراجع من جديد ليحتل مكاناً لا يليق بمكانة تاريخ بلاده وهاهو يحاول العودة مجدداً لكن دون طائل.

في البطولة الحالية لا يبدو أنه قادر على اجتراح المعجزات لكن أنصاره يأملون بتجاوز الدور الأول في مرحلة أولى، ويقوده في البطولة المدرب الألماني فرانكو فودا والذي اختار تشكيلة يلعب معظم أفرادها في دوري بلاده، فمن فرانكفورت اختار ستيفن إلسانكر ومارتن هينتربرغر ومن مونشن غلادباخ ستيفان لينير وفالنتينو لازارو، وستيفان بوش وفلوران غريلليتش من هوفنهايم وكريستوف بومغارنتر من ليفركوزن وسابتشير من لايبزيغ وترميل من يونيون برلين وغيرهم، إضافة إلى القائد ديفيد ألابا المنتقل إلى ريال مدريد ولويس شوب المحترف في سويسرا.

وداعية غوران

منتخب مقدونيا هو أحد ضيفين يشاركان للمرة الأولى في البطولة وقد لعبت زيادة عدد المنتخبات ونظام التأهل إلى النهائيات دوراً في وصول المنتخب الملقب بـ«الوشق» أو «الأسود» إلى البطولة بعدما خاض مباريات الملحق وفاز خلالها على كوسوفو وجورجيا بفضل العمل الكبير للمدرب إيغور أنجلوفسكي وبعض لاعبيه المحترفين في القارة العجوز وخاصة المخضرم غوران باندييف صاحب الخبرة الواسعة والبالغ من العمر 37 عاماً وهو اللاعب الأكثر خوضاً للمباريات الدولية في بلاده والهداف التاريخي للمنتخب (117 مباراة و37 هدفاً) والذي صنع لكرة بلاده اسماً عندما شارك مع إنتر بالتتويج بالثلاثية التاريخية عام 2010، وتعتبر بطولة اليورو حفلاً وداعياً للاعب الكبير ويتوق لرد الجميل لبلاده من خلال تسجيل نتائج جيدة، وبالطبع فإن الفوز المفاجئ للمنتخب المقدوني على المانشافت الألماني قبل شهرين ضمن تصفيات مونديال 2022 وضع زملاءه في دائرة الضوء ومنهم إيلف إلماس لاعب نابولي وبوبان نيكولوف لاعب ليتشي والكسندر تياكوفسكي وإينس بردهي المحترفان في إسبانيا إضافة إلى إيزغان أليوسكي لاعب ليدز ولاعب أيك اليوناني سبيروفسكي.

المنتخب المقدوني خاض 70 مباراة منذ استقلاله عن يوغسلافيا ضمن التصفيات المؤهلة إلى يورو ففاز بـ17 منها وتعادل بـ16 وخسر 37 مرة، أما أفضل نتائجه فكانت في تصفيات 2008 عندما خاض 12 مباراة ففاز بـ4 منها واحتل المركز الخامس بين سبعة منتخبات يومها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن