ثقافة وفن

«سوق الحرير» دراما بنكهة الصورة المختلفة والنص بحاجة لعكازين

| خلدون عليا

شكل جديد من دراما البيئة الشامية قدمه صناع مسلسل «سوق الحرير» بجزئه الثاني في الموسم الرمضاني وبالتحديد على صعيد الصورة البصرية حيث كانت عودة المخرج المعروف المثنى صبح للدراما السورية بعد غياب طويل نقطة ارتكاز لنجاح العمل.
استطاع العمل أن يحقق نجاحاً جيداً ونسب متابعة جيدة عند عرض موسمه الثاني فالحكاية بشكل عام لا تخلو من التشويق في مطارح عديدة منها ولكنها في الوقت نفسه كانت مستنفذة بشكل كبير وضعيفة في مطارح أخرى منها، فليس من المنطقي أن يفلت «شحادة» من كل تلك المصائب التي أدانته بهذه السهولة، في حين تحصل «خديجة» (قمر خلف) على طفلة بكل هذه السهولة عندما علمت أنه لا مشاكل لديها بالإنجاب أو حتى عند معرفة أحد طفلي عائلة «الحرايري» بأن والدته توفيت كانت الحكاية عبارة عن دراما تستجدي العواطف أكثر من كونها حكاية لها بداية وذروة ونهاية.

وعلى الرغم من ذلك فإن عنصر التشويق الذي اتبعه صناع العمل مكنهم من التعويض عن مطبات النص الذي كان يحتاج لعمل أكبر وشغل على مفاصله وتكوين شخصياته درامياً وهو ما لم يتمكن المخرج المثنى صبح من فعله بسبب ضيق الوقت وخصوصاً أن العمل استمر تصويره خلال شهر رمضان بالتزامن مع عرضه، ولعل المعلومات تشير إلى أن نص الجزء الثالث والأخير يجري التحضير له من الآن ليكون بصورة مختلفة وخصوصاً أن الحكاية استنفدت بالكامل ولم يعد هناك مجال للعب على خيوط ثأر «شحادة» (فادي صبيح) من آل الحرايري واكتشاف «عبد اللـه» (سلوم حداد) لأصله وعودته لأهله، فأصبحت الحاجة واضحة لدوافع درامية وقصص بديلة تحل مكان الأحداث التي بني عليها الجزأان الأولان.
أما على صعيد الجزء الثاني فقد قدم المثنى صبح تصويراً بصرياً جديداً وحالة من التلاعب بالصورة لتعويض الفاقد الحكائي إلى حد ما في النص فاستطاع رسم كوادر مختلفة لدمشق في تلك الحقبة وأماكنها عن طريق تصوير شوارع ومبان وأزقة من خلال الكروما ومن ثم تركيب المشاهد بتقنية الغرافيك والمونتاج لتخرج الصورة وكأنها مدينة دمشق في الخمسينيات.
المثنى المعروف بخبرته وتجربته الواسعة محلياً وعربياً يبدو واضحاً أنه ركز على التفاصيل البصرية والكوادر لتعويض جانب من تهلل الحكاية في بعض المطارح فكان كعادته الورقة الرابحة لأي عمل درامي، فمشهد لقاء «عبد اللـه» مع أمه كان مبهراً بصرياً على صعيد دوران الكاميرا والتقاطها بكوادر مختلفة للحظات حقيقية لا يمكن أن تنسى فبرع صبح في تقديم تخيل درامي متين لبناء مشهد بل ركيزة أساسية من ركائز العمل.
أما على صعيد الأداء فقد ضم العمل نخبة من نجوم الدراما السورية ولعل أداء بسام كوسا وسلوم حداد وفادي صبيح وقمر خلف ومعهم كاريس بشار كان الأكثر جاذبية رغم أن مساحة أدوارهم لا تعطيهم القدرة على تطوير شخصياتهم أدائياً ولا تتيح لهم مساحات لإبراز قدراتهم، فكانوا يتحركون ضمن نطاق ضيق فرضته حكايات الشخصية ومع ذلك فلقد استطاع بسام وسلوم رسم تصور مختلف عن أدوارهما السابقة وقدما شكلاً جديداً بأدائهما ومعهما قمر خلف التي استطاعت أن تكون متميزة بالحالات التي مرت بها شخصيتها وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس التي برعت كعادتها بأداء هذا النمط من الأدوار ولكنه لم يحمل أي جديد بالنسبة لها كممثلة ويمكن القول إنه دور مكرر بالنسبة لها على الرغم من براعتها بأدائه.
بشكل عام يبقى «سوق الحرير» من الأعمال الجيدة نسبياً على الرغم من ثغرات النص التي رافقته والذي كان يحتاج لعكازين يستند عليهما للرفع من مستواه بانتظار ما سيسفر عنه الجزء الثالث من العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن