سورية

عناصر الإستراتيجية الأميركية المتطورة في سورية … قوات خاصة لمساندة «الجيش الديمقراطي» ضد داعش في الرقة.. و«تاو» للمسلحين ضد الجيش السوري شمال غرب البلاد

الوطن- وكالات :

بدا أن الإدارة الأميركية اهتدت إلى إستراتيجية جديدة بشأن سورية. تتشكل هذه الإستراتيجية من العناصر التالية: إرسال قوات خاصة إلى سورية لتدريب ودعم مسلحي ما يسمى «جيش سورية الديمقراطي» من أجل دحر تنظيم داعش الإرهابي عن مدينة الرقة، توسيع برنامج سري لوكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي. آي. أيه» ينقل أسلحة إلى المجموعات المسلحة الموجودة شمال غرب سورية، وأخيراً، حملة دبلوماسية جديدة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري تمر من العاصمة النمساوية فيينا، تهدف إلى إيجاد حل سياسي للأزمة المشتعلة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة.
من جهة أخرى اختلفت التقييمات الأميركية بشأن قرار الرئيس باراك أوباما إرسال عناصر قوات خاصة إلى سورية. وصف بعض المسؤولين الحاليين والسابقين القرار بالتصعيد العسكري المحسوب، الذي من شأنه أن يزيد نفوذ الولايات المتحدة في ساحة القتال وخارجها. في المقابل، اعتبر مسؤولون أميركيون سابقون أن قرار أوباما سيؤدي إلى تقسيم سورية.
وقد لا تكون إضافة ما يصل إلى 50 جندياً أميركياً وحدها كافية لتغيير الحرب في سورية بشكل جوهري. فهذه القوات صغيرة جداً نسبياً من الناحية العددية، ولن تقوم إلا بدور استشاري ومعاون، تاركةً الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على حلفائها المحليين، الذين لم يثبت دائماً أنه يمكن الاعتماد عليهم. لكن، يمكن أن يساعد إرسال أولئك الجنود في الحد من تصورات في الشرق الأوسط بوجود تردد لدى الولايات المتحدة في أعقاب مواقف محرجة تعرضت لها إدارة أوباما، وعززت أيضاً الانتقادات الداخلية لسياسته الخارجية. من ذلك انهيار برنامج لوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بلغ حجمه نصف مليار دولار لتدريب وتجهيز المقاتلين السوريين، وكذلك قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل العسكري في سورية، والذي جاء بسرعة لم تكن متوقعة.
وأدى الإعلان عن إرسال المستشارين العسكريين الأميركيين أول من أمس الجمعة إلى قلب إستراتيجية عمرها عام تركزت على دعم مقاتلي «المعارضة السورية»، الذين يحاربون تنظيم داعش من دون نشر جنود أميركيين على الأرض. وقال مسؤول في إدارة أوباما شريطة عدم نشر اسمه: «إنه (قرار أوباما) يهدف بالتأكيد إلى توجيه رسالة مفادها: إننا نعزز أداءنا داخل سورية وإننا جادون تماماً في ملاحقة داعش، وإنه لن تثنينا أي محاولات (روسية وإيرانية) لدعم (الرئيس بشار) الأسد».
ويشمل تغير الإستراتيجية أيضاً، وضع عدد أكبر من الطائرات الأميركية في تركيا لتعزيز الغارات الجوية الأميركية، مع استعداد مقاتلين من «جيش سورية الديمقراطي» المؤلف من تحالف بين «وحدات حماية الشعب» ذات الأغلبية الكردية، ومجموعات مسلحة أصغر تتركز في محافظة الرقة، للتقدم صوب مدينة الرقة، التي تعد فعلياً عاصمة تنظيم داعش في سورية.
وقال مبعوث وزارة الخارجية الأميركية السابق إلى سورية فريدريك هوف: إن مجرد إرسال الولايات المتحدة حفنة من الجنود خطوة أشبه بالإسعافات الأولية أكثر من كونها تحركاً يغير قواعد اللعبة. ولكنه قد يفتح أبواباً. وأضاف: إن واشنطن ربما تتمكن من خلال المجازفة باتخاذ خطوة أكبر على الأرض في سورية من تحفيز القوى الإقليمية على توفير عناصر القتال البري اللازمة للقضاء على تنظيم داعش في سورية. وبالتوازي مع إرسال القوات الخاصة لمساندة الهجوم المنتظر على الرقة، زادت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) في الآونة الأخيرة، وبالتعاون مع السعودية وقطر، من الجماعات التي تمدها سراً بأسلحة منها صواريخ «تاو» المضادة للدبابات، حسبما قال مصدر على دراية بعملية الدعم.
وقال مصدر آخر إنه تم هذا الشهر تسليم شحنة جديدة كبيرة من صواريخ «تاو» لجماعات مسلحة تقاتل قوات الجيش العربي السوري المدعومة بالطائرات الروسية في شمال غرب البلاد، وتصنفها الولايات المتحدة أنها «معتدلة» نسبياً.
وعلى الرغم من «المراقبة الدقيقة» التي تفرضها «السي. آي. إيه» وحلفائها في المنطقة على عملية توزيع صواريخ «تاو» لضمان ألا تصل إلى يد الجهاديين المتشددين، أقرت المصادر الأميركية بأن عدداً محدوداً على الأقل من هذه الصواريخ وصل إلى الأيدي الخطأ، لكنها أشارت إلى أن المسؤولين الأميركيين ليست لديهم خطط لتقديم أي نوع من الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف من طراز «مانباد»، للمعارضة السورية. واللافت أن إعلان البيت الأبيض عن قرار إرسال قوات عمليات خاصة إلى سورية جاء في اليوم نفسه الذي وجهت فيه 17 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة نداء بوقف إطلاق النار في أنحاء سورية خلال محادثات جرت في فيينا.
وقال كيري، الذي كان في فيينا إن توقيت الإعلان الأميركي جاء من قبيل المصادفة. وأشار عدد من المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا إلى وكالة «رويترز» شريطة عدم ذكر أسمائهم، إلى أن الخطوات العسكرية لا تهدف إلى زيادة الضغط الدبلوماسي في تلك المفاوضات. لكن أحد المسؤولين أقر بأنها زادت من شعور بوجود قوة دفع فيما يتعلق بالأزمة السورية.
وقال مسؤول أميركي: إن الإدارة تأمل في أن تعزز الدفعة العسكرية الرامية لدحر داعش والجهود الساعية لحل دبلوماسي لإنهاء حكم الرئيس الأسد بعضها البعض بمرور الوقت.
وقال ديريك كوليت، الذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع في عهد أوباما، إن القرار الأميركي بإرسال قوات عمليات خاصة لسورية وتعزيز الوضع الجوي الأميركي «يعطينا قوة للسير في المسار الدبلوماسي». وأضاف: «بهذه الخطوات المنسقة نرى إستراتيجية سياسية عسكرية تتشكل لكنه لم يعلق على أسئلة بشأن برنامج وكالة «السي. آي. إيه» في سورية.
في المقابل، اعتبر المدير الأسبق لهيئة التخطيط في وزارة الخارجية الأميركية ريتشارد هاس، أن نجاح خطة إرسال قوة أميركية إلى سورية سيؤدي إلى تقسيم البلاد.
وخلال مقابلة مع شبكة «سي. إن. إن» الأميركية للأخبار، أوضح هاس، الذي يترأس «مجلس العلاقات الخارجية» بنيويورك أحد أهم مراكز الأبحاث الأميركية: «لا أريد أن أقلل من شأن هذه الخطوة، ولكنها ليست طموحة بما فيه الكفاية، هذه ليست إستراتيجية لسورية بأكملها، وهي ليست بداية لاستعادة سورية كدولة، وهي تهدف بالأساس للتوصل لاستقرار بسورية».
وتابع قائلاً: «ما سينتهي إليه الأمر، هو أنه وفي حال نجحت هذه الخطة، فإنه سيكون هناك قرابة ست مناطق في سورية واحدة للنظام السوري، وأخرى للأكراد، وثالثة لداعش، وأخرى لجبهة النصرة وغيرهم، وهذا ما ننظر إليه إن نجحت الخطة الجديدة».
ولفت الدبلوماسي الأميركي إلى أن «إرسال قوات أميركية هو بالفعل تغيير جذري للسياسة المتبعة، وتهدف إلى تصحيح الأخطاء الأساسية في السياسة الأميركية المتبعة في المنطقة، وفهمنا أنه لا يمكننا القيام بذلك من الجو فقط ولابد من وجود بري لشريك قوي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن