اقتصاد

توليد فرص العمل

| هني الحمدان

لم تأت مناقشة الحكومة لموضوع سوق العمل وواقعه من فراغ، بل لاحتياجات يجب العمل والاستعداد تجاهها، ومن جهة ثانية لأجل التوصيف الحقيقي للعمالة والاستفادة القصوى من الخبرات العلمية والفنية كل حسب اختصاصه ومؤهلاته، إذاً أولاً ترتيب هذا السوق أولوية، ومن ثم توصيفه وإعادة تأهيل كوادره وتوصيفها وظيفياً لأمر غاية في الحساسية، من هنا تكون الانطلاقة ناجحة وتؤدي الغرض، فعمليات النمو الاقتصادي والإنتاجي يجب أن يكون قوامها في زمن صارت كل تكنولوجياته هي المسيطرة على الإنتاج والتسويق والنمو يلزمها وبشكل سريع قوى بشرية مدربة ومتسلحة بآخر فنون ومستجدات العلوم والمعارف، فأرقام البطالة إلى ارتفاع، وخلق فرص عمل قادرة على امتصاص الأيدي العاملة لهو ضرب من خيال، وهنا على واضعي الخطط وراسميها أن يعوا تماماً، أن الظروف إلى تغير، ومواجهة القحط بقلة توليد فرص عمل لتحد كبير، وعلى الإدارات المسؤولة كافة شحذ هممها والتشمير عن سواعدها، ليس فقط لتجهيز إستراتيجيات واقع العمل والنهوض به، بل لتعزيز هذا السوق ليكون داعماً ومحركاً لتوليد فرص مع الاستفادة القصوى من كل الإمكانات والكوادر البشرية.
هل نحن قادرون على توليد وظائف جديدة..؟ الإجابة على هذا التساؤل واضحة ولا تستدعي الكثير من التفكير، فالاعتقاد أن خلق الوظائف يواجه وسيواجه تحدياً كبيراً، وأن الخطط الإستراتيجية المتعلقة بخلق الوظائف يجب أن تراعي التحولات التي سيخلقها التقدم التكنولوجي في سوق العمل، وأن الاقتصاد القائم على الإنتاج والتصنيع والتصدير وحده هو الذي يستطيع خلق فرص تستوعب طالبي العمل مهما كان عددهم، شريطة أن يقترن ذلك بوضع كل شخص بمكانه الصحيح، وليس الإبقاء على سياسة التنفيع وعدم اتباع الطرائق الوظيفية كما هي.
فلا توصيف حقيقياً وسليماً للوظائف والأطر العاملة، ، ناهيك عن جملة من الصعوبات المعروفة، فقطاعات إنتاجية وخدماتية مترهلة ومتشبعة ما يجعلها غير قادرة على خلق وظائف جديدة، يضاف إلى ذلك أن النمو الاقتصادي من سيئ إلى أسوأ، ولم يكن قادراً على خلق وظائف جديدة في ظل عدم تنظيم سوق العمل وتوصيف كامل للعمالة.
القدرة على خلق وظائف جديدة أحد المؤشرات التي تقاس بها قوة اقتصاد بلد ما، فالعلاقة بين نمو الاقتصاد وخلق الوظائف علاقة طردية، علاقة مرتبطة بمدى التطور الإنتاجي وإحداث خطوط إنتاج، مع إسناد مهام ذلك لكوادر مدربة قادرة على التناغم مع الآلات، لا أن يبقى النمط السائد وما يحكم طبيعة التوظيف بوضع موظفين أو عاملين لا يقدرون أو معارفهم العلمية بعيدة كل البعد عن مفردات ما تحتاجه طبيعة الأعمال.
لا بد من العمل الجدي المتكامل، وتصويب الأعمال بروح من المسؤولية والواجب أولوية كبرى، وعدم الاكتفاء بمراقبة المشهد الآخذ بالتصدع شيئاً فشيئاً، مهما اختلفت الأرقام عن حجم البطالة، وعدم الاستغلال الأمثل من الطاقات البشرية المؤهلة حسب اختصاصاتها، فإن واقعاً يجب أن يتغير نحو المزيد من الصوابية وإحقاق الأمور إلى نواصيها.
من غير المقنع حقاً، أن يبقى سوق العمل مخلخلاً، ليس بسبب ضعف مخرجاته، بل بالصعوبات التي حالت دون إحلال الكوادر العلمية المتخصصة حسب مخرجات ما تحمل من شهادات وخبرات، عديدة هي الحالات في قطاعنا الإداري الوظيفي في جل الإدارات.
من أولى الأمور التي أرهقت بعض الوظائف والمهام ببعض الإدارات العامة، إسناد المسؤوليات لأشخاص لا كفاءة لها، هنا تحدث مسائل تبطئ من وتيرة سير الأعمال وتنفيذها، وتخلق حالة نفور لدى من يكون قادراً على قيادة زمام المهمة، وهنا إساءة للوظيفة، وبطء وقلة معرفة وخبرة، وربما تخبط وسلوك طرائق سلبية تضر بالجو العام.
إعادة هيكلة الوظائف حسب شهاداتها العلمية أو الفنية ضرورة قصوى، من باب المهنية والقدرة على تقديم ما تمتاز به الخبرات والمؤهلات العلمية وما لديها من رؤى وخطط وبرامج، لعل في ذلك تحقيق قفزة نوعية تنعكس إيجاباً على المخرجات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن