رياضة

النجومية ليست جواز سفر للنهائيات … من دي ستيفانو وبوشكاش إلى باجيو وفيرديناند

| محمود قرقورا

عند الحديث عن عظماء اللعبة في القارة العجوز ما أكثر الذين لم يشاركوا ولو دقيقة واحدة في أقوى البطولات القارية كأس أمم أوروبا!
قد يكون منطقياً غياب لاعب كبير ينتمي لبلد صغير كفنلندا التي لم تبخل بتقديم نجوم مشهورين مثّلوا أندية عريقة وعملاقة.
وقد يكون عادياً غياب أبرز عظماء منتخب ويلز التي لم تبخل بين الحين والآخر في تقديم المشاهير.
وقد يكون متوقعاً غياب نجوم منتخب إيرلندا الشمالية وإن كان بعضهم قد تسيّد لاعبي القارة العجوز يوماً ما.
وقد يكون ممكناً غياب أبرز لاعبي منتخب البوسنة الذي حضر في المحافل الكبرى مرة واحدة من خلال مونديال 2014.
ولكن من غير المنطقي غياب لاعب عظيم ينتمي لبلد كبير في عالم كرة القدم، كالإيطالي الفنان الساحر روبرتو باجيو حامل الكرة الذهبية عام 1993، والبرتغالي أوزيبيو الموزمبيقي الأصل الذي شق طريقه بقوة هدافاً عن جدارة واستحقاق لمونديال إنكلترا 1966 وهو المتوّج بالكرة الذهبية عام 1965.
وكذلك الفرنسيان كوبا وفونتين عماد جيل فرنسا الذهبي في الخمسينيات الذي حلّ ثالث العالم مع شهية هجومية أقنعت الكثيرين وفرضت احترام المتابعين وأسكتت السواد الأعظم من المنتقدين.
والألماني الشهير الذي سجل في أربعة مونديالات أوفي زيلر لم تخض ألمانيا الغربية أي نسخة في عهده وقد فاتها قطار التأهل عام 1968 بسبب التعادل المفاجئ بأرض ألبانيا صفر/صفر، ولعب زيلر مباراة واحدة في التصفيات بمواجهة يوغسلافيا في هامبورغ وفاز المانشافت بثلاثة أهداف لهدف وسجل هدفاً.
والألماني الآخر هيلموت ران لم يلعب في النهائيات، حيث اعتزل عام 1960 على حين سجل المانشافت ظهوره الأول عام 1972، ومعلوم أن ران سجل عشرة أهداف مونديالية خلال نسختي 1954 و1958 من بينها هدفان بمرمى إمبراطورية المجر الكروية في نهائي مونديال 1954 مساعداً منتخب بلاده في التتويج المونديالي.
جيل المجر الذهبي في الخمسينيات وعماد لاعبيه الرباعي بوشكاش وكوشيش وهيديوكوتي وبوجيك لم يستمر حتى الظهور الأول للمجر في النهائيات عام 1964 فغابوا عن العرس القاري، ما جعل أرشيفهم منقوصاً من شيء مهم.
وجيل بولندا العظيم في السبعينيات ومطلع الثمانينيات لم يظهر أي من نجومه في النهائيات القارية لعدم التأهل، ومعلوم أن المنتخب البولندي زمن لاتو وزاراماش ودينا الثلاثي المبدع في مونديال 1974 ومن بعدهما بونيك الذي بدأ مسيرته الدولية عام 1976 فاز بالذهب الأولمبي 1972 وببرونزية المونديال 1974 و1982، ويبقى لاتو هداف مونديال ألمانيا 1974 الأشهر وهو الوحيد الذي سجل بمرمى البرازيل في نسختين موندياليتين.

الكرة الذهبية لا تكفي

ومن الغائبين المشهورين لعدم التأهل أيضاً السوفييتي أوليغ بلوخين الفائز بالكرة الذهبية 1975 إذ أدى غياب السوفييت عن بطولات 1976 و1980 و1984 إلى غياب أوليغ بلوخين الذي اعتزل هدافاً للإمبراطورية السوفييتية، علماً أن هدفه الدولي الأخير كان في تصفيات بطولة أمم أوروبا 1988 ولم يصطحبه لوبانوفسكي للنهائيات في ألمانيا يوم حل السوفييت في المركز الثاني.

والإيطالي باولو روسي هداف مونديال 1982 وحامل الكرة الذهبية في العام ذاته عانى الإيقاف عام 1980 فالقرار الاتحادي القاضي بإيقاف باولو روسي على خلفية قضايا الفساد الكروي في إيطاليا أدى إلى افتقار الآزوري لخدمات المهاجم الهداف باولو روسي عندما استضاف الآتزوري نهائيات يورو 1980 فخرجت إيطاليا بفارق الأهداف لعدم وجود الهداف ليس إلا، ورغم أن الفرصة كانت سانحة لروسي كي يظهر في يورو 1984 إلا أن المنتخب عجز عن التأهل وهو الذي كان بطل العالم قبل عامــين بفضــل باولو روسي نفسه.

والاسكتلنديان دينيس لو الحائز جائزة الكرة الذهبية 1964 وكيني دالغليش ملك ليفربول وأيقونته المطلقة حيث لم يتأهل منتخبهما زمن أوجهما.

وللسبب ذاته غاب أحد أساطير إيرلندا الشمالية ومانشستر يونايتد في الستينيات وهو جورج بيست حامل الكرة الذهبية 1968 وهو الذي قيل عنه أسطورة مقرونة بالمزاج الحاد والخمرة الفوارة، ولا ننسى مواطنه الأصغر في الثمانينيات نورمان وايتسايد الذي مازال أصغر مشارك في نهائيات كأس العالم.

ويبقى الاسم الأعظم الأرجنتيني الأصل الإسباني الجنسية دي ستيفانو الفائز بدوري أبطال أوروبا خمس مرات، وهي النسخ الخمس الأولى، وقد سجل في النهائيات الخمسة كميزة لم يزاحمه عليها أحد بمن فيهم كريستيانو رونالدو الذي لعب في النهائي ست مرات، ومعلوم أن دي ستيفانو أول من حاز جائزة الكرة الذهبية مرتين 1957 و1959 وهو لم يلعب مع الماتادور عام 1964 نظراً لاعتزاله دولياً عام 1962، والقرار السياسي القاضي بعدم استقبال السوفييت من قبل حاكم إسبانيا فرانكو عام 1960 حال دون ظهور عظيم ريـال مدريد السهم الأشقر ساحر عصره دي ستيفانو أحد أبرز اللاعبين على مر العصور، بسبب استبعاد إسبانيا واعتبار السوفييت متأهلين للمربع الذهبي، وقد سجل ثلاثة من الأهداف الإسبانية السبعة خلال رحلة التصفيات.

أسماء لامعة

عدم تأهل فنلندا وويلز مطلقاً، وتأخر تأهل إسكتلندا حتى عقد التسعينيات حرم جمهور القارة العجوز من إبداعات المهاجم ياري ليتمانن والمدافع سامي هيبيا وكلاهما الأعظم في فنلندا بإجماع كل النقاد والمراقبين.

ودينس لو وكيني دالغليش وكلاهما يلقب بملك إسكتلندا كما أسلفنا، والثنائي غراهام سونيس وآلان هانسين وهما من بين عظماء ليفربول ومنتخب إسكتلندا وكلهم لم يهنأ بلعب ولو دقيقة واحدة في النهائيات.

ولم تتأهل ويلز زمن الهداف بالفطرة إيان راش ومهاجم اليونايتد مارك هيوز وأكثر من حصد ألقاباً بين لاعبي اليونايتد على مر التاريخ ريان غيغز الذي يعد عظيم اليونايتد الذي عاصر كل ألقاب السير فيرغسون المحلية والأوروبية باستثناء كأس إنكلترا 1990، وعندما كُتب التأهل لمنتخب ويلز عام 2016 بفضل زيادة عدد المنتخبات فكان الظهور المهم في المحفل الكبير لغاريث بيل ولم يعش غصة أسلافه المشهورين وحقيقة كان حضوره لافتاً بإعطائه الإضافة المطلوبة.

والهداف التاريخي للبوسنة وعميد لاعبيها إيدين دزيكو لم يتأهل منتخبه بعهده وهو الذي يلعب دولياً منذ عام 2007.

ومن تشيكوسلوفاكيا يبرز أبرز لاعبيها في مونديال 1990 سكورافي الذي لعب دولياً بين 1985 و1995 ومعلوم أن منتخب بلاده غاب عن النهائيات أعوام 1984 و1988 و1992.

ومن بلجيكا لم يلعب فيلموتس الذي مثّل منتخبه بين 1990 و2002 لعدم تأهل منتخب بلجيكا، كما لم يلعب حارسها الشهير برودوم الذي مثّل منتخب بلاده بين عامي 1979 و1994، وكانت الأفضلية لبفاف في مشاركتي 1980 و1984 ولم تتأهل لبطولتي 1988 و1992 فغاب عن النهائيات.

تأخر الانطلاق

البطولة لم تبصر النور زمن السير ستانلي ماتيوز أحد أعمدة المنتخب الإنكليزي في الأربعينيات والخمسينيات، فلم يحالفه الحظ في المشاركة وهو الفائز الأول بالكرة الذهبية 1956، والحال ذاته حال بيلي رايت الذي اعتزل عام 1959 وهو أول لاعب يدخل نادي المئة دولياً وانتهت مسيرته عند 105 مباريات.

وشاركت بلغاريا في نسختي 1996 و2004 وهذا حتّم غياب هريستو بونيف الذي لعب دولياً بين 1967 و1979 ولعب 96 مباراة دولية مسجلاً 48 هدفاً ومازال حتى اللحظة هدافاً أعلى لمنتخب بلاده بالتشارك مع بيرباتوف.

الإصابة

الإصابة اللعينة حالت دون مشاركة ثنائي فرنسا الأشهر في الخمسينيات جوست فونتين الذي مازال صاحب الرقم القياسي التهديفي لنسخة مونديالية واحدة بثلاثــة عشــر هدفــاً عــام 1958 وريمــون كوبا حامــل الكــرة الذهبيــة عام 1958، فتأثــرت فرنسا بغيابهما خلال نهائيات النسخة الأولى ليورو 1960.

قرار المدرب

القرار التدريبي المفاجئ للمدرب الإيطالي أريغو ساكي باستبعاده روبيرتو باجيو من تشكيلة إيطاليا الذهبية المسافرة إلى نهائيات يورو 1996 في بلاد الضباب، ترك غصة في قلب باجيو ومحبيه على حد سواء وتساءلوا:

كيف يقرر المدرب ذلك مع أن باجيو صاحب الأيادي البيضاء في إيصال أزرق أوروبا الكبير لنهائي المونديال قبل عامين فقط؟ ولا نغفل أن إيطاليا لم تتأهل ليورو 1992 فكتب على روبيرتو باجيو عدم اللعب في النهائيات الأوروبية.

ومادمنا نتحدث عن إيطاليا نجد أن أنطونيو كونتي أحد مبدعي مونديال 1982 لم يكن ضمن خيارات المدرب أنزو بيرزوت خلال نهائيات يورو 1980، حيث كان ظهوره الدولي الأول بعد البطولة وتحديداً يوم 11 تشرين الأول 1980 بمواجهة لوكسمبورغ ضمن تصفيات المونديال، واعتزل قبل نهائيات يورو 1988 ولم تتأهل إيطاليا لنهائيات 1984 فبقيت المشاركة حلماً بعيد المنال.

إيقاف

المدافع الإنكليزي الأغلــى في عصــره ريو فيرديناند لم يكن ضمن خيــارات المدرب كيفن كيغان في نهائيات يورو 2000 ثم غــاب عن نهائيات يورو 2004 إثر عقوبة اتحادية انضباطية نتيجة عدم إجرائه فحوصات طبية للكشف عن المنشطات عقب إحدى المباريات المحلية، وتأكد غيابه إثر عدم التأهل لنهائيات عام 2008 وآثر الاعتــزال الــدولي قبل خوض نهائيات 2012 لأنه لم يكن ضمن خيارات المدرب روي هودجسون، فخسرت البطولة مدافعاً صنديداً يهابه المهاجمون ويعد بحق الأفضل بين أبناء جيله.

ومن الجيل الحالي الغائب عن النسخة الحالية النرويجي هالاند الذي يفرض نفسه هدافاً لا يشق له غبار، حيث عجز عن قيادة منتخب بلاده في التصفيات من منطلق اليد الواحدة لا تصفق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن