من دفتر الوطن

لو تتحدث القهوة

| عبد الفتاح العوض

محمود درويش يقول: «لا قهوة تشبه أخرى، لكل بيت قهوته، ولكل يد قهوتها لأنه لا نفس تشبه نفساً أخرى».
لو تتحدث القهوة عن الحكايات التي سمعتها، ولو أنها تروي عن كم الأحداث التي شهدتها.. بل عن كم المشاعر التي تناثرت حولها.
يقولون عن الوفي ذلك الذي يصون الخبز والملح وعن الخائن الذي لا يصون الخبز والملح، أظن أن العبارة المناسبة الآن.. لمن لا يملك الوفاء هو من «يخون القهوة»!
كثير من الأشياء التي يمكن اعتبارها أحاديث لها قيمة خاصة لسبب أو لأخر لم يتم الاحتفاظ بها، وتم التخلي عنها على فنجان قهوة آخر وبطعم آخر أيضاً.
علماء الاجتماع يعتقدون أن طقوس تناول القهوة تعني أشياء وأشياء وأن لكل دلالاته وأن الإنسان وهو يعلن عن أسلوبه في التعامل مع القهوة إنما يعلن عن نفسه بشكل أو بآخر، وأن ذلك ليس مجرد فنجان قهوة بل هو تعبير عن الذات.
أن تشربها سادة يعني شيئاً وأن تشربها مع سكر يدل على شيء آخر إن كنت ترغبها ساخنة أو تفضلها باردة كلها لها دلالات عن شخصيتك..
المسألة ليست «قراءة» في الفنجان.. بل قراءة في النفس ودواخل الذات وهواجس العقل الباطن.
ثمة رأي بسيط – وأنتمي إليه بشدة – يرى في ذلك مبالغة وتحميل الموضوع أكثر مما ينبغي فالقصة لا تتعدى كونها طقساً اجتماعياً مريحاً وجميلاً هذا التباين بالرأي ليس الوحيد.
منذ القدم كانت القهوة محل اختلاف وخلاف.. فهناك من حرّم القهوة وكتب أحد الأطباء الفقهاء: «رسالة في تحريم القهوة» فيما رد عليه شيخ آخر في رسالة «إثارة النخوة بحكم القهوة».
التحريم جاء على خلفية التداخل بين القهوة والخمر.. فالعرب كانوا يسمون الخمر قهوة وكثير من الأشعار تأتي على هذا المعنى.
هتف الصبح بالدجى فاسقينها
قهوة تترك الحليم سفيها
لست تدري لرقة وصفاء
وهي في كأسها أم الكأس فيها
ختاماً… القهوة بطعم من تشربها معه لا أكثر ولا أقل.

أقوال:

الحب كالقهوة، إذا أكثرت منه منعك من النوم.
القهوة الأولى يفسدها الكلام لأنها عذراء الصباح الصامت
ما الذي على هذه الأرض يمكن أن يكون أكثر ترفاً من أريكة وكتاب وكوب من القهوة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن