قضايا وآراء

حكومة بينيت قد لا تبقى حتى نهاية هذا العام

| تحسين الحلبي

ربما يجمع معظم المختصين بشؤون الكيان الإسرائيلي وأحزابه بأن هذه الحكومة الائتلافية برئاسة نفتالي بينيت لا يمكن أن تبقى لنهاية هذا العام، لأن الأسباب التي تشير إلى هذا الاحتمال الواقعي عديدة ومنها: إن أي عضو كنيست من حزب منصور عباس الذي منحها مقاعده الأربعة أغلبية 60 مقعداً مقابل 59 معارضاً قد ينشق عن حزبه ويكف عن التصويت لها فتفقد الأغلبية في أي مناسبة تصويتها أو تحجب عنها الثقة، إضافة إلى ذلك ما زال بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الذي أجبره ائتلاف بينيت على تسليم مفاتيح الحكومة، يبذل كل ما باستطاعته من أجل نزع ثقة الكنيست عنها عن طريق شراء واحد أو اثنين من أعضاء الكنيست ممن منحوها الثقة.
ولا أحد يستبعد عند أي إخفاق نسبي في سياستها وخاصة تجاه المقاومة الفلسطينية في غزة ظهور عضو كنيست يتولى المزايدة عليها للانشقاق ويتلقى مكافأته من حزب الليكود، فتاريخ الانشقاقات عن هذا الحزب أو ذاك مألوف منذ عام 1964 حين انشق ديفيد بن غوريون أول رئيس حكومة عام 1949 عن حزب العمال «مباي» الذي كان أحد المؤسسين له، وشكل مع موشيه دايان وشمعون بيريس حزباً آخر لم يستطع الفوز بمقاعد تؤهله لتشكيل حكومة ائتلافية فأصبح خارج اللعبة، وكان دايان قد انشق هو الآخر مرة أخرى عن حزب العمل وذلك في عام 1977 ودعم أول حكومة يشكلها زعيم المعارضة التاريخي في تل أبيب مناحيم بيغين رئيس حزب الليكود الذي عينه وزيراً للخارجية وأتاح له قيادة عملية التفاوض مع الرئيس أنور السادات لوضع اتفاقية كامب ديفيد، ثم تبعه بيريس بعد عام 2005 وانضم لحزب أريئيل شارون رغم أنه كان رئيساً لحزب العمل.
يلاحظ الجميع أن الأحزاب الصغيرة مثل حزب «أمل جديد» 7 مقاعد كان كل قادته من حزب الليكود، وكذلك كان أفيغدور ليبيرمان ومقاعده السبعة تحت إمرة نتنياهو في حزب الليكود قبل انشقاقه وتشكيله حزباً وحده، ففي الكيان السياسي الإسرائيلي لا توجد خلافات سياسية جوهرية بين معظم الأحزاب الكبيرة والوسطى بل كانت تنشأ فيها حركة منشقين يؤسسون أحزاباً جديدة لا تختلف في مهامها وخططها عن الأحزاب التي انشقوا عنها.
يؤكد رئيس المخابرات العسكرية سابقاً ورئيس مجلس الأمن القومي الآن في حكومة نفتالي بينيت، الجنرال المتقاعد عاموس يادلين، أن المهام التي حددها هي نفس المهام التي وضعتها حكومة نتنياهو سواء لجهة الموضوع النووي الإيراني أم لجهة الاستيطان وعرقلة إنشاء دولة فلسطينية، والتركيز على قطاع غزة لفرض نوع من التهدئة الدائمة مع المسؤولين فيه ولجهة تعزيز العلاقات العسكرية الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ومحاربة كل منظمة أوروبية أو مجموعة سياسية خارجية تريد نزع الشرعية عن هذا الكيان وتوسيع أي فرصة لزيادة عدد الدول العربية المستعدة للتطبيع.
في هذه الحال هل بمقدور هذه الحكومة التي تتمتع بأغلبية لا تصل إلى 61 مقعداً من 120 وهو العدد الطبيعي للأغلبية تحقيق هذه المهام والبرامج التي تلعب القوى الخارجية فيها الدور الأكبر والبقاء لعدة سنوات؟
يقول وزير المالية في هذه الحكومة ليبيرمان إن التحدي والامتحان الحساس لضمان بقاء هذه الحكومة هو اتفاقها وتصويتها بأغلبية 61 مقعداً حكماً على الميزانية السنوية التي ستجبر الحكومة على عرضها أمام الكنيست في نهاية هذا العام، فقانون الكنيست يسقط الحكومة إذا لم تحقق هذه النتيجة حول الميزانية، علماً أن هذه الحكومة لم تجند سوى 60 مقعداً مقابل 59 مقعداً من المعارضين فكيف ستأتي بعد ستة أشهر بالمقعد الواحد والستين؟
لذلك يرجح المحللون في تل أبيب أن تعمل هذه الحكومة من أجل المحافظة على الأمر الواقع القائم من دون مخاطر تؤدي إلى انشقاق بعض أعضاء الكنيست الذين شاركوا في تأليفها وخاصة حزب منصور عباس الذي بدأ الفلسطينيون في الأراضي المحتلة منذ عام 1948 ينددون بحزبه ويعدونه خارجاً عن الإجماع الفلسطيني وخادماً لبرامج الحكومة الصهيونية التي تريد تصفية وجودهم فيما بقي من قراهم وأراضيهم وتوسيع الاستيطان والتنكر لحقوقهم المدنية والسياسية وحقوق الشعب الفلسطيني.
لكن هذا الخيار للمحافظة على الحكومة سيصطدم بمصالح فئات متشددة من اليمين تريد الإعلان عن ضم المستوطنات في الضفة الغربية وهذا من المرجح أن يثير أزمة داخلية قد تولد انشقاقاً يتسبب بفرط عقد هذه الحكومة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن