رياضة

المنتخب بين الأوهام والأحلام

| ناصر النجار

الشارع الرياضي بأكمله يبحث اليوم عن مدرب للمنتخب وتجد الخيارات التي يقدمها الكثيرون واسعة، ولا شك بأن العاطفة تتدخل في الترشيح والتسويق لهذا المدرب أو ذاك وكأن مشكلة المنتخب هي المدرب أو اسمه.
المشكلة أننا هواة وجهلة بكرة القدم ولا نعرف ألف باء كرة القدم ونسير فيها خبط عشواء، فإن أصابت معنا كان الإنجاز وإن خابت رمينا الخطأ على أحدهم ليكون الضحية والقربان وهكذا دواليك.
كرتنا للأسف لا تملك الثقافة الكروية الصحيحة وليس لديها الفكر الكروي الناضج، وعلى سبيل الذكر نؤكد أنه لو كان لمنتخبنا الكروي مدرب وطني مساعد لتابع المسيرة من دون أي خلل قانوني حتى يتم تعيين البديل المناسب، فالمدرب الرئيسي لم يأت ولم يقدم استقالته، لكن يجب ألا تتوقف عجلة المنتخب من أجل ذلك.
اتحاد الكرة اليوم في مأزق كبير، فإن عيّن مدرباً للمنتخب عليه أن يدفع الشرط الجزائي ومقداره مليون دولار، وإن لم يعيّن مدرباً بقي منتخبنا بلا مدرب، وهنا نسأل: هل يعيش أي منتخب أو فريق في العالم حالة الفراغ الفني، والأمثلة اليوم حاضرة أمامنا وهاهي الأردن عندما أقالت مدربها كان البديل جاهزاً، أما نحن فإن المعلول ربط المنتخب بنفسه وقطع عنه الماء والهواء لأن الكادر المساعد من النوعية ذاتها ومن بلده ولن يحضر أحدهم إن لم يحضر المعلول أو يوافق على حضوره.
هذا أحد الهموم التي نسوقها لتؤكد أن نظرتنا المستقبلية لكرة القدم فارغة، ولنعلم أن عدم وجود مدرب وطني مساعد جعلنا ندفع ضريبة باهظة الثمن لأن كل شيء ارتبط بالمعلول من جهة الإعداد والاستعداد ومن جهة التشكيل والتبديل ومن جهة الاختيار ومن جهة إغلاق كل الأبواب بوجه المدرب القادم، وهذا ما غيّر الكثير من النظرات نحو المعلول فجعلنا الباب مفتوحاً إن أراد العودة ليتم ما بدأه من إذلال لكرتنا.
كفانا أوهاماً وأحلاماً بائسة نحن غير مؤهلين لبلوغ الدور الثاني من التصفيات المؤهلة لكأس العالم ولا يحق لنا أن نحلم بالمونديال، ولتكن الحقيقة واضحة أمامنا فلولا دول مغمورة في عالم كرة القدم مثل غوام والمالديف والفلبين وصلنا إلا ما وصلنا إليه!
هذا التواضع الكروي ليس محصوراً باتحاد كرة القدم وحده بل بالمنظومة الكروية كلها ولنؤكد ذلك نقول: كل الأندية حالياً تلهث وراء المدربين واللاعبين من أجل كسب ودهم والتوقيع معهم من دون أي جواز قانوني، والسبب: اتحاد كرة القدم لم يفتح باب الانتقالات الصيفية وإن فتحها سابقاً فكانت محدودة من أجل مشاركة تشرين والوحدة بمسابقة الاتحاد الآسيوي، والسبب الآخر أن نظام الاحتراف لم يصدر بعد، وإذا كان المكتب التنفيذي أجّل صدوره الموسم الماضي للمزيد من الدراسة فإنه سيصدر عاجلاً أم آجلاً هذا الموسم، لذلك نسأل: إذا كانت هذه العقود تخالف قانون الاحتراف الجديد، فماذا ستفعل الأندية؟
دعونا ننظر إلى كرتنا نظرة واقعية ولنبدأ من الآن برسم سياسات إستراتيجية تعيد بناء كرة القدم من الصفر، وأعتقد أن أولى الخطوات تكون بفرض الشبان على فرق الرجال فرضاً والعناية بالقواعد بشكل جدي وعلمي وهذا يحتاج إلى قانون هو أولى من قانون الاحتراف، إنتاج جيل جديد من اللاعبين، وبث دماء صافية في كرتنا هو أحد الحلول، والبحث عن خبراء أكاديميين هو المطلوب وهؤلاء أفضل من أميين يجثمون على صدور كرتنا في اللجان الفنية واللجان العليا ولنا أن نتصور أن كل اتحاداتنا الكروية هي حصيلة هذا الجهل وهذه الأمية، وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن