اعتقدت أميركا ومعها أذيال إقليميون وأوروبيون أنها قادرة على أن تعوض هزيمتها في سورية في الميدان عبر الإرهاب الاقتصادي والحصار وفرض ما تسميه زوراً وافتراءً بأنه عقوبات، لكن أميركا نسيت أو تناست أموراً مهمة تتصل بسورية ومناعتها وقدراتها الدفاعية المركبة وقوتها التحالفية المكتسبة، وكما كان سوء الظن وسوء التقدير في الميدان سبباً للهزيمة وإجهاض الحرب الكونية التي استهدفت سورية كان أيضاً سوء الفهم وسوء التقدير هنا الطريق السريع للفشل.
ففي الأشهر السابقة كان التحدي من سورية وحلفاء سورية للحصار والإرهاب الاقتصادي الأميركي، الذي كسرت فيه سورية إرادة العدوان وتمكنت من توفير القدر الممكن من السلع والمواد الضرورية للمجتمع السوري بعيداً عن لؤم المعتدي وكيده، واليوم وفي سياق التخطيط للمرحلة الجديدة التي تدخلها سورية في مسار اقتصادي وعمراني وإنشائي جديد نقرأ الزيارة التي قام بها يوري بوريسوف نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية إلى سورية باعتبارها نموذجاً من نماذج مهمة ستتبعها زيارات واتفاقات وخطط للبناء وإعادة الإعمار وتحفيز وتنشيط الاقتصاد السوري.
فقد استقبل الرئيس الأسد وفداً برئاسة نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية الذي زار سورية في مهمة واضحة تتعلق بالتعاون الروسي السوري على صعيد الاقتصادي والاستثماري رغبة من الطرفين في بذل الجهود المشتركة لتوسيع التعاون ليشمل مجالات إضافية وخاصة التعاون في مجال الطاقة والتقنيات الحديثة والصناعة والزراعة، أي بكلمة مختصرة جاءت الزيارة لترسل رسالة واضحة إلى كل من يعنيه الأمر مفادها أن روسيا التي استجابت للطلب السوري وقدمت المساعدة العسكرية الميدانية لها لمكافحة الإرهاب والعدوان عليها لن تألو جهداً في شبك أواصر التعاون الاقتصادي والعمل المشترك مع سورية من أجل إعادة البناء وتفعيل الاقتصاد السوري متحدية بذلك خطط العدوان ومؤامراته.
وبهذا نرى أن سورية التي أتقنت اختيار الأصدقاء والحلفاء، تعرف جيداً كيف تعمل معهم بثقة واحترام من أجل المصالح المشتركة التي لا يكون فيها، كما تعمل أميركا تجاه الغير، لا يكون فيها تبعية وهيمنة استعمارية ومصادرة للثروات بل تعاون واحترام الحقوق والمصالح الوطنية وهذا ما يميز سورية وعلاقاتها مع حلفائها عن الوضع بين أميركا ومن تصفهم بالشركاء وما هم بالنسبة لها إلا البقرة الحلوب التي تستفيد أميركا من خيرها بشكل أحادي منفرد.