الصين بالعزيمة والإصرار أصبحت نموذجاً حيّاً للدول التي تستطيع أن تصبح من بين الدول العظمى … وزير الاقتصاد لـ«الوطن»: هناك إدراك مسبق لأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه بكين في تنمية الاقتصاد السوري
| سيلفا رزوق
أكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل، أن جذور العلاقات السورية– الصينية تعود إلى أكثر من ألفي عام، حيث كانت طريق الحرير أحد أهم عوامل نمو التجارة العالمية وازدهار الحضارات القديمة الواقعة على امتداد هذه الطريق، مبيناً أن سورية والصين ارتبطتا في العصر الحديث بعلاقات متميزة وملحوظة على المستوى الدولي ومنذ سنوات طويلة وبشكل خاص منذ ستينيات القرن الماضي.
وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن الخليل أنه وخلال فترة الحرب على سورية كانت الصين في طليعة الدول التي اتخذت مواقف إيجابية تجاه الشعب السوري في وجه ما تعرّض له من حرب إرهابية، استُعملت فيها مختلف الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث لم يكن الموقف الذي اتخذته الصين طارئاً أو مستجداً على سياساتها، وإنّما كان استكمالاً للنهج الذي عرفت به على الدوام بوصفها دولة داعمة لحقوق الشعوب وقضاياها المشروعة.
وفي الجانب الاقتصادي أشار الوزير الخليل إلى أنه كان هناك إدراك مسبق من كلا البلدين لأهمية الدور الاقتصادي الذي يمكن أن تلعبه الصين في تنمية الاقتصاد السوري وقطاعاته المختلفة، سواء من خلال المشاريع الاستثمارية التي نفّذتها بعض الشركات الصينية في سورية، ولاسيما ما قبل الحرب، والتي عملت في مجالات مختلفة كالبنى التحتية والطاقة والصناعة، أو من خلال تأمين نسبة مهمة من احتياجات المواطنين واحتياجات العملية الإنتاجية من المواد والسلع الصينية، وأضاف: «من هذا المنطلق كان هناك العشرات من الاتفاقيات والوثائق التي تمّ توقيعها بين حكومتي البلدين والتي شكّلت بمجملها الإطار القانوني الناظم لعلاقات التعاون بينهما في مختلف المجالات التجارية والاستثمارية والصناعية والزراعية وغيرها، كما أن حجم التبادل التجاري البيني جيد، إذ حلّت الصين ولعدة سنوات في طليعة الدول على مستوى الشركاء التجاريين لسورية في جانب الاستيراد، في حين استطاعت بعض السلع السورية دخول هذه السوق الكبيرة والواسعة وخاصةً من بوابة المعرض الدولي للاستيراد في شنغهاي».
ولفت الخليل إلى أن المساعدات الإنسانية الصينية لسورية لم تتوقف طوال فترة الحرب، وكان لها أثر كبير في تأمين احتياجات الكثير من المواطنين المتضررين سواء بفعل الحرب الإرهابية على سورية، أم بنتيجة ما رافقها من عقوبات قسرية أحادية الجانب طالت بالدرجة الأولى الشعب السوري بمختلف مكوناته ومناطقه، كما استمرت الحكومة الصينية بتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل للعديد من السوريين سواء أكانوا موظفين حكوميين أم عاملين في القطاع الخاص، الأمر الذي ساهم في رفع كفاءاتهم وبناء قدراتهم الفنية، إضافة إلى تقديمها للعديد من الأجهزة والمستلزمات لزوم تطوير البنية التحتية لعمل الجهات العامة.
وشدّد الوزير الخليل على أن مواقف جمهورية الصين وسياساتها الحالية القائمة على السلام والتنمية والتعاون، التي تنسجم مع دبلوماسيتها الدولية، هي وليدة الخط الذي تمّ رسمه خلال 100 عام على نهج الحزب الشيوعي الصيني، والذي نتج عنه دبلوماسية تُوصف بأنها تعمل وفق شعار «تخطو خطوات جريئة، وتخدم التنمية الوطنية، وتسهم في تحقيق السلام العالمي والتنمية المشتركة»، الأمر الذي جعل من الصين نموذجاً حيّاً للدول التي تستطيع أن تصبح من بين الدول العظمى في العالم، من دون أن تتسلح بالقوة والسيطرة العسكرية، وإنّما تتسلح بالعزيمة والإصرار على تحقيق السلام والتنمية وتوزيع ثمارها على كل الدول، فضلاً عن التنمية المحلية أيضاً التي تعمل عليها، في إطار النهج الصيني البنّاء والمنظم الذي يشمل جميع القطاعات والمجالات.