من دفتر الوطن

«أغاني.. أغاني.. أغاني»

| عصام داري

في الوقت الذي كنت أقدح بنات أفكاري وأبحث عن موضوع لهذه الزاوية، قدمت لي الفنانة الإيطالية- المصرية الراحلة داليدا خدمة لا تنسى بإرشادي إلى الموضوع المنشود.
فقد تناهى إلى مسمعي صوت داليدا وهي تشدو بواحدة من أجمل أغانيها (أغاني.. أغاني.. أغاني.. وحشاني كتير وحشاني) فحضر الوحي فوراً وبدأت الكلمات تتسابق لترسم ملامح زاويتي هذه.
وفي البداية دعوني أدافع عن الفاضلة هيفاء وهبي وأغانيها النغشة وأولها أغنية (بوس الواوا) التي اعتبرت فتحاً في عالم الأغنية العربية الحديثة!
فمعظم الناس هاجموا هذه الأغنية واعتبروها هابطة، وأنا أرى أن الناس لم تبحث عن الجوهر بل توقفت عند الأمور السطحية، والأغنية في جوهرها هي اكتشاف طريقة مبتكرة وحديثة لمعالجة الأمراض على اختلاف أنواعها، خاصة بعد ارتفاع أسعار الأدوية إذ صار باستطاعة الفقراء الحصول على الدواء مجاناً، والدليل على نجاعة هذا الدواء أن هيفاء نفسها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه عندما باس الواوا.. فالواوا صح، وإليكم النص القانوني-الطبي الذي يثبت ذلك:
(ليك الواوا بوس الواوا خل الواوا يصح؟ لما بستو الواوا شلتوا صار الواوا بح).. أي راح الواوا لحال سبيله والحمد لله!
لكن السؤال: هل تنفع هذه الوصفة الطبية مع سميرة توفيق وبشكل خاص في أغنيتها الألمعية (لا تضربني لا تضرب كسرت الخيزرانة صارلي سنه وست أشهر من ضربتك وجعانة).
تصوروا هذه الوحشية في الضرب بالخيزرانة، انكسرت الخيزرانة ومع ذلك استمر بالضرب إلى حد استمر الوجع لمدة طويلة(سنة وستة أشهر) وهذا ما استوجب اللجوء لوصفة هيفا «بوس الواوا» ويبدو أن الوصفة أثبتت فعايتها.
لكن وصفة بوس الواوا قد لا تنجح مع عبد الحليم حافظ فهو يخبرنا بألمه ويقول شاكياً باكياً: (في يوم.. في شهر.. في سنة.. تهدى الجراح وتنام.. وعمر جرحي أنا أطول من الأيام) عبد الحليم بحاجة لمراجعة عاجلة لعيادة هيفاء وهبة، ومن المؤكد أنه سيخرج من العيادة سليماً معافى بعد علاج الساعة: «بوس الواوا»!
وبعيداً عن هيفا وعلاجها السحري نجد في بعض الأغاني جرائم موصوفة، وعلى سبيل المثال تغني أليسا (ما عاش اللى بدو يزعلك بمحيه بلغيه من ها الحياة) يا لطيف، بس كيف؟ أعني كيف ستلغينه من الحياة وبأي سلاح ستقتلين الصبي؟
وهذا الأسلوب ليس غريباً على الست أليسا المعروفة بمواقفها العنصرية والتي ظهرت من خلال تعليقاتها على المواطنين السوريين الموجودين في لبنان.. على كل ما علينا، ودعونا نتعلم درساً في أدب الحوار والتواصل بين الناس، والدرس يقدمه لنا مجاناً المغني الشاب تامر حسني الذي يقول وحرفياً:( قوم اوقف وانت بتكلمني قوم واقف بص لي وفهمني ولا تتكلم وأنا بتكلم) طبعاً من مبادئ الحوار هذه الأيام فيجب أن تقف باحترام ولا تتحدث إلا إذا سمح لك السيد!.
وبالمناسبة هناك الكثير من المطربين تحدثوا عن الصبر، فغنت هدى سلطان «يا عطارين دلوني الصبر فين أراضيه»، وغنى وديع الصافي «يا عيني عـ الصبر» وغنى عصام رجي« أنا صابر» ولعل السوريين أكثر بني البشر بحاجة للصبر، ولنا عودة قريبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن