هل يطلب من الرموز أن تغيب أو تتجّمل لتعجب المتابعين؟ … هجوم كبير على حلوة الحلوات … السيدة فيروز ودفاع من محبيها
| سوسن صيداوي
«سيلفي والماضي خلفي» هكذا عنونت ريما الرحباني الصورة التي نشرتها على صفحاتها الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عندما أطلت السيدة فيروز بالقرب من ابنتها.
هذه الصورة الطبيعية والعفوية لاقت ترحيباً كبيراً بمن تربى على صوت السيدة، وبمن آنست لياليه، ورافقته بمراحله العمرية كلها، من أغنية «يلا تنام ريما» إلى «كيفك إنتَ» و«حبيتك تنسيت النوم»….. إلخ من الأغاني العاطفية وحتى الدينية والوطنية التي يعتز بها كل الكبار، ولكن للأسف بالمقابل شهدت الصفحات والمواقع تنمراً كبيراً على السيدة فيروز، لتقابل طلّتها هذه بالكثير من السلبية.
ماذا حصل؟
أحدث السيلفي المنشور من ريما الرحباني تفاعلاً وجدلاً واسعاً على السوشيال ميديا، وانهالت التعليقات التي تغزلت بالسيدة فيروز، كيف لا وهي من أهم المطربات بتاريخ الغناء العربي، ومشوارها الفني الطويل حافل بمقتنيات غنائية وموسيقية ومسرحية لن تتكرر، وهي سيدة الصباحات والمساءات وكل المناسبات، وعن رصيدها أخيراً نذكر أن مدرستها قدمت كل الألوان الفنية، لأكثر من 800 أغنية، و3 أفلام.
إضافة إلى المسرحيات الموسيقية التي تمت كتابتها من الأخوين الرحباني والتي بلغ عددها 15 مسرحية.
ولكن نتابع بموضوعنا الأساس، وللأسف الشديد جاءت معظم التعليقات بالكثير من السخافة والوقاحة، لمجرد أن كبيرة النجوم أطلت بطبيعتها وبملامحها الحقيقية التي تحكي تفاصيل عمرها الذي يركن الآن في شيخوخته الهادئة، ونظرت للكاميرا السيدة بابتسامة هادئة وشعر منسدل من دون أي فلتر، كما ظهرت ابنتها ريما بشعرها القصير وبوجهها الضاحك.
والأمر المعيب أن التعليقات على فيروز: «هي لسه عايشة»؟ «كانت ما تتصور أحسن»، «أعوذ بالله»، بل امتد التنمر لريما وجاء وصفها بأنها ذكر وليست أنثى بسبب قصر شعرها، وكتبت إحداهن: «يا مامي متل العفاريت والزومبي هي وابنها المتحول».
لن يبقوا شباباً
هل لأنهم نجوم لامعة في سماء الفن مطلوب أن يبقوا جاهزين، وإن جاز التعبير متأنقين على أربع وعشرين درجة، كيف ننسى بأنهم بشر، وعلى طبيعتهم، وهم على الأكيد مثلنا يتعرضون للمرض ولكل الإحباطات التي تؤثر في نفسيتهم وأشكالهم ويضاف إليها ضغوط النجومية، وأخيراً الوصول إلى الشيخوخة. إذا لن يبقوا براقين كما يظهرون في الصور والمقابلات والحفلات، فلماذا لا نتقبل الطبيعة البشرية، ولماذا تفكيرنا لم يصل إلى هذا الرقي، ولكن المشكلة أننا لا نتقبل الحقائق ودائماً نلهث لأن نكون خارقين وفوق الطبيعة.
وبالمقابل تجدر الإشارة إلى أن هذا التنمر لم يحدث على فيروز في ظهورها الأخير خلال أيلول الماضي أثناء زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لها في منزلها، وكانت ترتدي قناعاً واقياً وملتزمة بقواعد التباعد الاجتماعي، حيث وقف الرئيس الفرنسي على بعد مترين تقريبا منها. وفي أثنائها انتشرت صورها ومعها تعليقات مليئة بالحب والشوق، فظهورها بطابع رسمي وبشكل أُعد له مسبقاً من طريقة تصفيف الشعر والملابس والاستعداد للتصوير؛ كل هذا جنّبها السخرية التي طالتها مع صورتها الأخيرة.
وبالمثل نذكر
في الماضي وفي فترة الأبيض والأسود، طال التنمر الراحلة ليلى مراد، التي اكتفت بالعيش بعيداً عن الأضواء، مستكينة لشيخوختها، رافضة الاقتراب من الجمهور الذي اعتاد رؤيتها وفق شكل ونمط محددين، بصورة تضجّ شبابا وحيوية، وهكذا قررت اعتزال الفن، تجنباً للتعليقات السلبية.
وأخيراً نقول دوام الحال من المحال، وحرية الرأي لا تبيح السخرية وتجاوز حدود الأدب، ولا نحتاج إلى فلتر لينقي صورتنا الخارجية، بل نحتاج إلى آخر داخلي، ليزيل الرواسب النفسية العالقة والتي سببها الجهل المتوارث.