رياضة

تكريم القائد المؤسس وسام على صدري … الملاكم العالمي مصطفى حمشو في حديث لـ«الوطن»: نزالي مع هاغلر كان محطتي الأخيرة

| محمود قرقورا

قبل أقل من شهر تشرفت باستقبال نسخة إهداء من كتاب «فاصل ونواصل» لفخر الإعلام الرياضي السوري والعربي أيمن جاده، وفي بحث لم أكن أتوقعه تحدث عن الملاكم السوري العالمي ابن نادي حطين ولاعب نادي الشرطة مصطفى حمشو الذي نازل بطل العالم في الوزن المتوسط الأميركي مارفن هاغلر في النصف الأول من الثمانينيات، وكانت قصة مشوقة لملاكم سوري كان على بعد مباراة واحدة من ريادة ملاكمي العالم.

ومصادفة التقيت البطل السوري مصطفى حمشو ابن مدينة اللاذقية الأسبوع الفائت بصحبة صديقه الشخصي الحميم الدكتور كامل قداح الذي ينظم له برنامج زيارته ولقاءاته مع وسائل الإعلام عندما يأتي إلى سورية، فوافق بلا تردد ليكون ضيف صحيفة «الوطن»، ولأننا لا نعرف شيئاً عن الملاكم المغترب هذه الأيام، ولأنه امتنع عن الحديث عن كل ما يخص اتحاد الملاكمة من منطلق أنه لم يفكر أحد في الاستفادة من خبرته، فقد كان الحديث عاماً ويتناول في جلّه ذكريات مباراته الشهيرة مع الملاكم الأميركي مارفن هاغلر على بطولة العالم في النصف الأول من الثمانينيات.

السفر والبدايات

تحدث البطل حمشو المولود يوم 10 تشرين الأول عام 1953 عن سفره إلى الولايات المتحدة الذي تم مع نهاية عام 1970 عبر سفينة شحن هولندية من ميناء اللاذقية وحطت في أمستردام، ثم استقل سفينة أخرى متجهة إلى نيويورك، وكعادة أي شاب مغترب لم يسافر بالطرق النظامية بات يعمل أي شيء لينال قوت يومه، ومن ضمن هذه الأعمال ملاكم للتمرين في أحد أندية الملاكمة بنيويورك، وليس مدرباً لأنه كان في بداية الطريق ويحتاج لمن يدربه.

وعن ذلك يقول حمشو:

الملاكم المحترف يحتاج ملاكماً يلاكمه ويتدرب معه قبل خوض نزاله ليكون ذلك بمنزلة اختبار لقدراته، والحقيقة أنني كنت أشعر بقوتي مقارنة مع المتدربين الوافدين وأذكر أنني كنت أتقاضى مبلغ 75 دولاراً عن مواجهة أي متدرب وكنت أخوض مباريات كثيرة، وكان ذلك متنفساً لممارسة لعبتي الملاكمة والاستفادة المادية.

وكنت أشعر بقوتي بمواجهة المتدربين وبت ألعب بكل قوتي وكنت أتفوق على أغلبيتهم وأخبرت مدير النادي الذي لم يلتفت للأمر، بل حذرني وطالبني بالتعامل بلطف مع هؤلاء الذين يجلبون الأموال للنادي، وعندما شعر بصحة ما أقول آمن بقدراتي وفتح أمامي الطريق لخوض نزالات على مستوى نيويورك وبدأ باستثماري ومن هنا بدأت قصتي الحقيقية.

من الهواية إلى الاحتراف

المدرب الإيرلندي بادي فلاد قام بصقله وإعداده من جميع الجوانب وراهن عليه فانتقل من عالم الهواية إلى الاحتراف وسانده الحصول على الجنسية الأميركية وعن ذلك يقول حمشو:

بفضل المدرب بادي فلاد نجحت في دخول قائمة العشرة الأوائل حسب تصنيف الاتحاد الدولي ومجلس الملاكمة العالمي وقد فزت في 32 مباراة مقابل تعادل وخسارة، وهؤلاء العشرة يحق لهم تحدي بطل العالم في الوزن المتوسط الأميركي مارفن هاغلر أحد أعظم الملاكمين في العالم بهذا الوزن.

واستطعت تجاوز الجميع وبت المتحدي الأول المباراة الأولى عام 1981 وتلك المباراة كسبت منها 700 ألف دولار وخسرت في الجولة الحادية عشرة بعدما كنت الند للند وهذا غير معتاد بمواجهة هاغلر، وأذكر أن الحكم أنهى المباراة والدماء تنزف من وجهي وأنا أمتلك القدرة على الاستمرار وإكمال المباراة ولكن وجود والدتي المرافقة لي جعل الحكم المكسيكي أوكتافيو ميران ينهي المباراة حرصاً على سلامتي وعلى مشاعر والدتي.

اهتمام رئاسي بمباراة الثأر

الملاكم حمشو كان حينها لا يستطيع العودة لسورية لأنه يعتبر هارباً من أداء الخدمة الإلزامية ومباراة الثأر تجري أواخر عام 1984 في وقت كانت الصحافة الرياضية المحلية تقرب حمشو أكثر من الشارع الرياضي وبات الأمر على طاولة السيد رئيس الجمهورية وقتها القائد المؤسس حافظ الأسد الذي أعطى أوامره بإرسال وفد رسمي وإعلامي لتغطية المباراة برئاسة عدنان بوظو، وعن تلك المباراة يقول حمشو:

تجاوزت سبعة أبطال لخوض مباراة الثأر تحت قيادة المدرب الإيطالي آل سيتيرمور وآخرهم الملاكم البورتوريكي بينيتيتس أحد أشهر الملاكمين في العالم وحقق بطولة العالم في أربعة أوزان مختلفة، وهزمته بعد مباراة قوية استمرت 12 جولة.

وجاءت مباراة الثأر في وقت كانت نظرة العالم لسورية على أنها بلد إرهابي وأذكر أن الوفد السوري يحمل العلم السوري وصور القائد المؤسس حافظ الأسد فوق العصا الخشبية وكانت هناك مشكلة في دخول الحلبة من منطلق أن العصا ممنوعة فاشترطت دخولها وعزف النشيد السوري لحناً وصوتاً.

العودة إلى سورية والاعتزال

حمشو خسر مباراة الثأر التي جرت في تشرين الأول 1984 بعد ثلاث جولات بالضربة الفنية القاضية ولتنتهي أحلامه في عالم الملاكمة ولكن مكسب حمشو من تلك المباراة يسردها لـ«الوطن»:

كسبت أكثر من مليون دولار من خوضي تلك المباراة، ولكن المكسب الأهم أنني عدت مع الوفد وكان قرابة عشرة أشخاص بين إعلاميين وأعضاء مكتب تنفيذي وقابلت سيد الوطن ولقيت التكريم الكريم مادياً ومعنوياً، وأعفاني فخامته من الخدمة الإلزامية وبت أزور بلدي في أي وقت واستقبالي أهم تكريم ألقاه في حياتي، التكريم الذي أضعه وساماً على صدري، التكريم الذي أغناني عن دولارات أميركا.

أين مصطفى حمشو الآن؟

يقول البطل العالمي: مباراتي مع مارفن هاغلر كانت الأخيرة في مسيرتي وقد انتهت دون أضرار لأن الملاكم ينهي مسيرته وقد أصاب جسمه التعب وفيزيولوجية الجسم تختلف ومن الجائز أن يكون قد تعرض لأكثر من كسر في ذراعه وأضلاعه وربما يصيبه ضيق في التنفس ونقص الأكسجة.

وحالياً أنا رجل أعمال وعندي ثلاثة منازل في نيويورك في حي بيرج بمنطقة بروكلين وأحرص على زيارة بلدي سنوياً، فأنا سوري قبل أن أكون أميركياً وأعتز بسوريتي، وأساهم بالكثير من الأعمال الخيرية في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن