هياكل إدارية جديدة ستعيد توصيفات البنى الإدارية للوزارات بدءاً من الموظفين حتى معاوني الوزراء، ربما تختلف من وزارة إلى أخرى حسب مهامها والاختصاصات التي هي بحاجتها، خطوة الهيكلة وإعادتها والتوصيف الوظيفي تصب في منحى مهم من شأنه إنجاز المهام بصورة أفضل، بعد وضع الأشخاص كل حسب شهادته واختصاصه بالمكان المناسب له، والاستغناء عن مناصب وتعيينات لم يعد حاجة، كالاستشارية مثلاً والخبرات المتعاقدة معها بعض الوزارات، وهي تتم مع الأسف لتقرب أشخاصاً تربطهم صلات معرفة وربما مودة.
لم تتبلور صورة التوصيفات بشكلها الأخير، وربما يكون حديثنا هنا منقوصاً ببعض جنباته، لكن لا نستبق الأحداث، فسرعان ما تنجلي وتتكشف بشكلها النهائي قريباً.
الهيكلة الإدارية الصحيحة وتوصيف الكفاءات وتنصيبها المراكز وخاصة الحساسة، إجراء على درجة عالية من الأهمية، وهنا تكون الوزارة أو المؤسسة قد قطعت شوطاً بعيداً في إنجاح المسؤوليات بوقت أسرع ودقيق، ولكن هل التوصيف يكتفى به لمن حقق الشهادات الأكاديمية العالية..؟ هل فئة التكنوقراط هم الأصلح.. والـ هل كثيرة..؟
هناك مقولة «عند البحث عن أشخاص لإسناد مهام رئيسية لهم ينبغي عليك أن تبحث عن ثلاث صفات: النزاهة، والذكاء، والحيوية». بمعنى الأمانة هي أساس باتت اليوم، فالشخص الأمين يمتاز تلقائياً بالعديد من الخواص التي قد تؤهله ليكون مبدعاً وحيوياً، مقروناً بتأهيل علمي مناسب، وديدنه النجاح وخدمة مجتمعه.
حصلت أخطاء كثيرة من دون الالتفات لها أو معرفة خطورتها، وزارات وإدارات عينت أشخاصاً «أصحاب ثقة» كمستشارين بصرف النظر عن مهاراتهم وأخلاقهم.. وأيضاً هناك من تم تعيينه بمواقع حساسة لأنه يحمل شهادة الدكتوراه، وهي ليست بالضرورة أن يكون وزيراً..! وكذلك الأكاديميون والأساتذة ليسوا أفضل من بعض من تقلد مهمة وزير، هم بعيدون عن واقع السوق، مهامهم نظرية وفلسفية، وهنا التوازن بين احتياجات الوظيفة والأشخاص التي سيشغلونها مهمة حساسة.. وقد تم تجريب السادة التكنوقراط وما يحملون من شهادات وتوصيفات، وثبت أنهم غير قادرين على المناصب والوزارات التي تقلدوها، وهنا فالخبرة في أي مجال أهم من الشهادة العليا..
مهما كان المنصب ومن يتقلد قيادته وزيراً أم مديراً.. أم أي موظف إداري، فالواجب الأول خدمة المواطن ووطنه، لا أن يرى فيه وجاهة وسلطة و«فشخرة» فارغة، وللأسف هناك بعض الوزراء من يرى في إسناد منصب وزير له امتيازاً لشخصه، وينسى أنه تكليف وليس تشريفاً لمقام شخصه وبرجه العاجي، ولنا أمثلة ببعض وزراء تمترسوا وراء أبواب مغلقة، مفضلين عدم الخوض في تفاصيل ومطالبات ملحة حيال بعض المسائل الاقتصادية المهمة، لا بل علاقتهم ليست بالجيدة مع الصحافة لخوفهم من كشف المستور، لأمثال هؤلاء يمكننا القول: لم تقدموا شيئاً، ومن يخاف الاحتكاك المباشر مع الصحافة وما تريد، لن يستطع أن يقدم شيئاً أو إنجازاً مهماً لا اليوم أو غداً..! فالسمة بالتواضع والتواصل خدمة لأبناء بلدهم أولوية قصوى.
يبقى أن نقول إن الإنتاجية في القطاع العام لن تتحسن أبداً إذا لم يخضع العاملون في القطاع الحكومي، وفي مقدمتهم الوزراء لتقييم سنوي تتم مجازاتهم على أعمالهم سواء الجيدة أو السيئة… ومن يخاف من مواجهة الصحافة كيف له أن يواجه مواطناً ناشداً خدمة؟!