من دفتر الوطن

الحكاؤون

| عبد الفتاح العوض

ثمة وجه أبيض لأهل الحكي.. وهنا الحكاؤون من يتقنون مهنة رواية الأحداث، الوجه الأبيض للحكائين يتعلق بمتعة حديثهم يقدمون لك حكايا بطريقة مثيرة للاهتمام تجعلك تعيش الحالة حتى ولو كانت القصة من أولها إلى آخرها ليست قابلة لإثارة الرغبة بسماعها. فالناس بشكل عام يحبون سماع القصص.
الحكاؤون ممتعون ولأنها مهارة خاصة يزيد أهل الحكي قدراتهم على التعبير ومثل هؤلاء يصبح جسدهم كله يتكلم.
في دراسة اجتماعية سئل مجموعة من الناس إن أردتم البقاء مع شخص واحد في جزيرة للسياحة فمن الشخص الذي تختارونه وليس من العائلة الصغيرة؟
يمكنكم أن تسألوا أنفسكم هذا السؤال وربما يحتاج إلى وقت للإجابة لكن عينة الدراسة بنسبة 80% اختاروا شخصاً يتقن سرد النكات والحكايات.
بكل تأكيد كل منا قابل أشخاصاً من هذا النوع الذي يحولون تفاصيل ما صغيرة وأحياناً تافهة إلى حكايات مشوقة.
طيب هذا ليس مقصد هذه الزاوية..
أريد أن أتحدث عن الوجه الآخر للحكائين، هذا الوجه الذي رأيناه في كثير من الأحيان في مواقع مسؤولة وكان جلّ ما يملك هو «الحكي».
من الصفات الأكثر شيوعاً لهؤلاء أنهم يتحدثون في كل القضايا ويقدمون أنفسهم على أنهم «خبراء» في كل شيء.
المسألة بالنسبة لهم هي إعلان عن الذات والترويج للنفس وخلال سنوات خلت قدم كثيرون أنفسهم على أنهم يملكون أفكاراً وحلولاً لقضايا متعددة وأن المشكلة أن «علومهم» هذه لا يستفاد منها لأنهم بعيدون عن صناعة القرار، وأن اقتراحاتهم التي ينثرونها هنا وهنا لا يؤخذ بها، ولا يناقشهم أحد فيها.
بعض هؤلاء في واقع الأمر وكي لا نسقط في التعميم فعلاً يملكون حلولاً لمشاكل محددة ولكن المسألة هنا أننا نتحدث عن أصحاب الادعاء هؤلاء الذين تستمتع إليهم وهم يقدمون لك أن جميع الذين يعملون في مجالاتهم ليسوا أهلاً لما هم عليه وأنهم أقرب إلى «ثروة وطنية» ضائعة.
وفي هذه الأوقات يتقدم أشخاص تركوا البلد وتحولوا إلى منظرين عن قضايا ومشاكل البلد جميعها بدءاً من الصرف الصحي إلى سعر الصرف.
نحن أمام حالة تكررت حتى أصبحت ظاهرة الذين لديهم القدرة على تسويق أنفسهم يقدمون لنا «سلعة» ليست بالمواصفات التي جاءت في إعلاناتهم.
عندما يتولى أحد منهم المسؤولية فإن المسالة تتحول هنا إلى مرحلة تجريب خلطات، وهنا يذوب «الثلج» وتظهر مهارات الحكائين بالتبرير والتسويف وخلق الأعذار وما شابه.
أخطر من ذلك عندما يكون الحكاء فاسداً فهنا لديك فرصة للاستماع إلى برنامج عجائب وغرائب!!
هذا موسم «الحكائين».. استمعوا لهم واستمتعوا!!
أخيراً أريد أن أختم بجملتين الأولى إن أهل الكلام هم غير أهل الحكي.
أما الثانية: فإن الحكائين من النوع الأبيض ممتعون ومن النوع الأسود، مقيتون.

أقوال:
– «ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم».
– بين القول والفعل يتوسط البحر.
– أصبحنا لا نعرف في أي مكان يختبئ السيئون فالجميع يتحدث بمثالية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن