من الشخص السعيد..؟ وهل هناك أشخاص يشعرون ويعيشون بأنهم سعداء، وغارقون بالمتع وكل ما يريح النفوس والصدور.. وهل هناك علاقة بين المتع والسعادة النفسية يا ترى..؟
بحال إذا كانت الملامح بادية على الوجوه، والدمعة مرسومة وما أكثر هكذا حالات تصادفك كل يوم، ماذا بمقدورنا أن نطلق وصفاً تشخيصياً عليها..؟ أقصى ما يمكن أن يحدث للبعض وهم يستمتعون بالسعادة أن تنعقد ألسنتهم، وينظرون لما حولهم على أن كل الأشياء بسيطة، فلا تعقيدات ولا منغصات، وفوق منظور «من كان شبعان يحس أن الجميع شبعان..»!
باعتقادي لا أحد يملك تعريفاً محدداً للسعادة، أو يشعر بها، صحيح هناك فوارق ومناظير مختلفة، بين من يملك المال وتأمين احتياجاته ميسرة، وبين المعثر الذي لا يملك قوت يومه، ويعجز أحياناً عن تأمين أصغر ما يمكن شراؤه وبأقل الأثمان، لكن المهم وفي ظل تداخل الأمور بعضها ببعض، وظروف الحياة الثقيلة، ومع اختلاف بعض القيم وسيطرة لغة السوق على معظم العادات والقيم المتوارثة، بات لا أحد يشعر بطعم الاستقرار والسعادة، فتحولت الحياة إلى ما يشبه الآلة التي تطحن كل من يقع بقلبها أو بأطرافها..
عندما تسمع لأحاديث عن كثير من حالات لأثرياء المال والقصور والفيلات والمطاعم، هؤلاء الذين تحصلوا على كل ما يمكن أن يتحصلوا عليه ما يجعلهم ويؤهلهم أن يكونوا سعداء وبمنزلة متقدمة، ورغم غنى وضعهم وخزينتهم تلقاهم يشكون ويصفون ذواتهم بأنهم تعساء، وكأنهم فشلوا في حياتهم، وهناك نواقص وصعاب، وربما يمرضون وتتعقد حياتهم وتتدهور نفسياتهم.. على حين نجد على النقيض تماماً أشد الناس فقراً وهم شريحة واسعة من ناحية الواقع المعاش، يصفون حالهم إذا سألتهم عن واقعهم وأنفسهم ومعيشتهم في قمة السعادة والرواق..!
الواقع أيها السادة.. لا يشعر أحد بطعم أي شيء، فهناك شيء ناقص يعاني منه أي شخص مهما زادت فلوسه أو قلت لسبب قد يكون ليس المال هو المسبب ببعض الحالات.. فمتع الحياة كثيرة ومتنوعة، وما أكثر الذين يتلذذون فيها وهؤلاء من شريحة مالكي المال والنفوذ، وعلى تنوعها وتكرارها لا يصلون إلى السعادة المنشودة، فالمتع شيء والسعادة طريق يبدو أنه طويل بلا نهاية، ولا أحد ربما يبلغه مهما احتاط واكتنز من رؤوس الأموال، وخير السبل هو الراحة النفسية قبل أي عمل.
كان شراء منزل واقتناء سيارة خلال سنوات خلت متعة لا يوازيها متعة، ولكن رغم هذه المقتنيات صعبة التحقق في أيامنا الحالية هل شعر أحدكم بسعادة عارمة..؟ فامتلاك الأشياء بحد ذاته لا يشتري السعادة، فهاهي الأخيرة ربما يصل إليها البعض عندما يقف جنبه أشخاص كثر يبادلونه نفس الشعور.. وعندما يكون المجتمع معافى ومحصناً من أي ضغوط.. فكثيرة هي الشركات مثلاً التي امتهنت ضخ المزيد من المتع للناس وتتلاعب بطرحها وتالياً تظل تعمل حتى يحصل الإدمان عند هؤلاء ولا يستطعمون بالسعادة والأمان المعيشي المنشود..!
اليوم مجرد الحصول على أي حاجة من الحاجات الأساسية للمعيشة صارت مدعاة لنكون سعداء، فالحاجات صارت كأنها متع في حياة صار عنوانها غلاء مستعر لا يرحم أحداً، فالفقير يشكي حاله وزاد بؤسه وتوسعت حفرة حياته بالمشاكل والآهات، والغني يدعي القلة بالأرباح والمدخول، ويسعى بكل ما يملك ليزيد خزنته ولو كانت على حساب أرواح الناس وليس سعادتهم.
كونوا سعداء ولو تظاهرتم أنكم سعداء فلا خيار إلا أن تشعروا بسعادة طعمها مر وربما زائف..؟