ثقافة وفن

شام.. بأي لون كانت!!

| إسماعيل مروة

خرجت للتوّ من جفنيها
نضّت الثوب عنها فهي التي كانت، وهي الباقية على الدوام شام
نفضت الغبار عنها… أزالت ما علق عليها من دمار
ما من أثر للدم الذي تناثر على أنحاء الجسد والثوب
رسمت ابتسامتها.. ما من حقد يعتمل في نفسها
مسحت بيدها الحانية رؤوس المتعبين
ألقمت بأصابعها أفواه الجائعين
غطت برحمتها نفوس الخاطئين
رسمت طريق الغد بحبها
حملت زينتها البسيطة وتقدمت
من بساط الهوى اختارتها
من سوق الحميدية انتقت ألوانها
روائح البزورية عطرتها… كانت بخوراً… كانت عطراً
كانت عطر شام وحدها
عشر سنوات لم تمسسها نار
لم ينلها غبار… والعاشق غدها وحاضرها يرقب
وحدها كانت على يقين بإيمانها
وحدها آمنت بالحب… حاولوا ثنيها عن الحب
حاولوا إقناعها بأن الحب مضى
قالوا لها: الحب حكاية خرافية!
وكانت ترفض وتصرخ: بل هو حكاية أسطورية!
أسطورة… خرافة
تصرخ الشام.. الخرافة لا أصل لها
أما أنا فأسطورة.. والأسطورة أصل الحكاية
أنا إبراهيم وناره… أنا إسماعيل والكبش
أنا أيوب وحكايته.. أنا أهل الكهف وإيمانهم
أنا الشام.. أنا أصل الحكاية
وكل الحكايا من نبعي خرجت
عشر سنوات اكتملت وشام ترتقب
فكانت المنى… وفي المنى يغيب الخير والشر
وكانت شام منّة الإله..
إيمانها حب… والحب أسطورتها
تقدمت.. نفضت ثوبها
ومع مطلع الفجر بدأت حكايتها
صاغتها بدمع بردى
بآهة الفرات… بتمرد العاصي
بشموخ قلعة حلب… بإيمان أذرعات
بشمم جبل الشيخ
صاغت أغنيتها وأمسكت يد معاوية
تقدمت إلى الأموي.. مسحت دم الحسين
ونادت على بولس الرسول
كان الكون يسأل عنها..
وكانت تلبس تنورتها البيضاء
الوردية… السوداء… بأي لون كانت
كانت تلبسها وتنتظر المولوي
يلقي التحية كالعابد البوذي
يزنر خصرها… تزهر به.. يزهو بها
تدور معه دورة أو دورتين
ثم تتركه للمدى يرقص مولويته ولا يتوقف
يصيب الدوار المتفرجين وهو يغني ولا يسمعون
يا جبل الشيخ… شآم أهلوك أحبابي
يا نهر الشام… وحده يغني بصمت ووحدها تفهم
يصبحان محوراً للحب والهوى
لا هو يتوقف.. ولا هي تتعب
وكلما ارتفعت تنورة الصوفي غطى العطر الكون
لم يعد في الكون الشآمي سوى عطر الهوى
شعاع نور
وبين رقصة وأخرى ينسرب مطر الروح
والمنى تبحث عمن يؤمن بها
وبأن المنى والحب خاتمة فجائع شام
نجت وخرجت… من الرمل خرجت.. من الوهم نبتت.. من الواقع انتفضت… وكانت شام
أسطورة محمد ويسوع… عصا موسى وسفينة نوح
ومهوى فؤاد آدم… جنة الله على الأرض
جنة الله في كل زمان ومكان… ويدور المولوي
وتبسم شام

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن