ثقافة وفن

مسابقة فناني سورية الشباب في تظاهرة فريدة للنحت … وعي إبداعي وخبرة للمشاركين في النحت على الخشب «فن البورتريه»

| سوسن صيداوي ت: طارق السعدوني

في الوقت الحالي يحتاج الجيل الشاب للعطاء والدعم، وبما أن وطننا الغالي ينفض غبار الحرب عنه، فالدعم المادي غير متاح، ولكن التشجيع المعنوي متاح أكثر، وهذا الأمر له فوائده من حيث الاستمرار في الطموح الشاب خلال مشواره. ولنقترب أكثر من موضوعنا الأساس، هذا ما هدفت إليه مسابقة النحت على الخشب (فن البورتريه) والتي أقيمت برعاية وزارة الثقافة، وتم توزيع جوائزها بحضور مدير مديرية الفنون الجميلة عماد كسحوت في قلعة دمشق. حيث تمّ توزيع الجوائز على ثلاث درجات، الجائزة الثالثة ذهبت مناصفة إلى كل من: مناف حسن، وإسماعيل هابيل. على حين الجائزة الثانية تقاسمها كل من: حنان الحاج، وسيزار مازوخ. وأخيراً حاز الجائزة الأولى ربيع خليل.

والكل يعتبر رابحاً طالما أن المسابقة أمّنت للمشاركين الستة عشر جواً من الاستفادة وتبادل الخبرات والأدوات والثقافات، وإمكانية عرض منتجهم الفني للجمهور، ما أغنى الحالة عند الجميع.

غِنى روحي

عن تفاصيل المسابقة بعدد المشاركين وأمور أخرى، أوضح لـ«الوطـن» غاندي خضر رئيس قسم النحت في المعهد التقاني للفنون التطبيقية قائلاً: عدد المشاركين في المسابقة ستة عشر طالباً، اشتركوا معنا من عدة محافظات، وهذا الأمر أضفى الكثير من التنوع على هذه التجربة للطلاب، بمعنى أدق هذا التجمّع أغنى الطلاب فكرياً وثقافياً وفنياً، حيث أضاف غِنى روحياً للموجودين جميعاً وحتى للمتلقين، من خلال منتجهم الفني الذي يعبّر عن الثقافة المحلية لكل واحد منهم. وبالنسبة للمشاركة في المسابقة فهي فرصة مهمة جداً للشباب، لمواجهة المصاعب الجمّة التي واجهتهم بشكل خاص بسبب الوضع الحالي في البلد، وعلى الخصوص في تأمين المواد المطلوبة والتسويق للمنتج وعرضه للجمهور، فهذه المسابقة فيها الكثير من التشجيع لهم من أجل إظهار إمكاناتهم ومواهبهم. وعلى صعيد آخر أشير إلى أن المسابقة تعيد الدور الأساس للمعهد من حيث اهتمامه بالفنانين التشكيليين ونشاطاته والتي لم تكن محلية بل كانت عالمية.

وحول توزيع الجوائز أشار: «أنا عضو بلجنة التحكيم في المسابقة، الجوائز موزعة على ثلاث درجات، الأولى والثانية مناصفة بين فائزين، وبالعموم الجائزة تشجيعية وليس الهدف منها مادياً، بل هو معنوي للطالب الفائز الذي يستحق الكثير من العطاء المادي والمعنوي، وفي السنين القادمة سيكون فيها تحسن أكبر بوضع الجوائز».

الفائز الأول

تحدث ربيع خليل الفائز الأول لـ«الوطـن» عن أهمية هذه الجائزة بالنسبة له بشكل خاص، مشيراً إلى نوعية المواد النحتية التي يفضّلها، قائلاً: منحوتتي عبارة عن تشكيل كلمة (همّ) بأشكال هندسية، فالحزن والأسى الذي يعيشه الإنسان، يجعل من ملامحه مكسّرة وحادة، ما دفعني لتشكيلها بهذه الطريقة، فقمت بنحت وجه الإنسان وفق رؤيتي هذه، كي تدل على دواخل الإنسان المقهورة. أشارك في هذه المسابقة للمرة الثانية، الأولى كانت النحت بالطين، والثانية بالخشب.

وبالنسبة لي هذه المشاركة مهمة جداً، لأنها تعطينا نحن الشباب الفرصة، كي نتعرف إلى مهارات المشاركين الآخرين ونستفيد منها، إضافة إلى أنها تعمل على تقويتنا بمنحنا القدرة بالعمل على أعمال كبيرة، وهذا ما لا يمكنني العمل عليه في مشغلي الخاص.

في الأيام القادمة ممكن أن أستخدم كمادة نحتية أولية، البرونز أو الحجر، فالأمر وارد، ولكن العمل على الخشب أمر ممتع جداً، فهو يعطيني الفرصة بأن ألحظ التكوينات التي أعمل عليها من بداية الشغل عليه.

وأخيراً أنا سعيد جداً بحصولي على الجائزة الأولى، فهذا أمر تمنيته بشدة، ولكن رغم هذا الهدف العام من المسابقة ليس الجائزة بحد ذاتها، بل الهدف تشجيعي، وبالتعاون بين كل المشاركين، وبالاندماج معهم وإغناء مهاراتنا».

من الفائزين

كما ذكرنا أعلاه، حصلت مناصفة على الجائزة الثانية، حنان الحاج، وكانت أطلقت على البورتريه الذي قامت بنحته (أبو صطيف) وهو عبارة عن رأس بملامح حزينة، وفي تفاصيل أكثر تابعت: «هذه المنحوتة تحمل جميع التعابير الإنسانية في الغضب والحزن والفرح، واستطعت كنحاتة أن أحمّله جميع أعبائي النفسيّة. وعن المادة كخشب، ليس سهل التعامل معها، فهناك أنوع صعبة وقاسية جداً، وفي منحوتتي هذه اشتغلتها من خشب شجر الكينا، فالغلاف الخارجي لها قاسٍ جداً، ولكن نتيجته رائعة حتى من حيث اللون الذي يتحول للون الأحمر بدهنه بالقليل من الزيت.

وفي الحقيقة الفن يحتاج إلى رفاهية، الأمر دفعني لأن أعمل بعد تخرجي، كي أتمكن من تأمين المواد، ولكن بعدها فتحت ورشتي الخاصة، واليوم أكتفي بالنحت، الذي يمنحني رفاهية داخلية، وهذا أمر يرضيني ويكفيني».

أستبشر خيراً

وأخيراً كان بين الحضور، الناقد والتشكيلي النحات غازي عانا، الذي استمتع بمشاهدة نتائج أعمال الشباب، فالأعمال برأيه جيدة وتحمل قيمة تعبيرية، ليضيف: «بصراحة أنا متفاجئ بالمعروضات، فالأمر مفرح ويبشر بالخير، لتمتّع هؤلاء الطلاب أو الخريجين الجدد بهذا الوعي، فهم يفكرون بطريقة صحيحة من حيث الكتلة وتشكيلها، والفراغ، واستقرار الكتلة وتكوينها.

ولفت انتباهي العديد من الأعمال التي وجدتها بالفعل متميزة، فهي جيدة مقارنة بمستوى دراسة المشاركين وخبرتهم. إذاً المبادرة لطيفة لأنها تمكّن الشباب من عرض أعمالهم للجمهور، وخصوصاً أن ما يواجهه النحات من التحديات الشديدة ليس بالأمر بالهيّن، وحتى في ظل هذه الظروف، سواء من حيث تأمين المواد الأولية، أو تسويق وعرض الأعمال ونقلها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن