رياضة

نهائي مثالي ليورو 2020 بين مدرستين عظميين … الحلم الإنكليزي يصطدم بالصلابة الإيطالية

| محمود قرقورا

وصل قطار اليورو إلى محطته الأخيرة حيث سيكون ملعب ويمبلي التاريخي شاهداً على المشهد الأخير من الحلقة السادسة عشرة بين المضيف الإنكليزي والضيف الإيطالي، والتاريخ عموماً لا يصب بمصلحة المضيف في النهائيات الأوروبية، فالخيبات أضعاف الابتسامات، ولقاءات أصحاب الأرض في عرس الكرة الأوروبي تراوحت بين كرم الضيافة المبالغ فيه وطمع الضيوف اللافت للنظر، وهذا يجعل الاستضافة ليست عاملاً حاسماً في لقاء اليوم الذي ينطلق بتمام العاشرة ليلاً.

فهناك منتخبات تفوقت على المضيف وتابعت مشوار التتويج كألمانيا 1972 عندما هزمت بلجيكا، وهولندا التي ذبحت أحلام ألمانيا الغربية بهدف متأخر قاتل وقّعه فان باستن بنصف نهائي 1988، واليونان التي خالفت التوقعات أمام البرتغال مرتين 2004 الأولى في الافتتاح والثانية في النهائي، ولكن البرتغال عوّضت إخفاقها بأرضها عندما كتبت التاريخ على حساب المضيف الفرنسي قبل خمس سنوات في مباراة التتويج.

فرنسا استضافت البطولة ثلاث مرات كرقم قياسي وعاشت الفرحة مرة واحدة زمن ميشيل بلاتيني صانع الفرح الأكبر يومها بإبداعات خلّدتها كتب البطولة، مقابل الإخفاق في النسخة الأولى 1960 والحسرة في نهائي 2016 الذي كانت فيه الأفضل بأرض الملعب والأقرب للتتويج والأعلى ترشيحاً في مكاتب المراهنات، ولكن الكرة طاوعت البرتغال محققة أهم إنجازاتها الكروية.

واستضافت إيطاليا الحدث مرتين وعاشت النقيضين، فابتسمت لها كل الحلول عام 1968 وخرجت غير مأسوف عليها عام 1980 رغم عدم الخسارة خلال الوقتين الأصلي والإضافي.

والمنتخب الثالث الذي أحرز اللقب أمام جماهيره هو المنتخب الإسباني عام 1964.

وإنكلترا استسلمت لقدر الترجيح في نصف نهائي عام 1996 وهي ما تأمل تجنبه بمواجهة منتخب صلب عائد بقوة لمنصات التتويج مع المدرب مانشيني الذي قدم نموذجاً للكرة الإيطالي متينة الدفاع مع إضافات متمثلة بقوة الهجوم متعدد الحلول.

دعم جماهيري

يحظى الإنكليز بالدعم الجماهيري الكبير طامحين لإحراز لقب لم يتحقق في تسع مشاركات سابقة أعوام 1968 و1980 و1988 و1992 و1996 و2000 و2004 و2012 و2016 واللقب مطلب ملح لبلد يتنفس كرة القدم ولم يحقق لقباً كبيراً سوى مرة واحدة خلال مونديال 1966 إذا وضعنا جانباً ذهبية كرة القدم الأولمبية.

والجماهير الإنكليزية لن تشعر الآتزوري بالرهبة وخاصة أن إيطاليا لم تخسر أمام إنكلترا في البطولات الكبرى، حيث تقابلا مرتين مونديالياً ومثلهما قارياً والحصيلة الإجمالية ثلاثة انتصارات وتعادل حسمه الطليان بالترجيح.

فأكد المدافع الإيطالي ليوناردو بونوتشي: لن نشعر بالرهبة أمام الـ60 ألف مشجع الذين سيكونون في ملعب ويمبلي، نلعب في ملعبهم ولكن هذا لن يخيفنا، ونفكر فقط في لعب كرة القدم، أن نستمتع، وأن ندخل الملعب بحماس والباقي سيكون مجرد ثرثرة.

وحصيلة المواجهات الإجمالية في مختلف المسابقات 27 مباراة شهدت فوز الأزرق 10 مرات مقابل 9 تعادلات و8 هزائم والأهداف 33/29.

وفي البطولات الكبرى كان التفوق إيطالياً 1/صفر في أمم أوروبا 1980 والتعادل 1/1 ثم فوز الطليان بالترجيح في يورو 2012، كما كان الفوز إيطالياً 2/1 في المباراة الترتيبية لمونديال 1990 وبالنتيجة ذاتها دور المجموعات لمونديال 2014.

وعلى الأراضي الإنكليزية تقابلا تسع مرات عرفت فوز كل منهما ثلاث مرات.

وعموماً لعبت إنكلترا 10 مباريات بأرضها في المسابقة حققت الفوز في ست مباريات مقابل أربعة تعادلات، وتقابلت إيطاليا مع الدولة المضيفة ثلاث مرات حملت فوزاً وتعادلين حسمت أحدهما بالترجيح.

الأفضل

ليس هناك شك بأن المنتخبين هما الأفضل، فصحيح أن إيطاليا غاب بريقها أمام الماتادور في نصف النهائي وأن إنكلترا احتاجت لجزاء جدلية لتجاوز الدانمارك، فقد أظهر كل منهما شخصية البطل، فالطليان تخلصوا من عقبة بلجيكا والإنكليز تجاوزوا الألمان.

وكل منهما لم يخسر في ست مباريات حملت خمسة انتصارات وتعادلاً.

وإذا كانت إيطاليا الأقوى هجوماً باثني عشر هدفاً إلى جوار الدانمارك فإن إنكلترا الأمتن دفاعاً بتلقيها هدفاً يتيماً.

ورجل نهائي مونديال 1966 الإنكليزي جيف هيرست الوحيد الذي سجل الهاتريك في النهائي:

أفضل فريقين في المباراة النهائية، اللعب ضد بلد عظيم هو إيطاليا وأمة كروية عريقة، لا بد أن تكون المباراة النهائية عظيمة، أتوقع أنها ستكون مباراة محدودة بين فريقين رائعين، لا أرى أنه يمكن تكرار نتيجة 4/2 مثلما رأينا في مونديال 1966، سيكون ذلك صدمة حقيقية، الأمر لا يتعلق بتسجيل لاعب هاتريك وإنما يتعلق فقط بالسير على الطريق الصحيح وفوز فريق عظيم.

يوم استثنائي

ليس غريباً ما يقوله قائد المنتخب الإنكليزي هاري كين بأنه سيكون يوماً خاصاً، وكين سجل أربعة أهداف جميعها في الأدوار الإقصائية، وتاريخياً لم يسبق لأي لاعب سجل في الأدوار الإقصائية كلها منذ ارتفاع عدد المنتخبات إلى 16 منتخباً.
ويطمح كين لتسجيل هدف كي يصبح بين هدافي البطولة من جهة، وليكون أول من يسجل في الأدوار الإقصائية كلها من جهة ثانية، وليصبح هداف إنكلترا في البطولات الكبرى، حيث يتساوى حالياص مع غاري لينيكر بعشرة أهداف مع فارق أن أهداف لينيكر كلها في كأس العالم.

ساوثغيت ومانشيني

يقول المدرب الإنكليزي ساوثغيت وهو ثاني مدرب إنكليزي يصل للمربع الذهبي مونديالياً وقارياً: أعتقد أن اللاعبين تعلموا الكثير على مدار السنوات الثلاث أو الأربع الماضية وازدادت خبرتهما وتعاملهم مع المباريات الصعبة، وساوثغيت تحديداً يريد إهداء اللقب للبلاده كي ينسي جماهير الكرة في بلاد الضباب ركلة الترجيح التي أضاعها بمواجهة ألمانيا في نصف نهائي 1996 أمام الألمان.

ويقول المدرب الإيطالي مانشيني الذي قدم على خلفية الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم 2018: أشكر اللاعبين لأنهم آمنوا منذ اليوم الأول بأنه يمكننا صنع شيء لا يصدق، لم نفعل كل ما نحتاجه، لا تزال هناك خطوة واحدة لنقطعها.

يجب أن نضغط ونحاول أخذ زمام المبادرة، من الواضح أنهم فريق رائع، قوي جسدياً وفنياً، فريق يقاتل بقوة، ستكون معركة حتى النهاية.

الصافرة هولندية

في 15 نسخة سابقة جرت 16 مباراة برسم النهائي والسبب أن نسخة 1968 جرت خلالها مباراتان نهائيتان، وفي النهائيات الست عشرة السابقة لم تكن الصافرة هولندية، خلافاً لهذه المرة، إذ سيقود الهولندي كوبيرس المباراة وهو من الحكام المتميزين وسبق له أن قاد نهائي الشامبيونزليغ 2014 بين الريال وأتلتيكو مدريد، وقاد نهائي اليوروبا ليغ مرتين 2013 و2018 ويحكم في النهائيات الأوروبية للمرة الثالثة.

حكام المباريات النهائية سابقاً كانوا من إنكلترا 1960 و1964 و2016 ومن سويسرا 1968 و1992 ومن إسبانيا 1968 ومن النمسا 1972 ومن إيطاليا 1976 و1996 و2008 ومن رومانيا 1980 ومن تشيكوسلوفاكيا 1964 ومن فرنسا 1988 ومن السويد 2000 ومن ألمانيا 2004 ومن البرتغال 2012, وبقيادته المباراة اليوم سيصبح الهولندي كوبيرس أكثر حكم يفصل في النهائيات بتسع مباريات إلى جوار التركي سونيت شاكر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن