اقتصاد

قراءة موضوعية في زيادة الرواتب

| هني الحمدان

جاءت زيادة الرواتب والأجور بنسبة 50 بالمئة للعاملين و40 بالمئة لأصحاب المعاشات التقاعدية رغم الظروف والتحديات الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها سورية، وما تركته الظروف والحصار والحرب على الاقتصاد وروافده التنموية.
هي خطوة ضمن مسلسل خطوات زيادة الرواتب حسب الإمكانات المادية للخزينة العامة والواقع المتاح، وقد يقول قائل إن الزيادة قليلة بالمقارنة مع موجات الغلاء التي طرأت على كل السلع والمواد وزادت من أعباء المعيشة إلا أن الصعوبات ثقيلة والإمكانات الحالية لا تمكنها من زيادة أكثر في الظروف الحالية علماً أن الحكومة تدرك تماماً أن الأعباء المعيشية صعبة، وتعي أيضاً صوابية أن تكون نسبة زيادة الأجور والرواتب أكبر، إلا أن الظروف صعبة وهناك عوامل ضاغطة على الخزينة.. وما تم من زيادة لأسعار طالت بعض المواد المدعومة ومواد الطاقة ما هو إلا لتخفيف نسبة العجز الحاصلة بعد موجات الغلاء في الأسواق العالمية والمحلية والتي طالت كل المواد والسلع بلا استثناء، ولم تأت من تمويل الخزينة على حساب رفع الأسعار، فالحكومة كل ما قامت به هو في سبيل تخفيف الخسائر والأعباء الكبيرة وليس تمويل الخزينة، فالدعم كبير لمواد السكر والرز مثلاً، والخبز والمشتقات النفطية.
وحسب وزارة المالية فزيادة الرواتب اليوم وبنسبتها تكلف الخزينة 980 مليار ليرة سورية سنوياً، بوقت ما تم تحقيقه من رفع أسعار الخبز والمازوت قرابة 64 مليار ليرة شهرياً، فتمويل الخزينة لا يتم من زيادات الأسعار بل من قوة الإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي والاستثمار والعوائد التي تتأتى من النفط، وهذه المقومات الداعمة لتمويل الخزينة تعرضت لمزيد من التحديات والضغوط وتراجع الإنتاج في مواقع عدة وسيطرت قوى الشر على منابع النفط وسرقته وحرمت الشعب السوري من خيراته ومنافعه، كما تأثرت قطاعات مهمة بالحرب والحصار الاقتصادي الجائر مما أضعف قدراتها الإنتاجية والاستثمارية.
وتبقى مسألة تحسين الأوضاع المعيشية الهاجس الأهم عند أي حكومة كانت، وتحاول بشتى الطرق والوسائل بناء جدار ثقة عال بينها وبين مواطنيها، وكل ما سنحت لها إمكاناتها المادية من زيادة نسب الرواتب والأجور ستفعل ذلك سريعاً، لكن الزيادات في الأجور يجب أن تقابلها زيادات في التمويلات والإيرادات، وهذا من البديهيات ولا يحتاج لشروحات مستفيضة… الواقع المعيشي صعب يدركه المواطن والحكومة معاً، والأخيرة تعمل كل ما في وسعها وتتحرك ضمن المساحات التي تحقق من ورائها منافع وإيرادات تقوي خزينتها ومن ثم تقلل من الخسائر، وتالياً يتحقق الوفر والزيادات المجزية على نسب الرواتب والأجور لعامليها ومتقاعديها.. ويبقى موضوع تحسين المستوى المعيشي للمواطنين هو من ضمن الأولويات الرئيسية لعمل الحكومة وهو مرتبط بتوفير السيولة الخاصة به علماً بأنه تم صرف 4 منح خلال الفترة الماضية بكلفة تجاوزت 420 مليار ليرة سورية، وهذه ليست بأرقام قليلة إذا ما قورنت بحجم الإيرادات والتمويلات في ظل أوضاع ليست طبيعية، ناهيك عن التراجعات التي طرأت على الإنتاج وتعكر جو الاستثمار وسرقة النفط وسواه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن