قضايا وآراء

من يعتدي على هيبة وسيادة الدولة العراقية؟

| أحمد ضيف الله

مع استمرار النيل من أرتال الدعم اللوجستي للتحالف الدولي التي باتت شبه يومية في العراق، تصاعدت وتيرة عمليات استهداف القواعد الأميركية بعد العدوان الأميركي على لواءي الحشد الشعبي 14 و46 في قضاء القائم غربي محافظة الأنبار، مثبتة مبدأ «الرد على الرد».
فبعد ساعات من استهداف مجمع السفارة الأميركية في بغداد بطائرة مسيرة فجر الـ6 من تموز 2021، استهدف مطار أربيل الدولي في إقليم كردستان بطائرة أخرى مسيّرة مفخخة، تلاه ببضع ساعات سقوط 14 صاروخاً على قاعدة «عين الأسد» الجوية في محافظة الأنبار، تبنته مجموعة غير معروفة باسم «ثأر الشهيد المهندس» مؤكدة في بيان لها: «نجدد دعوانا للاحتلال الغاشم أننا سنجبركم على الرحيل من أرضنا مهزومين منكسرين» وفي صبيحة اليوم التالي، تعرضت الثكنة العسكرية في السفارة الأميركية ببغداد لصاروخ كاتيوشا، واجهته منظومة الـC-RAM الأميركية بإطلاقات كثيفة من داخل السفارة الحصن.
في الـ18 من حزيران 2021، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن البنتاغون سيسحب «ما يقرب من 8 بطاريات باتريوت من دول بينها العراق والكويت والأردن والسعودية».
منظومات الباتريوت في العراق التي تأكد قرار بدء سحبها، تم إرسالها إلى العراق بعد الهجوم الصاروخي على «قاعدة التاجي» في الـ11 من آذار 2020 الذي قتل فيه ثلاثة جنود من قوات التحالف، بريطاني، واثنان أميركيان، إضافة إلى جرح آخرين، حيث أعلن قائد القيادة المركزية الأميركية كينيث ماكنزي في مؤتمر صحفي عقده في الولايات المتحدة في 13 من الشهر ذاته، أن «واشنطن أرسلت حالياً منظومات باتريوت إلى العراق، وأنه تفصلهم أيام قبل تجهيزها للعمل بشكل كامل»، متجاهلاً رفض رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي وعدم موافقته على إدخال هذه المنظومات، الذي أوضح لاحقاً في بيان لمكتبه في الـ11 من كانون الأول 2020، أن الجهات الرسمية الأميركية طلبت مراراً «بالسماح لإدخال قوات جديدة إلى العراق أو للسماح لطائرات التحالف باستخدام المناطق المحظورة أو باستخدام الترددات العراقية، أو ادخال منظومة باتريوت، وهو أمر رُفض بشكل مكتوب وصريح رغم الإلحاح الأميركي»، وحتى تاريخه، لا توجد موافقة رسمية عراقية بإدخال هذه المنظومة الدفاعية إلى الأراضي العراقية، التي نشرت في قاعدة «عين الأسد»، وقاعدة «حرير» في أربيل، كما أنه لم يسجل أنها نجحت في صد أي من الهجمات المتكررة على تلك القاعدتين، أو غيرهما.
ومن المفيد ذكره، أنه في الـ25 من شباط 1991، أصاب صاروخ سكود عراقي ثكنة للجيش الأميركي في الظهران في المملكة العربية السعودية تسبب في مقتل 28 جندياً أميركياً، وأشارت التحقيقات الأميركية حينها، أن سبب الفشل في الاعتراض كان خطأ برمجياً!
منظومة C-RAM التي تطلق 4500 طلقة بالدقيقة الواحدة، والمنصوبة داخل مجمع السفارة الأميركية ببغداد الشديد التحصين، تثير الرعب والفزع بين المواطنين العراقيين في الأحياء السكنية والشوارع المحيطة بمجمع السفارة، حيث تجري تجارب جهوزيتها مع انطلاق صافرات الإنذار المرعبة بشكل دوري في وضح النهار وفي قت اكتظاظ المدنيين بالشوارع، وغالباً ما تتسبب شظاياها العشوائية في إلحاق إصابات بين المدنيين، أدت في إحداها إلى مقتل طفلة، إضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالسيارات والممتلكات العامة، ولك أن تتخيل مدى كثافة الاطلاقات عند استهداف السفارة بصاروخ.
من المستغرب أن الذين يرون في استهداف صواريخ ومسيّرات المقاومة لقواعد ومراكز الاحتلال الأميركي في العراق على أنه «انتهاك صارخ لكل القوانين، واعتداء على هيبة الدولة والتزاماتها الدولية» من جماعات «خارجة عن القانون»، لا يرون في استمرار قصف القوات الأميركية المحتلة لمواقع القوات العسكرية والمدنية العراقية، وفي استخفاف الأميركيين بالقرار العراقي بعدم الموافقة على إدخالهم منظومات الباتريوت إلى العراق، رغم أن الرفض كان «بشكل مكتوب وصريح»، على أنه انتهاك صارخ لكل القوانين، واعتداء على هيبة الدولة، من دولة تعمل في الأغلب خارج القوانين والأطر الدولية.
دلوني على دولة لديها سفارة أميركية وسط عاصمتها، مساحتها تساوي مساحة الفاتيكان، مكونة من 21 مبنى لاستيعاب نحو 16 ألف موظف، قبل قرار تخفيضهم إلى رقم غير معروف، بسبب المخاوف من عمليات ثأرية بعد استشهاد القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، والدولة المضيفة لا بيانات لديها عن العاملين ولا عن أعدادهم فيها! ولا عن عديد القوات التي تحميها، وحجم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة التي بحوزتها!
دعوا الشرفاء والمقاومين يتولوا فرض الهيبة والسيادة في طرد المحتل الأميركي الغاصب من بلاد الرافدين، حين يعجز الآخرون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن