سورية

واشنطن لروسيا: وقف دعم النظام لإنهاء الحرب في سورية … موسكو: قدمنا في اجتماع فيينا لائحة بـ40 تنظيماً معارضاً «معتدلاً» وندعو لمحاكمة متزعمي داعش

اتفقت الولايات المتحدة وروسيا أمس على أن المحادثات خلال اجتماع فيينا حول سورية يوم الجمعة الماضي كانت «مثمرة». لكن واشنطن رهنت النجاح الكامل لمسار فيينا بوقف موسكو دعمها للنظام لأن السعودية وتركيا والمسلحين سيواصلون الحرب بخلاف ذلك، معتبرة أيضاً أن إنهاء الحرب يتطلب من الرئيس بشار الأسد «عدم مقاومة تشكيل الحكومة الجديدة».
وبدورها كشفت روسيا أنها قدمت خلال اجتماع فيينا، الذي رأت في نتائجه «انتصاراً للحس السليم» قائمة تضم 40 مجموعة وتنظيماً معارضاً معتدلاً تعول على مشاركتهم في التسوية السياسية للأزمة السورية. وفي خطوة غير مسبوقة، دعت موسكو المجتمع الدولي إلى إنشاء محكمة خاصة بمحاكمة متزعمي تنظيم داعش الإرهابي، معتبرةً أنه شكل من أشكال «الفاشية».
في التفاصيل أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن بلاده تخطط للتنسيق مع روسيا لدى إرسال عناصر القوات الخاصة الأميركية إلى سورية للمساهمة في قتال داعش. وقررت الإدارة الأميركية توسيع حربها ضد داعش بإرسال 50 عنصراً من القوات الخاصة إلى سورية للمساعدة على تدريب وتوجيه عمليات «الجيش سورية الديمقراطي» الذي تشكل وحدات «حماية الشعب»، ذات الأغلبية الكردية، عموده الفقري. وأضاف كيري خلال مقابلة مع قناة «مير» التابعة لرابطة الدول المستقلة (تجمع للجمهوريات السابقة في الاتحاد السوفييتي) على هامش زيارته إلى كازاخستان ضمن جولته في آسيا الوسطى: «إننا نريد تنسيق خطواتنا مع روسيا، لكننا لا نريد أن نكتفي بهذا القدر فقط، بل نريد تعاوناً أوسع»، وأشار إلى أن هذا الأمر «مرتبط بروسيا وبالقرارات التي تتخذها في سياق الإجراءات السياسية لإحلال السلام» في سورية.
واعتبر كيري أن التعاون بين الدول القوية التي تعمل طائراتها في المجال الجوي السوري أمر ضروري. وأشار إلى أن الولايات المتحدة وروسيا تمكنتا خلال اجتماع فيينا من إحراز تقدم حول موضوع التسوية السورية، واصفاً المحادثات بأنها كانت «مثمرة للغاية». مع ذلك نبه رئيس الدبلوماسية الأميركية إلى «استحالة» التوصل إلى حل للأزمة السورية «إذا كان الهدف الوحيد لروسيا يكمن في دعم نظام (الرئيس) الأسد». وربط هذه الاستحالة بموقف تركيا وقطر والسعودية والمعارضة السورية «الذين لن يتوقفوا عن حربهم ضد (الرئيس) الأسد». واعتبر أن وجود روسيا (العسكري) من أجل دعم النظام فقط يؤدي إلى ظهور قضايا جديدة (ومشكلة) في المنطقة».
وشدد على أن «السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في سورية يتمثل في دعوة الرئيس الأسد إلى «عدم مقاومة تشكيل الحكومة الجديدة، إذ بإمكانه أن يساعد في ذلك لإنقاذ بلاده».
بدوره ذكر بين رودز مستشار الرئيس الأميركي لشؤون السياسة الخارجية أن مهمة القوة العسكرية التي تخطط واشنطن لإرسالها إلى سورية، ستكمن في «المساهمة في تعزيز قدرات الشركاء» وليس في «المناوبة القتالية». وأوضح أن العسكريين الأميركيين سيقدمون لهؤلاء الشركاء الاستشارات، وسيساعدونهم في المسائل التنظيمية.
في موسكو اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن نتائج اجتماع فيينا «انتصار للحس السليم»، رافضةً الرأي القائل إن المباحثات فشلت لعدم التوصل إلى اتفاق حول مصير الرئيس السوري، مشددةً في المقابل على أن «انعقاد مؤتمر فيينا يعني عملياً تشكيل مجموعة أشبه بمجموعة اتصال خاصة بسورية».
وكشفت زاخاروفا في حديث تلفزيوني ليل أول من أمس، أن روسيا قدمت لشركائها خلال اجتماع فيينا «قائمة مؤلفة من 40 مجموعة ومنظمة سورية معارضة غير متطرفة وغير إرهابية». وأضافت إن مصالح كل السوريين يجب أن تؤخذ في الاعتبار، منوهة إلى أن من النتائج المهمة لمؤتمر فيينا الاتفاق على تمثيل واسع للمعارضة السورية من دون محاولة فرض مجموعة أو أكثر على أنها تمثل المعارضة.
وقالت: إن لقاءً جديداً للمشاركين في مؤتمر فيينا يجب أن يتم بمرور أسبوعين لكن موعده لم يحدد بعد.
من جهة أخرى اعتبرت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أن داعش بفكره وسياسته، ليس سوى شكل من أشكال «الفاشية»، التي يحضر جميع مكوناتها فيه من تعصب أيديولوجي وديني وثقافي ومن الرغبة في الهيمنة على العالم بالاعتماد على أساليب العنف والاستبداد واستعباد الشعوب».
وفي مقابلة مع وكالة «نيوز أم الأرمينية» للأنباء قبيل زيارتها الرسمية أمس إلى العاصمة الأرمنية يريفان، قالت ماتفيينكو: «انطلاقاً من ذلك لا أستبعد أن يضطر المجتمع الدولي إلى التفكير أكثر في إنشاء المحكمة الميدانية الدولية المماثلة لمحاكمات نورمبرغ»، التي حاكمت قادة ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية.
وأشارت إلى أن المساعدات العسكرية المقدمة من روسيا لسورية «يمكنها وقف تقدم الإرهابيين وإضعاف التهديد العسكري المتمثل بهم».
وإذ شددت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي على أن الأمن القومي لأي بلد، وكذلك الأمن الدولي، لن يكون في مأمن ما دام داعش موجوداً، أعربت عن أملها في أن يتوسع التحالف الحقيقي في محاربة الإرهاب. وبينت أن خطر داعش هو ما دفع روسيا والرئيس فلاديمير بوتين لتوجيه الدعوة لإنشاء تحالف دولي واسع للرد على إرهاب داعش، ولذلك، فإن اللقاءات الأخيرة والاتصالات متعددة الأطراف التي جرت في فيينا تزرع الأمل في أنه بهذا الشكل أو بصيغة أخرى سيظهر التحالف لأنه من متطلبات العصر.
وأشارت ماتفيينكو إلى أن الآلاف من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة الأخرى يقاتلون في صفوف الإرهابيين من تنظيم داعش في سورية وعودتهم إلى ديارهم ستشكل تهديداً.
وأوضحت أن نسبة السكان المسلمين في روسيا تصل إلى عشرة بالمئة والأغلبية العظمى منهم من المواطنين الوطنيين لروسيا وليسوا مهاجرين، مشيرةً إلى أن هناك أناساً هم عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة والتطرف السياسي وهم موجودون ليس في وسط من يعتنقون الدين الإسلامي فقط وإنما بين المكونات الأخرى أيضاً.
(رويترز – روسيا اليوم – أ. ش. أ)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن