قضايا وآراء

«ناتو» آسيوي!

| هديل علي

لن تغير تبريرات الرئيس الأميركي جو بايدن حول انسحاب قواته السريع من أفغانستان حتى قبل الموعد المحدد لها في أيلول المقبل، من مصداقية الولايات المتحدة الأميركية أمام العالم، وهي التي أترعت سجلها بنقاط سوداء بسبب نقضها الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وتعداد تلك النقاط يطول.
التبريرات الأميركية التي تهدف بشكل مباشر إلى طمأنة جميع حلفائها في كل أنحاء العالم الحاليين والمستقبليين لم تحقق هدفها، وهي بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تلك المصداقية المفقودة، خاصة أنها بصدد إنشاء تحالفات جديدة، وإعادة تموضع سياسي إستراتيجي جديد، كمحاولة حقيقية لكبح جماح الخطر الصيني، فكيف ستقوم واشنطن بذلك، والعالم يتجه لتثبيت قاعدة سياسية تقول إن التحالف مع أميركا أخطر من معاداتها؟
واشنطن التي تسعى لإنشاء تحالفات جديدة على تخوم الصين يهمها بشكل أو آخر أن تطمئن أي حليف جديد بأن مصيره لن يكون كمصير حكومة «غني» في «كابول» وحيدة في المواجهة.
«الناتو» الآسيوي الذي تؤسس له واشنطن في مواجهة بكين لا يزال قيد الإنشاء وظيفياً، حسب ما أكدته الصحيفة الروسية «فوينيه أوبزرينيه»، التي أوضحت أن على الولايات المتحدة الأميركية ألا تواجه الصين منفردة لعدم امتلاكها القدرة الكافية لمحاصرتها واحتوائها، خاصة أن لناتو حلف الأطلسي مهام أخرى في مواجهة روسيا، فعلى واشنطن إنشاء حلف في المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة بكين.
واشنطن أطلقت على الكتلة المستقبلية اسم «الحوار الأمني الرباعي»، المؤلف من الهند واليابان والولايات المتحدة وأستراليا، ليتم تشكيل كتلة سياسية حول الصين، ولكن اقتصاديات الدول المشكلة بهذا «الحلف» شديدة التكامل مع اقتصاد الخصم المفترض «الصين»، فلذلك عملت واشنطن على أن تكون المهمة الرئيسة للحلف هي السيطرة على شرايين النقل البحري من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا.
الصحيفة الروسية أوردت أيضاً أن هذه «الرباعية» ليست كتلة عسكرية حقيقية بعد، وأن اسمها الرسمي يندرج تحت مسمى «الحوار الإستراتيجي الدولي» في صيغة اجتماعات منتظمة حول القضايا الأمنية، خاصة أن الأميركيين يحاولون بكل الطرق الممكنة توسيع نفوذهم من خلال دعوة مشاركين جدد مثل نيوزيلندا وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرها.
الصين الشغل الشاغل لأميركا التي تحاول جاهدة فرملتها وكبح تقدمها الشامل على المستويات كافة وخاصة على المستوى العلمي، الذي حققت فيه بكين أرقاماً تشكل رعباً حقيقياً للولايات المتحدة الأميركية، حيث كشف تقرير للمؤسسة الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة عن نشر أكثر من 2.5 مليون مقالة علمية حول العالم في عام 2018، كان النصيب الأكبر منها للصين، ومن ثم أميركا.
وحسب التقرير، بلغ عدد الأبحاث العلمية والهندسية الصينية المنشورة في مجلات علمية حول العالم أكثر من 528 ألف بحث، مقارنة بـ422 ألف بحث أميركي في العام نفسه، لتقود بذلك الصين العالم في مجال البحث العلمي، مخلفة وراءها الولايات المتحدة وأوروبا.
الصين قوة نووية واقتصادية وبشرية عظمى وأصبحت منذ سنوات قوة علمية تكنولوجية تقنية هائلة تنافس وتزاحم واشنطن على موقعها الريادي في العالم، ما يدفع الأخيرة للضغط على بكين بكل الوسائل والطرق، والحكم بالنهاية للنتائج المتمخضة عن هذه الصراعات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن