رياضة

النادي الاجتماعي السوري «الفتوة» … الرواية الكاملة – الجزء الأول

| شادي علوش

شكّل رجل الأعمال المعروف المهندس مازن العاني حالة استثنائية، لنادي الفتوة، الذي يعد واحداً من الأندية التاريخية المعروفة على خريطة الكرة السورية منذ انطلاقة الدوري السوري لكرة القدم في عام 1966.
الاستثناء الذي شكله العاني «ابن نفس المحافظة» جاء تبعاً لحدثين لا يمكن أن يكونا عابرين، وخاصة إذا ما علمنا التكوينة الاجتماعية والإمكانية المالية التي يمتلكها نادي الفتوة.
فهذا النادي الذي يعيش بلا موارد ثابتة، ويلعب بعيداً عن أرضه منذ ما يقارب عقداً من الزمن، يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة وصعبة جداً، ربما لا ترضى برؤية ناديها ضعيفاً.

من هنا كانت الانطلاقة الاستثنائية للرجل الذي جاء في ظرف خانق، ليدير زمام الأمور من بوابة الرئاسة الفخرية للنادي وتكوين منظومة جديدة تتبع للنادي أطلق عليها اسم «النادي الاجتماعي» ولهذا النادي ولتلك التسمية قصة شائقة جداً سنسردها في هذا التحقيق، الذي يتكلم عن مسيرة رجل خلال سنة مضت في هذا النادي الرياضي والاجتماعي.

العاني ينحدر من دير الزور، ولكنه لا يعيش فيها منذ ما يقارب ربع قرن، يقيم في دمشق ويدير العديد من المشاريع، وعرف عنه مساعدته الدائمة لأبناء محافظته في أمور مادية وغير مادية، ومن مجمل تلك المساعدات كانت للرياضة حصة جيدة في تفكير هذا الرجل الذي دعم مادياً جميع أندية محافظته وفي مختلف الرياضات الفردية منها والجماعية.

لقد شكل العاني عامل الاستثناء الأول، والذي لم نسمع عنه من قبل في البلاد، من كونه رجلاً ذا خلفية رياضية محترمة، وهذه من الاستثناءات القليلة جداً، لرجال داعمين مادياً وهم بالوقت ذاته رياضيون.

لقد لعب العاني في صفوف ناديه الفتوة في الفترة بين 1984 ولغاية 1991 وهي الفترة التي شهدت جل إنجازات النادي التاريخية بكرة القدم، وكان قائداً لفريق فئتي الشباب والرديف، قبل أن يلعب مع الرجال لبضع سنوات ويترك اللعب لاحقاً متوجها نحو إكمال تحصيله العلمي ومتابعة نشاطه التجاري.

بعد عدة سنوات يعود العاني للواجهة الرياضية مجدداً، يعود من البوابة ذاتها «نادي الفتوة» داعماً رئيسياً ومهماً، وحديثاً ذائع الصيت في أرجاء سورية، عن لاعب كرة قدم، أصبح داعماً شبه أوحد لناديه.. ليؤسس بالتزامن مع ذلك «النادي الاجتماعي» وهو النادي الأول في سورية من نوعه في العصر الحديث.. والثاني تاريخياً بعد ناد ديري آخر نشط في ستينيات القرن الماضي، مع اختلافات جذرية بين الناديين.

النادي الاجتماعي الأول

لم تكن تسمية النادي الاجتماعي حدثاً طارئاً في الذاكرة الرياضية السورية، وخاصة في محافظة دير الزور، إذ عاشت هذه المحافظة تجربة مماثلة في التسمية، وإن اختلفت كثيراً من حيث المضمون.

ففي نهاية خمسينيات القرن الماضي تم تأسيس «نادي الأخوة الرياضي الثقافي الاجتماعي» في دير الزور على يد مجموعة من الطلاب والمثقفين الذين مارسوا الرياضة إلى جانب النشاطين الثقافي «تمثيل المسرحيات وإقامة الأمسيات الثقافية والشعرية والغنائية» والاجتماعي المتمثل برحلات الكشافة والملتقيات السياسية والأدبية وكان أعضاء هذا النادي يمتازون بلباسهم الرسمي الموحد.

ولكن هذه التجربة لم تعمر طويلاً بعد حل النادي ودمجه بناد آخر اسمه الفرات ليطلق على الناديين معاً اسم «نادي اليقظة».

بعد ما يقارب نصف قرن من تلك التجربة جاء المهندس مازن العاني لابتداع فكرة جديدة استمدها من الظروف الاجتماعية القاسية التي مرت بها البلاد.

وطوال السنوات الماضية أطلق العاني حملة اجتماعية في مسقط رأسه سماها «لا تقطع المعروف» وكانت غاية هذه الحملة هي تقديم المساعدة المادية لأبناء محافظته سواء المقيمين منهم بدير الزور أو القاطنين في العاصمة.

وتمثلت أوجه المساعدة بتقديم المعونة المالية الشهرية للعائلات الفقيرة وتنفيذ حملات موسمية لتوزيع مساعدات غذائية إلى جانب التدخل الايجابي في العمليات الطبية ومساعدة المحتاجين للعلاج والأدوية.

بعد نجاح تلك التجربة وذياع صيتها في عموم سورية كانت الفكرة الأهم قيد التنفيذ.. وهذا ما حدث في صيف 2021 حين قام العاني بطلب إضافة اسم «الاجتماعي» لنادي الفتوة الرياضي ليكون بذلك «نادي الفتوة الرياضي الاجتماعي» وهو أول ناد في سورية يساهم بمساعدة المجتمع المدني إلى جانب النشاط الرياضي.

العاني أصبح رئيساً فخرياً للنادي الرياضي ورئيساً فعلياً للنادي الاجتماعي الذي انضوى تحت لوائه مئات المتطوعين الشباب لتعود التسمية الاجتماعية لدير الزور إنما مع اختلاف الظروف والتوجهات.

اليوم بات النادي الاجتماعي سنداً للعائلات المحتاجة عبر جداول خاصة أنشئت لهذا الغرض وبأرقام تسلسلية معروفة ومبالغ مادية مرصودة لهذا الغرض.

النادي الاجتماعي بات يستهدف اليوم مجمل شرائح المجتمع من المحتاجين للمساعدة وهم الأطفال وطلبة المدارس والجامعات والعائلات الفقيرة والمرضى إلى جانب الاستمرار بدعم الحالات الطارئة التي ترد لمقر النادي بشكل يومي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن