قضايا وآراء

جيش الاحتلال: سنواجه صراعا ثقيلاً

| تحسين الحلبي

في 13 تموز الجاري نشرت المجلة الأميركية اليهودية «جويش نيوز سينديكيت» تحليلاً للكاتب الإسرائيلي ياكوف لابان كشف فيه أن نائب رئيس الأركان الإسرائيلي العميد ايال زامير تحدث في خطاب وداعي يوم الأحد الماضي عن الصعوبات غير المسبوقة للجيش الإسرائيلي في هذه الأوقات وحذر من خطورتها واعترف أن «الجيش الإسرائيلي سيواجه صراعا ثقيلا وطويل الأمد سيتولد في عدد من الساحات من بينها ساحة الجبهة الداخلية» وعرض بعض السيناريوهات التي ذكر أنها «ستتطلب من الجيش قدرة حاسمة وذات قابلية للاستمرار بإجراءات قوية».
المعروف أن زامير كان يتولى مهمة بناء قدرات الجيش وهو يكرر في تحذيره وتوصيفه لطبيعة الحرب التي تواجهها إسرائيل على عدة جبهات نفس ما أكده رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت قبل سنوات وما كرره رئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي في العام الماضي وهذا يعني أن هذه المعضلة وهذا الضعف الإسرائيلي الموجود من هذه الناحية لم يستطع قادة الجيش إيجاد الحلول الحاسمة له حتى الآن وفشلوا في التخلص من الأطراف العربية والإقليمية والفلسطينية التي تزيد من قدراتها وصمودها في مجابهة الكيان الإسرائيلي وهي سورية ومحور المقاومة، ويرى وجود «حاجة ماسة لإعداد نظام قتالي بنوعيات متزايدة وبعدد كبير من القوى البشرية العسكرية الإسرائيلية».
يبدو أن التأكيد على ضرورة وجود قوة بشرية عسكرية كبيرة هو الذي جعل رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس يتفقان في الشهر الماضي على عدم تخفيض مدة الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي وفضلا الإبقاء على أكبر عدد من الجنود في هذه الأوقات.
بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من العوامل الموضوعية المكشوفة التي تدل على المعضلة التي يواجهها جيش الاحتلال في أي حرب مقبلة أو شاملة فالجبهة الداخلية ستواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على خمسة ملايين فلسطيني يقيمون في أراضيهم داخل فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وفي الضفة الغربية وبخاصة بعد أن شارك هذا الحشد الفلسطيني في إشغال الجيش في مواجهات أيار الماضي بين قطاع غزة وجيش الاحتلال وهذه الجبهة الداخلية الوسطى لوحدها ستحتاج لما لا يقل عن 40 ألفا من الجنود للانشغال بمنع أخطارها كما سيواجه جيش الاحتلال قطاع غزة الذي يزيد عدد سكانه على مليونين سواء عبر الحدود أو لمواجهة الصواريخ التي ثبت عجز القبة الحديدية الإسرائيلية عن منع سقوطها داخل الكيان الإسرائيلي ومدنه ومستوطناته وهذا الجانب من الجبهة الداخلية من الطبيعي أن يجبر قوات الاحتلال على حشد أكثر من خمسين ألفا من الجنود ضد القطاع وقد يزداد العدد المطلوب من أفراد الجيش في جانبي الجبهة الداخلية وحدود قطاع غزة إلى ضعف هذا العدد في حين يعترف قادة جيش الاحتلال أن وجود جبهة شمالية معادية للاحتلال في جنوب لبنان وعند حدود الجولان العربي السوري سيتطلب حشد معظم بقية القوة البشرية العسكرية حتى لو بقيت جبهة الشمال على حالها الراهن دون حرب مباشرة وهذا يعني أن جيش الاحتلال سيجمد ما يزيد عن 150 ألفا من أفراده أمام جبهة الشمال ولذلك يحذر زامير من أن هذا السيناريو قد يعطي فرصة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وللجمهور الفلسطيني داخل الضفة الغربية وبقية الأراضي المحتلة منذ عام 1948 لإطالة المواجهات مع الجيش طالما أنه لا يستطيع حشد كل قواته ضد هذين الجانبين اللذين يهددانه في عقر كيانه بل لهذا السبب يدعو زامير إلى زيادة القوة البشرية العسكرية في هذه الظروف وإلى منع إطالة أمد المواجهات
وهذان المطلبان الإسرائيليان لا يمكن تحقيقهما في أي مواجهات من هذا القبيــل فالقــوة البشــرية تتناقــص شهراً تلو آخر بسـبب الهجرة العكســية وعــدم ضمان سلامة وأمن المستوطنين بعــد ســنوات طويلــة من إخفاق جيش الاحتلال في ضمان أمن المسـتوطنات وفي هذه الحالة يلاحظ معظم المراقبين أن الحالة المعنويــة للمســتوطنين والجيـــش تتراجع سنة تلو أخرى على حــين يزداد حشــد وعدد المقاومين داخل الجبهة الداخلية الإسرائيلية وجبهــة قطــاع غزة في الجنوب وهذا من شأنه بموجــب ما يشير زامير، زيادة اندفاع الفصائل الفلســطينية المسلحة وقوات حزب اللـه نحو الاشتباك مع جيش الاحتلال في ظروفه الراهنة والمتدهورة بموجب رأي الكثيرين من المحللين الإسرائيليين أيضاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن