رياضة

النادي الاجتماعي السوري «الفتوة».. الرواية الكاملة- الجزء الثاني

| شادي علوش

حين لبى المهندس مازن العاني نداء جماهير ومحبي نادي الفتوة ورموزه الكبار بضرورة حضوره في موقع القرار في النادي أخذ الرجل على عاتقه مهمة تشكيل مجلس إدارة للنادي في أيلول 2020 مع وجود شرط أساسي لعمله تمثل برئاسته الفخرية للنادي دون الاقتراب من مجلس الإدارة وترك موضوع النادي الاجتماعي على عاتقه.
نجح العاني بأخذ موافقة السلطة الرياضية العليا في البلاد بإضافة تسمية «الاجتماعي» لنادي الفتوة وهذا ما حدث حين صدور قرار مجلس الإدارة الجديد بتوقيع رئيس اللجنة الأولمبية السورية فراس معلا وكان في القرار حدثان استثنائيان يسجلان في تاريخ العاني.
الحدث الأول هو إضافة كلمة «الاجتماعي» وهذا الحدث هو الأول من نوعه في تاريخ الرياضة السورية الحديث.
والحدث الثاني هو تسمية العاني رئيساً فخرياً للنادي في نص قرار تشكيل الإدارة وهو حدث استثنائي يعتبر أيضاً الأول من نوعه.
شرع العاني في الالتفات للجانب الاجتماعي بهيكلة المؤسسة حديثة الولادة فكان أن أصدر قراراً بتسمية مدير للنادي الاجتماعي ووقع الاختيار على الدكتور محمد الفارس وهو شاب من دير الزور حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية وكان الذراع اليمنى للعاني في حملة «لا تقطع المعروف» التي تحدثنا عنها في جزء سابق.
الفارس بدأ أولى خطوات العمل بإحداث مقر للنادي في دير الزور وضم مئات المتطوعين من أبناء وبنات المدينة مع توحيد لباسهم.
بدأ العمل هناك بتنظيم كبير إذ كان الفارس يعد القوائم للجهات المستفيدة من دعم النادي الاجتماعي بعد المعاينة والكشف على أرض الواقع على حين كان مازن العاني رئيس النادي يصدر قراراته بالموافقة اعتماداً على بيانات الفارس ومتطوعي النادي.
وهكذا استمرت مسيرة العام المنصرم بتوزيع المساعدات الغذائية والصحية والنقدية والعلاجية في مدينة دير الزور بينما كانت الجهات الداعمة لمشروع العاني الاجتماعي تتابع تطورات العمل باهتمام بالغ وتشد على يد أصحاب الفكرة.

من مازن العاني؟

منذ ما يقارب 30 عاماً خرج المهندس مازن العاني من دير الزور سعياً وراء بناء مستقبل سيكون زاهراً في ما تلاه من أيام وسنين، لدراسة وعمل واطلاع على ثقافات وبلدان مختلفة.

قضى العاني المدة المشار إليها متنقلاً بين دمشق والعديد من الدول أسس خلالها عشرات المشاريع الإبداعية المنتمية لدراسته في علم الديكور..

القناعة الراسخة في ذهن هذا الرجل كانت تقول «رب العالمين منحني.. وأنا سأمد يدي لكل محتاج في كل زمان ومكان».. وهكذا كانت البداية..

البداية التي أتحدث عنها الآن ربما يرويها رفاق للعاني عاشروه وعايشوه عن قرب فامتلكوا المعلومة الدقيقة «ليد الخير» التي بدأت بمساعدات مادية ومعنوية شبه يومية تقدم لكل من يطرق الباب… الاعتقاد الجازم أن الجواب الإيجابي سيكون حاضراً.

بعد ذلك تطورت المساعدات لتشمل وجهاً غير مألوف من ذي قبل… إنه الرعاية الكاملة لطلبة الجامعات من أبناء دير الزور.. أولئك الذين لم يكن بمقدورهم تحمل نفقات الدراسة الباهظة.. مع تتالي السنين بلغت حجم المساعدات المقدمة للطلاب رقماً كبيراً.. لقد تكفل العاني براتب شهري تم تخصيصه لكل طالب مستفيد من هذا الدعم بدءاً من السنة الأولى لدراسته إلى حين التخرج.

في هذا الصدد سعى العاني لضمان استمرار يد الخير من خلال تنظيم عقد مع كل طالب مستفيد من الدعم، يتعهد من خلاله الطالب برد الدعم للمحتاجين حسب سنوات دراسته التي استفاد خلالها من الدعم.

ذلك العقد يتضمن تعهد الطالب بعد إنهاء دراسته بمساعدة المحتاجين وفق المثال الآتي:

الطبيب يتعهد بعلاج مجاني لاثنين من المرضى يومياً.. لمدة 6 سنوات وهي عدد سنوات دراسته.

المهندس يخصص نسبة معينة من مدخوله لمساعدة عائلتين… أو شخصين محتاجين لمدة 5 سنوات وهي عدد سنوات دراسته التي استفاد فيها من الدعم كذلك..

هنا أراد العاني إيصال رسالة مفادها: استمرار عمل الخير.. وزرع شعور المساعدة وواجبها لدى جميع من يتلقى تلك المساعدة قبل.

بعد هذه الخطوة جاءت الخطوة الثانية والتي انطلقت بالتزامن مع بداية الأزمة في البلاد واضطرار الكثير من الناس لمغادرة دير الزور والاستقرار بدمشق.. هنا خطا العاني خطوة جديدة لمساعدة أبناء جلدته فكانت مبادرة سداد آجار المنازل بشكل شهري لعشرات الأسر الديرية عن طريق محاسب مخصص لهذا الغرض وفي موعد محدد بداية كل شهر.

ثم كانت الخطوة الثالثة وهي المساعدة العلاجية وتحمل تكاليف العمليات الجراحية والأدوية للأمراض المزمنة نمتلك عدداً من الوثائق التي تثبت تكفل العاني بأجور عمليات جراحية لأشخاص غير قادرين على ذلك».

تلك الخطوات الثلاث مجتمعة أسست لحالة جديدة اصطلح على تسميتها «لا تقطع المعروف» وهي الحملة ذائعة الصيت التي لاقت أصداءً واسعة واتسع نقاط عملها ليشمل قلب مدينة دير الزور بعد تحريرها عام 2017 وعودة بعض العوائل إليها من جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن