من دفتر الوطن

سورية دواؤها أبناؤها

| حسن م. يوسف

أبطال حرب وجرحى من جيشنا العربي السوري، جنود وضباط، ذوو شهداء، كهنة وشيوخ تشي أزياؤهم باختلاف مشاربهم، مبدعون من أهل القلم والنغمة والريشة والصورة والكتلة النحتية، أكاديميون ورجال علم، أطباء ورياضيون، سياسيون من أجيال عديدة، جاؤوا من مختلف دروب الحياة ليحضروا قيام السيد الرئيس بشار الأسد بأداء القسم الدستوري أمام رئيس وأعضاء مجلس الشعب السوري.
في قاعة القسم في قصر الشعب المطل على دمشق الخالدة، كان الحشد مختاراً بعناية فائقة، حتى ليمكن القول إن سورية بكل ألوانها ومختلف أطيافها كانت حاضرة بكامل بهائها في تلك القاعة.
سورية بجبالها وسهولها، ببحرها وأنهارها، بباديتها وقراها ومدنها. أما على مستوى الصوت والنغمة فقد كانت سورية حاضرة بجمال روحها وفرادة نسيجها الحضاري ممثلاً بمقطوعات موسيقية ساحرة من تأليف المبدعين السوريين سعد الحسيني وطاهر مامللي وغيرهما من المبدعين السوريين والعرب، بأداء متمكن وجميل من الفرقة السمفونية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان.
كان حشد الضيوف يتحرك بهدوء وسلاسة وتناغم متبعاً إرشادات شابات وشباب المراسم الذين تشع ابتساماتهم دماثة ولطفاً.
سألني أحد الزملاء ونحن نغادر القاعة الفخمة التي جرت فيها احتفالية أداء القسم الدستوري، عن انطباعي حول التنظيم الدقيق، وأهم ما قاله السيد الرئيس في خطابه، فقلت له إن أهم شيء في كلمة السيد الرئيس هو أنها لم تكن خطاباً، في معناها ولا في مبناها. من المؤكد أن بعض الحضور المتحمسين مارسوا الخطابة، لكن السيد الرئيس ابتعد في كلمته عن اللهجة الخطابية، فقد انطوت الكلمة على مشروع خطة عمل للخروج من الحال الذي تمر به البلاد، لكنها بدت لي خالية من العبارات الحماسية والوعود الوردية.
كانت الكلمة بمثابة كشف حساب لما مررنا به خلال الحرب التي شنتها الفاشية العالمية وأدواتها الإقليمية والمحلية على الدولة السورية، كما احتوت على توجهات الدولة خلال الفترة القادمة، وعلى رأسها التصدي لمختلف التحديات التي يواجهها المجتمع، وعزم الدولة على معالجة هموم المواطنين وأوضاعهم المعيشية من خلال الاستمرار في مكافحة الفساد، والتشجيع على الاستثمار والتأكيد على ثوابت السياسة السورية، وحتمية استعادة سيطرة الدولة على كل شبر من أرضيها. إلا أن أبرز ما استوقفني هو تأكيد سيادته على المصالحات الوطنية وضرورة عودة السوريين المغرر بهم إلى حضن الوطن، فسورية دواؤها أبناؤها.
أعترف أن حضور مراسم القسم الدستوري كان أمراً مهماً بالنسبة لي شخصياً لأنه جعلني أثق بالمستقل، كما جعلني أطمئن على سورية وعلى السوريين. وقد سعدت بشكل خاص لرؤية الأب الجليل إلياس زحلاوي وقد استعاد عافيته. ولعل أجمل ما أختم به هو الكلمات التي همس بها في أذني، قال الأب إلياس زحلاوي: لا بد ما الشمس تضوي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن