ثقافة وفن

الإنسان هو الموضوع الأساس الذي يشغلني … هالة الفيصل لـ«الوطن»: لا أرسم لوحات تجارية فهي وإن رفعت الفنان بسرعة فإنه سيسقط حتماً

| سارة سلامة

فنانة تشكيلية سورية مرهفة وحساسة، لوحاتها تروي قصصاً وحكايا، تحمل روح الإنسان، هذه الكنز الأغنى والقيمة المثلى، لا يكاد يغيب عنها وجوه أشخاص مروا ولكنهم ظلوا بريشتها عالقين وفي لوحاتها مسيطرين، هي ذاكرة نشطة توثق الأشخاص، هي سورية الهوى تعشق السلام والفن وتبغض الحروب والقتل.

كلمتها هي لوحتها تعبر عنها في المحافل وتعكس خبرتها الكبيرة بأسلوبية متعددة، لا تختص تحت بند أو مسمى بل تحلق في سماء الفن مجتازة كل الأساليب وترسم خطّاً خاصاً بها يمثلها، اسمها بالدرجة الأولى هالة الفيصل.

لطالما رسمت الطبيعة والطبيعة الصامتة وتغني اللوحة بألوان متنوعة ترتكز في معرضها هذا الذي استضافته قاعة أورنينا في فندق «جوليا دومنا» في دمشق، على الألوان الترابية التي تعبر عن الأرض.

وبعد انقطاع عن المعارض في سورية فاق 12 عاماً، تعود هالة الفيصل محملة بهواجس وآلام وآمال، تحمل كل أوجاع الناس لتلفظ كل هذا الوجع والحنين بمعرضها الذي يحمل الأمل والبسمة والتحية لكل إنسان قاوم وعمل وتحدى، وقدمت خلاله لوحات تعود لفترات زمنية مختلفة تمتد من عام 2000 وحتى الآن وضم أشياء عن سورية والمرأة وجوليا دومنا.

العالم كله وطني

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت هالة الفيصل: «إن هذا المعرض يتضمن حديثاً عن البلد، عن كل إنسان في بلدي، لأنني أهتم بالإنسان الذي هو غايتي بروحه وإحساسه وطاقاته ومشاعره، لذلك غالباً ما أقدم البورتريات في لوحاتي».

ورغم أنها تسافر كثيراً متنقلة بين العواصم العالمية إلا أن لسورية جزءاً كبيراً في حياتها حيث تقول: «سفري بين برلين وبريطانيا وباريس لا يلغي أنني بنت سورية، والأشخاص في لوحاتي هم جزء من ذاكرتي ومن الواقع الحالي ومن الناس الذين التقيتهم، والأصدقاء كذلك والناس الذين مروا في حياتي، التنقل والسفر جزء من شخصيتي، وأعتبر الآن أن العالم كله وطني لأن الكرة الأرضية كلها مرتبطة ببعضها، والعالم أصبح قرية كبيرة لا نستطيع أن نعزل أنفسنا، يجب أن نكون على تواصل مع كل ما يحدث في أي مكان بالعالم».

في لوحاتها يتجسد الإنسان بكل حالاته وعن تأثير الحروب تقول الفيصل: «لا أحب الحروب، وأنا ضدها لأنها عبر التاريخ خلقت للتدمير، وكما نعلم أن التغيير شيء طبيعي في حياة البشرية والحضارات، ولكنني أفضل التغيير بالشكل السلمي، لا بالأسلحة التي تدمر ليس فقط حياة الإنسان بل تدمر روحه وتقتل مشاعره وآماله، إلا أنني أتفاءل بمصير بلدي عندما أرى الأفلام الوثائقية عن الحروب، ومنها حرب ألمانيا التي دمرت بالكامل، واستطاعت أن تصبح اليوم البلد الصناعي الأول في أوروبا، ذلك يعطيني أملاً كبيراً بالنسبة لسورية، ومن هنا أحيّي كل فنان على الشجاعة التي بقي بها يتمسك بقلمه أو ريشته، لأن الفن طريقه صعب وخاصة ضمن هذه الظروف، ورسالتي من المعرض تتلخص في أن يبقى الإنسان رغم كل شيء يبحث عن بصيص أمل وأن يبقى مواصلاً ولا يموت».

أسلوب بحد ذاته

تختلف لوحاتها بطرائقها والأسلوب والفن المتلون الذي ينم عن خبرة عميقة، وتتحدث الفيصل عن أسلوبها قائلة: «لا أؤمن بقصة الأسلوب بل أؤمن أن الفنان يجب أن يكون صادقاً مع نفسه، أما الأسلوب فقد اخترعه النقاد كي يستطيعوا أن يصنفوا الفنانين ضمن شيء معين يسهل عليهم دراسته، وأقول مثلما يكتب عني عادة أن هالة الفيصل لا يمكن تصنيفها ضمن أسلوب معين لأنها أسلوب بحد ذاته».

في لوحاتها نجد كل الألوان مبتهجة تنضح بتفاصيل اللوحة وتقول عن فن استخدام الألوان: إن «الألوان الغالبة عندي هي الألوان الترابية التي تعبر عن لون الأرض، ولا يوجد عندي لون صافٍ وحده لأن الألوان دائماً تأخذ من بعضها مثل الحياة، واستخدام الألوان يختلف عند الفنان من مرحلة لأخرى حسب ما يمرّ به، وهناك تغير حسب الجو أو ما يحدث معي في الحياة من متغيرات وظروف تؤثر فيّ، وبالتالي تؤثر في اللوحة لأن اللوحة الفنية حساسة جداً، هي بمنزلة روح لذلك يصعب أن أبيع لوحاتي إلا للأشخاص الذين يحترمونها ويقدرونها ويحبونها مثلي، لذلك لا أرسم لوحات تجارية فهي وإن رفعت الفنان بسرعة ستجعله آيلاً للسقوط بالسرعة نفسها».

يذكر أن هالة الفيصل أقامت معارض فنية عدة كما مثلت في فيلم وقائع العام المقبل لسمير ذكرى إنتاج عام 1986.
كما تخرجت في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 1983 ثم درست في معاهد ومدارس مختلفة في كل من موسكو وباريس ونيويورك، وتتحدث هالة اللغات العربية والروسية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن