شؤون محلية

حاجتنا إلى نظام عالمي جديد

| بقلم: نبيل الملاح - باحث ووزير سابق

تزايدت في السنوات الأخيرة أزمات العالم بأبعادها السياسية والاقتصادية التي انعكست بشكل كبير على حياة الشعوب ومعيشتهم وخاصة في الدول العربية، حيث ظهرت فيها الصراعات والنزاعات بأبعادها المذهبية والطائفية مهددة كياناتها الوطنية ومنذرة بتفككها ووصولها إلى دول فاشلة غير قادرة على تأمين احتياجات شعوبها الأساسية من غذاء ودواء وسكن ما زاد الأوضاع سوءاً انتشار الفساد بسبب التراخي في مكافحته وعدم محاسبة الفاسدين والمفسدين بشكل جدي.
لقد وصلت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في معظم الدول العربية إلى مستوى غير مسبوق أدى إلى فقر وجوع وبطالة جعلت معظم الناس يلامسون خط الفقر وبحالة عوز شديد، من دون وجود أفق يدعو إلى التفاؤل.
والسؤال: هل ما وصلنا إليه كان بسبب أخطاء وممارسات ارتكبت؟ أم بسبب مخطط تآمري يؤدي إلى تحطيم الدول العربية؟ أنا أرى أن سبب ما وصلنا إليه كان بفعل الاثنين، حيث لم نستطع بناء مؤسسات دولة راسخة وفاعلة تحصن الدولة والمجتمع، ما جعل الدول العربية عرضة للاختراقات التي استطاعت نشر الفساد وإقامة تحالف بين الفاسدين وبعض أهل السلطة، وأهم ماحققته هذه الاختراقات إضعاف مؤسسات الدولة بوضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب وإبعاد أهل الخبرة والنزاهة.
نلاحظ تشابه الأزمات الاقتصادية والمعيشية في مختلف الدول العربية، حيث نقص المواد البترولية والمحروقات ووجود خلل كبير في منظومات الكهرباء وشح المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل مستمر ومتزايد يفوق قدرة المواطنين بكثير، ويحدث هذا على مرأى العالم كله الذي يستطيع حل هذه المشكلة بيسر وسهولة، وحتى الدول الصديقة للدول العربية لم تقم بما يجب عليها القيام به والمساعدة بحل أزمات المحروقات والكهرباء والخبز؟!
أعتقد أن النظام العالمي أو ما سُمي النظام العالمي الجديد قد سقط سقوطاً مدوياً في ظل عدم قدرته على تحقيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وعدم قدرته على حل أزمات العالم المختلفة والاكتفاء بإدارتها..؟!
إننا بحاجة إلى نظام عالمي جديد يحقق الأمن والاستقرار والعدالة، وأخشى أن يكون تحقيق ذلك غير ممكن إلا بحرب عالمية ثالثة أعتقد أنها قادمة لا محالة في ظل تمترس القوى العظمى بالتحكم بقرارات الشرعية الدولية من خلال تمتعها بحق «الفيتو» هذا الحق البعيد كل البعد عن أبسط قواعد الديمقراطية.
لقد وصل العالم إلى طريق مسدود في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ولابد من صياغة نظام عالمي جديد بعيداً عن الهيمنة والسيطرة والاستغلال، عالم تحصل فيه الشعوب المقهورة والمظلومة والمحرومة على حقوقها في العيش الكريم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن