من دفتر الوطن

الرسالة الأولى

| عصام داري

مضى العيد في حال سبيله، لذا أقول لكم بمفعول رجعي: كل عام وأنتم على ما أنتم عليه، لا شيء تغير ولا شيء يبدو أنه سيتغير و«من أسبوع لأسبوع لا يموت الجوع» كما يقول الشاعر العراقي الفذ بدر شاكر السياب.
ويأتي الرد من الشاعر العراقي الآخر الكبير محمد مهدي الجواهري الذي يقول:
نامي جياع الشعب نامي…. حرستك آلهة الطعام
نامي فإن لم تشبعي…. من يقظة فمن المنام
وحديث الفقراء لا ينقطع، ولا أدري السبب الذي يبرر دخول الفقراء الجنة، وهم -أي الفقراء- يتحولون إلى الكفر من حيث لا يدرون، أو معظمهم على الأقل، وذلك لأن فقرهم يدفعهم إلى الكفر وعدم اليقين، وأيضاً، فهم يسهون عن العبادة لمصلحة البحث الدائم عن لقمة الطعام التي صارت بمنزلة حلم من أحلام الجواهري، ومن جوع السياب!.
كل عام وأنتم كما أنتم، تزدادون فقراً ويزدادون ثراءً، تزدادون جوعاً ويزدادون تخمة حتى الامتلاء، وإلى ما لا نهاية، هذه رسالتي الأولى.
الرسالة الثانية
يحق لنا في كل مئة عام أن نتمرد على الزمن، وأن نشطب التقويم من حياتنا، وأن ندون ملحمة عشق بطلتها تلك المسافرة عبر الزمن وما بين النجوم، ونعلن للعالم أن القلوب لا تموت بمرور السنوات والعقود، وأن الزهر قادر على التجدد كل موسم، وأن السنونو عندما يعود يولد فينا ألف ربيع وربيع، وتتفجر ينابيع وعيون، وتأخذ أحزاننا إجازة، نتمنى أن تطول.
الرسالة الثالثة
من الصعب جداً استعادة ما فقدناه على مدى أعوام كثيرة.. الفرح صار شيئاً مغايراً عما عرفناه، الحب الذي كان صار مجرد ذكرى نقرأ حروفها الباهتة على ورق أصفر علته الأتربة والغبار.
عندما تتعب الروح يهجر القلم الأنامل والأوراق البيضاء والمحابر.. وتتجمد الحروف وتأخذ الأبجدية إجازة بانتظار استيقاظ الفرح من سباته العميق على أنغام وتر الأمل الذي يخبو حتى يكاد يتبخر!.
الرسالة الرابعة
سنسافر أبداً في زماننا الذي اخترناه واختارنا، في زورق من مشاعر وأحاسيس، ولا شك أن الفرح ينتظرنا في إحدى المحطات، ولو تأخر قليلاً، لكن هذا القطار يسير دائماً نحو الأمام، ولا يعرف كيف يعود.
يذكرني الزورق بواحد من أجمل وأروع البرامج الإذاعية الليلية الذي كان يعده ويقدمه الزميل والصديق الإذاعي المبدع طالب يعقوب، اسم البرنامج (رحلة في زورق الليل) وأتذكر أن الرحلة مستمرة إلى ما شاء الله، وإن توقف ذلك البرنامج الشائق.
الرسالة الخامسة
مازال في العمر بقية يجب أن نعيشها.. وفي الدواة بقايا حبر يجب أن تقبّل الورق.. وفي الأبجدية حروف تتوق إلى الانعتاق والرقص برشاقة على صفحات الدفاتر.
من أجل كل ذلك قررت عدم الاستسلام بسهولة لأي نكسة حياتية أو تدهور اجتماعي وسقوط للمبادئ والقيم أو هروب لحب كان في متناول القلب وكان اللـه في عوني وعونكم جميعاً فما نتعرض له رهيب وعجيب وغريب ولا من دواء ولا طبيب.. وصلوا على الحبيب!.
رسائلي انتهت، ليبدأ مشوار جديد ورسائل جديدة تبحث عن العناوين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن