قضايا وآراء

«العطار» وما أفسدته السياسة الفرنسية

| هديل علي

لن تستطيع باريس تجميل وجهها الاستعماري البغيض، مهما استخدمت من مستحضرات ماركاتها الشهيرة، ومهما استجلبت من مساحيق ديمقراطيتها المزعومة لتنثرها هنا وهناك، علّها تستطيع مسح ذاكرة متخمة بتاريخ أسود، استمر لخمسة قرون من الزمن في إفريقيا وحدها، عملت فيه على ممارسة مختلف أشكال الإبادة العرقية والإثنية والثقافية، والشواهد أكثر من أن تعد، فالجزائر العربية تشهد، وتبصم لها رواندا على أكبر عملية إبادة في التاريخ، فهل يحق بعد هذا الجزء اليسير من حقيقة السياسة الفرنسية الاستعمارية أن تتحدث باريس عن العنف؟!
فرنسا التي تدعي زوراً وبهتاناً حرصها على الشعب السوري، لا تزال تقدم الدعم الكامل للمجموعات الإرهابية والانفصالية، بل هي رأس الحربة الأوروبية في دعم مجموعات القتل والإجرام، التي عاثت فساداً وغرقت يداها بدماء الشعب السوري، وعملت بشكل ممنهج إلى جانب الأميركي والتركي والصهيوني والبريطاني، لفرض واقع الفوضى والتقسيم في سورية، من خلال استخباراتها التي كانت موجودة على الأرض، توجه وتقود التنظيمات الإرهابية القاعدية وغيرها، لتحقيق أجنداتها الاستعمارية الخاصة، وأجندات محور العدوان على سورية ككل.
محاولة باريس الفاشلة للتصويب على سورية بعد عقد من الحرب الإرهابية المفروضة عليها، لا تقنع حتى الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آنييس فون دير مول التي قرأت تصريحات كتبها منفصلون عن الواقع، ممن يسعون في كل وقت لإخفاء حقائق تاريخية تدين السياسة الفرنسية، من خلال منع الوصول إلى الأرشيف الذي يوثّق الجرائم الفرنسية، وهؤلاء المسؤولون ينفذون في النهاية سياسات قادتهم المنخرطين في المشروع الأميركي حتى النخاع، لأنه ينعش ذاكرتهم الدموية ومنطقهم الاستعماري البائد.
سورية التي لطالما رفضت الإملاءات الخارجية، والتدخل السافر في شؤونها الداخلية، ترفض اليوم تلك الادعاءات الكاذبة التي صدرت عن باريس، فمن يفرض إجراءات قسرية أحادية الجانب على الشعب السوري، لايحق له الادعاء بالحرص عليه، ومن دعم الإرهاب لا يحق له الحديث عن العنف، ومن مارس القتل وتجارة العبيد المنظمة على مستوى العالم عبر مراكز أنشأها في السنغال وساحل العاج، لايحق له استخدام أي ألفاظ حول حقوق الإنسان، وخاصة أن السترات الصفراء في زمن ليس ببعيد، قد تحولت إلى حمراء بفعل عنف السلطات الفرنسية، فليعملوا على تبييضها، وليلتفتوا لشؤونهم الداخلية فذلك أنجع لهم، فالعطور الباريسية لن تصلح ما أفسدته السياسة الفرنسية على مر العصور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن