سورية

الصين تحتفل بالذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين … المقداد: هناك مشاريع ستحقق خلال فترة قصيرة شعبان: التوجه لدى بكين هو دعم سورية حكومة وشعباً السفير بياو: توصلنا إلى توافقات كثيرة أرست أساساً جدياً للعلاقة

| سيلفا رزوق - تصوير طارق السعدوني

احتفلت السفارة الصينية في سورية بالذكرى الخامسة والستين على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تسيير الأعمال أشار في كلمة له خلال الاحتفالية، إلى الاحتفالات المشتركة القائمة حالياً لدى البلدين، حيث تحتفل سورية بالذكرى السادسة والسبعين لتأسيس الجيش العربي السوري، كما تحتفل الصين بالذكرى الـ94 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، كما احتفلت الصين بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في وقت تحتفل فيه سورية بانتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية دستورية جديدة، واصفاً هذه بالأيام بالمباركة للشعبين الصديقين.
الوزير المقداد لفت إلى أن العلاقات بين سورية والصين التي تحتفل بالذكرى الخامسة والستين على تأسيسها كانت دائماً باتجاه واحد وهو اتجاه التقدم المستمر سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الحزبي والسياسي بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب البعث العربي الاشتراكي.
المقداد أكد أن العلاقات التي تجمع قيادة البلدين علاقات لايمكن أن توصف إلا بأنها أكثر من إستراتيجية، فهي لا تتعلق فقط بما نمتلكه من أدوات لتعميق هذه العلاقات وإنما تنطلق من علاقات ثنائية لتنتشر في أنحاء أخرى من العالم، وقال:» الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الصيني إلى دمشق في نفس اليوم الذي أدى فيه الرئيس بشار الأسد القسم الدستوري حملت الكثير من المعاني والرمزية فهي كانت بقرار من القيادة الصينية على مختلف القيادات وكان مضمون هذه الزيارة تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين البلدين»، وأضاف: «أجزم بأن أقول أن هذا اللقاء كان من أكثر اللقاءات التي كنت مرتاحا فيها لدرجة النشوة، وخلال المباحثات لم نجد ولو نقطة واحدة تثير الجدل بعلاقات البلدين، وإنما كان التوجه هو كيف يمكن تعميق العلاقات بين البلدين.
واعتبر المقداد أن هذه العلاقات التي تتقدم دائماً تعززت برؤية القيادة الصينية وبالرسالة التي حملها وزير الخارجية الصيني للرئيس الأسد من الرئيس شي جينبيغ، وهذه الرسالة تؤسس لعلاقات مستمرة وطيبة في مختلف المجالات، مبيناً أن قرار سورية بالتوجه شرقاً سيشكل طريقاً مليئاً بالمنجزات لصالح الشعبين السوري والصيني، مؤكداً في الوقت ذاته أن سورية جزء من مبادرة الحزام والطريق، وهناك مشاريع تتعلق بجوانب مالية واقتصادية وتسهيلات تجارية وغيرها من المشاريع التي يتطلع لها البلدان.
المقداد الذي جدد التأكيد على أن العلاقات بين البلدين عميقة متجذرة متداخلة، أكد أن سورية متفائلة جداً بهذه العلاقات، مشيراً إلى نضال البلدين المشترك ضد الإرهاب، ويعرف الصينيون أن السوريين يناضلون معهم وربما نيابة عنهم ضد أعداء مشتركين أتت بهم الدول الغربية ليتدربوا على السلاح ومقاومة السلطات ليعودوا إلى الصين مجدداً ليمارسوا الإرهاب والقتل بحق شعبها.
ولفت المقداد إلى الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الصين وسورية، حيث تمكنت الصين باتساع اقتصادها ودورها وحجمها يمكنها مواجهة ومقاومة هذه الإجراءات، مبيناً أن البعد الاقتصادي في هذا الجانب الخانق الذي أفرزته هذه الإجراءات بحق الشعب السوري يجعل من المساعدات التي يمكن أن تقدمها الصين لسورية والتي وعدت فيها سورية خلال اللقاءات الأخيرة الصينية ذات أهمية كبيرة ومشتركة.
ووجه المقداد التحية للجيشين السوري والصيني وقال: «مهمتنا الأساسية الآن وفي المستقبل ستكون العمل ليلا نهارا لتبقى هذه العلاقات قائمة بين بلدينا وحزبينا وجيشينا لأن هذه العلاقات هي التي سيكون لها المستقبل، وستوقف المد الغربي الإرهابي الجشع الهادف للسيطرة والهيمنة وقمع تطلعات الشعوب، وأضاف: «نحن نتطلع إلى عالم تسود فيه سيادة الدول والحرية والاستقلال بين الدول، ونحن لا نريد مواجهة مع الغرب ولكن أن تكون هذه الدول صديقة لدول العالم وليس لصا لثرواتها».

السفير بياو: الأساس للثقة السياسية الإستراتيجية بين الصين وسورية ثابت مثل الحديد

سفير الصين في سورية فونغ بياو أشار في كلمته خلال الاحتفالية إلى أنه ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 65 عاما، رغمَ تغير الأوضاع الدولية والإقليمية، ظلت سورية والصين ملتزمتين بـ«روح طريق الحرير»، فأصبحت العلاقة بين البلدين علاقة مميزة، ونموذجا يُحْتَذَى به للعلاقات بين الدول المختلفة من حيث المواقع الجغرافية والثقافة والنُظُم السياسية.

ولفت بياو إلى أنه ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، يتكثف التواصل السياسي بين البلدين، حيث كانت سورية من أكثر دول الشرق الأوسط التي زارها القادة الصينيون. كما لم ينقطعْ التواصل السياسي بين الجانبين في السنوات الأخيرة التي خاضت سورية فيها حرباً في مكافحة الإرهاب، حيث تبادل رئيسا البلدين برقيات ورسائل بشكل كثيف، وأصبحت العلاقات الشخصية بين الرئيس شي جينبينغ والرئيس بشار الأسد عميقة جدا.

ووصف السفير بياو العلاقة التي تجمع الصين وسورية بـ«الصديق الوفي» لبعضهما البعض بكل معنى الكلمة، إذ يدعم الجانبان بعضهما البعض في الساحة الدولية حيث ظل الجانب الصيني يدعم جهود سورية في صيانة سيادتها وسلامة أراضيها، واستخدم حق النقض 10 مرات في مجلس الأمن الدولي ضد مشروعات القرار المتعلقة بسورية، ودعا إلى دفع العملية السياسية، وناشد المجتمع الدولي برفع جميع العقوبات أحادية الجانب والحصار الاقتصادي المفروض على سورية فورا، بدوره يقدم الجانب السوري دعما ثابتا للصين في القضايا المتعلقة بمصالحها الجوهرية وهمومِها الكبرى، ويرفض تدخل الدول الغربية في الشؤون الداخلية الصينية باستغلال الملفات المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ، دعمت سورية الصين عَلَنا في ملف كشف مصدر فيروس كورونا المستجد، ورفض قيام الدول الغربية باستغلال هذا الملف لتشويه صورة الصين، وأضاف: «يمكن القول إن الأساس للثقة السياسية الإستراتيجية بين الصين وسورية ثابت مثل الحديد».

السفير بياو الذي أشار إلى أن سورية بقيت أهم شريك في التعاون الاقتصادي والتجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط، لفت إلى العلاقات بين الجيشين السوري والصيني والتي شهدت تعمقاً مستمراً منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وقال:» في السنوات الأخيرة، أثرى الجيشان مقومات التعاون ويوسعان المجالات، وبشكل خاص، حقق التعاون العملي بين الجيشين تقدما مهما وجديدا في مكافحة الإرهاب وغيرها، بما يلعب دوراً إيجابياً للدفاع عن الأمن والمصالح التنموية في البلدين»

السفير بياو أشار إلى زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى سورية معتبراً أن هذه الزيارة بعثت رسالة واضحة إلى العالم، مفادها أن الصين تدعم حكومة سورية وشعبَها لصيانة السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية، وترفض التدخلات الخارجية وسياسة القوة، وقال: «في الوقت نفسه، توصل الجانبان إلى توافقات كثيرة في مجالات الاقتصاد والتجارة ومكافحة الإرهاب، وتعد هذه الزيارة مُعْلَما جديداً للعلاقات الصينية السورية، حيث أرست أساساً جديداً لعلاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدين، وأضفت ديناميكية جديدة على التطور الشامل والمعمق للعلاقات الثنائية».

وعبر السفير بياو عن حرص الجانب الصيني على مواصلة البحث مع الجانب السوري حول طرق فعالة لدفع التعاون العملي، بما يحقق المواءمة الإستراتيجية بين مبادرة «الحزام والطريق» وإستراتيجية «التوجه شرقا» المطروحة من قبل الرئيس بشار الأسد، وكذلك مواصلة تعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والصحة والبنية التحتية، وقال: «ستقدم الصين المزيد من المساعدات لسورية على قدر الإمكان، لتحسين معيشة الشعب السوري وإعادة الإعمار الاقتصادي والاجتماعي، وأنا على يقين بأن الصداقة الصينية السورية، تحت العناية والتوجيه الشخصي من رئيسي البلدين، ستحقق تطوراً أكبر في المرحلة الجديدة، وستأتي بمزيد من الخير لشعبي البلدين».

المقداد: العلاقة بين سورية وحلفائها تكاملية جداً والترويج لغير ذلك دعابة

وفي تصريح لـ«الوطن» على هامش الاحتفالية، أكد الوزير المقداد إلى أنه خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الصيني جرى إعادة فتح ملف العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين البلدين، كاشفاً بأن هناك مشاريع ستحقق خلال فترة قصيرة وهناك مشاريع ستأخذ وقتها والصين عبرت عن قرارها بدعم سورية في مواقفها ضد الإرهاب والضغوط الاقتصادية التي تمارسها الدول الغربية في إطار العقوبات القسرية من جهة ومن جهة أخرى في تحقيق مشاريع ملموسة تحتاج لبعض النقاش، معبراً عن تفائله بأن نقوم بإجراءات على أرض الواقع خلال هذه الفترة القصيرة.

المقداد وصف ما يجري تداوله حول طبيعة العلاقة بين سورية وحلفائها وبان هذه العلاقة هي علاقة تنافسية بـ«الدعابة»، مؤكداً أن التوصيف الحقيقي لهذه العلاقات بأنها تكاملية، والأصدقاء الروس لايعملون فقط من أجل دعم سورية ودعم الصين وإيران لسورية ولكنهم يضغطون على الدول الأخرى لتقديم المزيد من الدعم لسورية وقال: «هذا الكلام والتحليلات التي يخرج بها من تلعب الدعاية الغربية بعقولهم هي تنبؤات لا مجال لها للتحقق لها على أرض الواقع العلاقة تكاملية جداً والأصدقاء الصينيون يشجعون العلاقة السورية الروسية والعلاقة السورية الإيرانية، ويشجعون انفتاح الدول العربية على سورية ويشجعون شطب وإلغاء العقوبات القسرية أحادية الجانب على سورية لذلك يجب علينا أن لا نستمع لهؤلاء».

شعبان: ليس من الضروري أن تقول الصين أننا نتحدى الولايات المتحدة فالعبرة بالتنفيذ

المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية شددت في تصريح مماثل لـ«الوطن»، على أن المباحثات التي جرت بين سورية والصين مملوءة بالمشاريع التي يمكن للبلدين أن يقوما بها مستقبلاً، لذلك ليس من الضروري أن تقول الصين أننا نتحدى الولايات المتحدة، فالعبرة بالتنفيذ، وهي عملت مع روسيا وأخذت عشرة «فيتوات» لمصلحة سورية ضد الهيمنة الغربية ومخططات الدول الغربية والعبرة بالعمل والتنفيذ.

ولفتت شعبان إلى أن العمل جار لتعزيز العلاقة بين البلدين، وبدأ العمل بين وزراء البلدين، لا تصل الأمور لختامها بين عشية وضحاها لكن التوجه لدى الصين هو دعم سورية حكومة وشعبا رغم ما تتعرض له سورية من إجراءات أحادية الجانب ظالمة وغير شرعية بحق الشعب السوري.

الجعفري: العلاقة السورية – الصينية وصلت إلى مرحلة فوق إستراتيجية

نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري وفي تصريح لـ«لوطن» قال: إن الصين دولة عظمى وبصفتها تلك لديها طيف أوسع من الدول الأخرى في مضمار العلاقات الدولية، ورغم أن علاقتها مع سورية إستراتيجية وقديمة ومتأصلة لكنها الآن أصبحت علاقة بين دولة عظمى والجمهورية العربية السورية، لافتا إلى التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وهذا التعاون يصب في إطار القانون الدولي.

ما يجري اليوم هو تمتين وتعزيز للعلاقات الإستراتيجية القائمة أصلاً والصين استخدمت حق النقض عشر مرات في مجلس الأمن لحماية الحقوق السورية، علماً، أن الصين منذ دخولها الأمم المتحدة حتى اليوم استخدمت حق النقض الفيتو ست عشرة مرة فقط، وهذا رقم يجب التوقف عنده بكل اهتمام وعناية وهو يشير لمدى إيمان بكين بأهمية العلاقة الإستراتيجية مع دمشق وأهمية الدفاع عن الحقوق السورية في المحافل الدولية، ومن هذا المنظور يمكن فهم الإستراتيجية المتبادلة بين البلدين حيث وصلنا اليوم بشكل من الأشكال إلى مرحلة فوق إستراتيجية.

سفير الصين في سورية وفي تصريح لـ«الوطن»، أكد أن هناك موضوعات مطروحة على الطاولة وكلا الجانبين سيتباحثان بهذه المواضيع وآليات التعاون بين البلدين واعتقد أنه سنصل لما فيه مصلحة البلدين، وقال: «أنا سعيد برؤية هذا التطور بالعلاقات والتي تتطور باستمرار، وأنا سعيد جداً أن أتابع هذه العلاقة وأن أبذل قصار جهدي من أجل ذلك، وأنا متفائل بهذه العلاقة، ولدينا عناية خاصة من رئيسي البلدين وحكومة البلدين وبهذه الصداقة العميقة يمكننا حل كل المشكلات التي قد تعترض تقدم هذه العلاقة».

حضر الاحتفالية وزراء شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام والخارجية والمغتربين فيصل المقداد، والإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف والاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل، والصحة حسن الغباش والتربية دارم طباع، والمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان وعضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي – رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام مهدي دخل الله، ونائب وزير الخارجية المغتربين بشار الجعفري ومعاون وزير الخارجية أيمن سوسان ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عماد صابوني وعدد من ضباط الجيش والقوات المسلحة إضافة إلى عدد من مديري الإدارة في وزارة الخارجية والملحقين العسكريين لدى الجانبين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن