أخيراً بدأ عدد من المحللين الإسرائيليين يتجرأ على الاعتراف بأن «الجيش الإسرائيلي تلقى ضربة إستراتيجية» حين أثبتت الدفاعات الجوية السورية مستوى حاسماً في قدرتها بعد أن أسقطت جميع الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل فوق الأراضي السورية في الأسبوع الماضي، ولم تخف هذه المصادر الإسرائيلية أن هذا التطور جاء بفضل التكنولوجيا الروسية العسكرية المتطورة التي أصبح الجيش السوري يتمتع بإتقان استخدامها، وذكرت كارولين غليك التي تعد من بين أهم المحللين الإسرائيليين المتشددين في العداء لسورية في تحليل نشرته بالإنكليزية في المجلة الإلكترونية «جويش نيوز سينديكيت» في الأول من آب الجاري أن قيادة الجيش الإسرائيلي بدأت تعد الآن خطة تتضمن إجراء تغيير في تكتيكها العسكري ضد سورية وتوقعت أن تركز فيها غاراتها الصاروخية أو الجوية ضد أهداف إيرانية فوق الأراضي السورية باستخدام أسلحة من مدى بعيد تتجنب فيه الاقتراب من الأجواء السورية.
وتعترف غليك أن هذا التغيير المقترح سيضعف السياسة العسكرية الإسرائيلية ضد سورية وقد يدفع قيادة الجيش الإسرائيلي إلى الامتناع كلياً عن الصدام مع الجيش السوري، وحذرت من تزايد نقل الخبرات العسكرية الإيرانية المتطورة في مجال الطائرات الهجومية بلا طيار وفي مجال الصواريخ إلى سورية وحزب اللـه بعد أن استخدم أنصار اللـه في اليمن هذه الأسلحة ونجحوا في ضرب القوات السعودية وعرقلتها عن تصدير وحماية نفطها برغم الدعم العسكري التكنولوجي الأميركي لها بل ووجود قوات أميركية في أراضيها.
وتضيف غليك أن انتقال مثل هذه الأسلحة لحزب اللـه أو سورية سيلحق ضرراً بالغاً بإسرائيل في جبهة الشمال وستجد روسيا أن تحالفها مع سورية وإيران سيدفعها إلى زيادة قدرات حزب الله.
وترى غليك أن نشوء وضع كهذا سيضع إسرائيل أمام أحد خيارين: إما التوقف عن العمليات الحربية ضد سورية أو فوق أجوائها لكي لا توسع دائرة الصدام مع موسكو، وإما إيجاد الخطة المناسبة لإيقاف هذا الدور الإيراني ومنع تسليحها لقوى كثيرة في المنطقة.
وفي واقع الأمر لا شك أن ما تلاحظه إسرائيل الآن وتخشى منه كثيراً ترى فيه واشنطن وكذلك رئيس النظام التركي رجب أردوغان بشكل خاص، تطوراً خطيراً على الوجود العسكري لقوات تركية ولوحدات أميركية في شمال سورية، فأنقرة وواشنطن على غرار تل أبيب تدركان أن انتصارات الجيش العربي السوري على مئات الآلاف من المجموعات الإرهابية المدعومة منهما من الطبيعي أن تجعل هذا الجيش يشعر بقيمة قوته وقدرته على تحرير الأراضي السورية من غزوهما، فانتصار الجيش السوري يعني أنه أصبح أكثر قدرة عسكرية وقتالية على مجابهة أي مجموعات عسكرية تستهدف سورية وهذه الحقيقة لا يمكن لأحد تغييرها بعد أن أحبطت سورية أكبر حرب كونية استهدفتها طوال عشر سنوات.
وبالمقابل يصبح الانتصار مشتركاً بنتائجه مع أطراف محور المقاومة ومع روسيا أيضاً، مثلما يصبح أكثر قدرة على مجابهة أي تحديات أو مخططات أميركية – إسرائيلية في المنطقة فكل نصر يتحقق على الأعداء يولد بشكل طبيعي نصراً آخر في مختلف المجالات والاتجاهات لهذه الأطراف ولمصلحة شعوبها.
وهذا ما أثبته تاريخ الصمود والنضال المشترك لكل هذه الأطراف والقوى منذ عقود طويلة في مختلف الساحات اللبنانية والسورية والفلسطينية واليمنية والعراقية والإيرانية وهذا ما تدل عليه متانة علاقات الكفاح المشترك بين كل هذه الأطراف ضد الكيان الإسرائيلي والهيمنة الأميركية والدور الحاسم في حماية المنطقة وشعوبها من الأعداء.