لقد شكل رحيل الدكتور عبد الإله نبهان في السادس والعشرين من تشرين الأول سنة 2020 خسارة كبيرة للعربية وعلومها، ولكل من عرفه أو تعامل معه، وفي وقفة وفاء وعرفان لراحلنا تم إنجاز كتاب «في رحيل رجل العلم والأدب الدكتور عبد الإله نبهان» من قبل الدكتور حسان فلاح أوغلي، جامعاً فيه شهادات وقصائد وبحوثاً.
جاء الكتاب مقسما إلى ستة أقسام مرتبة وفقاً للترتيب الألفبائي: ضم الأول ما كتبه أساتذة الفقيد، والثاني ما كتبه أصدقاؤه، أما الثالث فكان لما كتبه تلامذته، وضم القسم الرابع ثلاثة أبحاث حول الفقيد، في حين جاء القسم الخامس بما كتبته زوجة الفقيد وابنه، في حين ضم القسم السادس السيرة الذاتية له.
كلمة المؤلف
يظهر في مقدمة الكتاب والتي جاءت -لمؤلفه- الدكتور حسان فلاح أوغلي، مدى عمق المعرفة والعلاقة التي ربطته بأستاذه الدكتور عبد الإله نبهان، قائلاً: كان الدكتور عبد الإله نبهان، أستاذاً متفرداً بعلمه وبروحه السامية، آسر الحضور، نقي السريرة، بشوشاً، صادقاً، ذكياً، لمّاحاً، عذب الروح، ينشر المحبة والتفاؤل أينما حلّ، ويمتلك مفاتيح القلوب التي يدخلها من دون استئذان. ولم يكن هناك من هو أكثر بساطة مع الناس منه، دون أن تخفى هالة الهيبة والإكبار التي لا تخطئها عين».
وفي الجانب البحثيّ والعلمي تابع دكتور أوغلي بأن راحلنا كان أستاذاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وكان محققاً من الطراز الأول، ومن براعته وتمكنه في التحقيق أنه كان يعالج كل مخطوط بما يناسبه ويزوده بما يلزمه من الشروح والتعليقات والحواشي وفقاً لموضوعه وطبيعته وزمنه، بمعنى أنه لم يقيّد نفسه بقالب واحد في التحقيق. متابعاً: ولعل نظرة سريعة على مؤلفاته القيمة، من كتب ودراسات ومقالات، كافية لرسم صورة لهذا العالم الموسوعي الذي كان حبه للغة العربية ونحوها وصرفها وشعرها ونثرها لا يصرفه عن القراءة في المنطق والفلسفة والاجتماع والسياسة والأخلاق التربوية، وهي قراءة كان أثرها يتجلى في كل كتاباته ونقاشاته وحواراته، بل كانت له دراسات ومقالات مستقلة في بعض تلك العلوم».
من الأساتذة
ما كتبه أساتذة الفقيد ينم عن الحب الكبير والتقدير الأكبر لعطائه وبذل نفسه لخدمة العلم وكل من يحتاج سؤالاً حول تحقيق أو بحث ما. والكلمات التي جمعها الكتاب تحت هذا العنوان من الأساتذة لهي جديرة بالوقوف عندها والاستشهاد بها، ولكننا نذكر على سبيل المثال وبحسب الترتيب الألفبائي، ونشير بالعودة للكتاب ستقرؤن كلمتي الدكتور محمد رضوان الداية والدكتور محمود السيد.
وتحت عنوان: «الدكتور عبد الإله نبهان… المستشار الأمين» قال الدكتور عبد المجيد شيخ حسين رئيس جامعة البعث الأسبق»: إن عزائي الوحيد هو أنني واثق بأن المرحوم قد أسس مدرسة علمية عريقة، وأن مؤلفاته الكثيرة والمتنوعة ستظل حية ليس للموت إليها من سبيل، وبأن طلابه الذين تخرجوا على يديه، سواء في الإجازة أم الماجستير أو الدكتوراه، سيتابعون مسيرته، وسيحملون قيمه، ويكملون رسالته، حتى تظل روح أستاذهم تنعم بالراحة في الملكوت الأعلى».
في حين، وتحت عنوان «الدكتور عبد الإله نبهان… الطالب والزميل والصديق، قال الدكتور مازن المبارك عضو مجمع اللغة العربية»: كنت أتخذه المصدر الموثوق في معرفة آخر طبعات الكتب ودور النشر وأسماء المحققين، وكثيراً ما كنت أسأله عن ذلك مذ كان طالباً، ولقد كان عالماً وباحثاً ومؤلفاً ومحققاً، ترك للمكتبة العربية عدداً من الكتب الأصيلة المفيدة التي تخلّد ذكراه، وتحفظ أثره حيا في نفوس طلاب العربية ومعلميها، وكان يمتاز بخلق إنساني حي، وبخلق العالم النبيل، فلم يكن يضن بعلمه على أحد من طلابه وزملائه».
في الأصدقاء
وما أكثر الأصدقاء، وما أجمل وقوفهم في الأفراح والأحزان إلى جانب صديقهم، وفي تكريم دكتور عبد الإله نبهان، كل الأصدقاء وقفوا وقالوا كلمتهم – والتي جمعها الكتاب- المحقة بالفقيد، فكل واحد تحدث من الجانب الذي جمعه بالدكتور نبهان، وكيف تعامل الأخير معهم بإنسانية لا محدودة، مثابراً على توطيد أواصر الصداقة، وواقفاً إلى جانبهم بكل المناسبات الثقافية والأسرية. وبالعودة إلى الكتاب يطيب لكم قراءة المشاعر المتدفقة نحو الفقيد، بكلمات تنم عن سمو صادق للصداقة بينهم.
في تلاميذ الفقيد
دكتور عبد الإله نبهان مربي أجيال، اقتدى به تلامذته الذين عرفوه على صعيد شخصي أيضا، وتقربوا منه وكرموه أستاذاً نجيباً لهم، وتوقفوا عند علاقتهم به في كلماتهم التي جمعها كتاب «في رحيل رجل العلم والأدب الدكتور عبد الإله نبهان» للدكتور حسان فلاح أوغلي. وبالاطلاع على الكتاب يظهر واضحاً عمق الامتنان لقدوتهم ومعلّمهم المتواضع والمحب والمقدم لهم كل عون في أبحاثهم العلمية، هذا ومنهم من حذا حذوه وتابعوا رسالة معلمهم، بنثر مكنونات التحقيقات والأبحاث، وبنشرها لكل راغب في نهلها.
في العائلة
تحت عنوان: «الزوج والأب والصديق» قالت غانية السباعي زوجة الراحل د. نبهان: كيف أبدأ وبم أبدأ وأنا أهيم منكبة على قلبي؟…. ما كنت أحسب أن الرحيل سريع…. لن أتحدث عن الفقيد بإنجازاته ومآثره القيمة ولن أكرر الكلام عن المجمعي علامة العربية وفارس منابرها…. بل ما أكتبه ربما يعرفه من عاشره أو يجهله، فكان له وقار العلماء وتواضعهم، ودماثة خلق الحكماء وطيب معشرهم، يتمتع بصفاء السريرة والشفافية والصدق، يعبر عن مواقفه وآرائه بصريح العبارة، فلا يوارب فيها ولا يداري، ولا يخشى في الحق لومة لائم، يكره الادعاء والتبجح، يعمل بصمت لا يغريه تكريم أو تبجيل….. ومن حقه علي أن أذكر أنه كان مثالاً للزوج المحب المتعاون المتفهم الكريم، ومثالا للأب الحنون الناصح الحازم اللين الحريص على أولاده ومستقبلهم وسعادتهم، فكان المثل الأعلى لنا جميعاً بخلقه وعلمه وتواضعه وصدقه. فكانت خسارتنا فيه مضاعفة، إذا خسرنا فيه الزوج والأب والصديق والأخ، كما خسرنا فيه العالم والمربي الكبير».