بفضل جهود الحكومة وبطريركية الروم الأرثوذكس … بعد 9 سنوات على تهجيرهم.. أهالي «الغنيمية» و«وادي شيخان» يعودون إلى منازلهم
| وكالات
عادت الخدمات العامة إلى بلدتي «الغنيمية» و«وادي شيخان» في ريف اللاذقية الشمالي، عقب عودة الكثير من الأهالي إلى منازلهم حيث يجهدون لنفض غبار ما لحق بها من تخريب وتدمير على يد التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت البلدتين قبل تسع سنوات، محاولين تحييد ما علق في ذاكرتهم من مشاهد التهجير والانتهاكات الوحشية التي مارستها تلك التنظيمات.
وذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية في تقرير أن مؤسسات الحكومة السورية، بالاشتراك مع بطريركية الروم الأرثوذكس، تكفلت بترميم منازل العائدين حتى الآن، على حين سيستمر العمل على تقديم الدعم اللازم لكل الراغبين في العودة.
وأوضحت أن سكان البلدتين الذين طالتهم حصة كبيرة من الوحشية البدائية للتنظيمات الإرهابية، يحاولون اليوم تحييد ما علق في ذاكرتهم من مشاهد التهجير التي جعلتهم يهيمون على وجوههم قبل 9 سنوات، بحثاً عن طوق نجاة ينجيهم من الوقوع بيد الإرهابيين متعددي الجنسيات الذين اجتاحوا منازلهم في ليلة ظلماء.
وتتبع «الغنيمية» و«وادي شيخان» لناحية «سلمى» التي تم تحريرها بعد معركة بطولية خاضها جنود الجيش العربي السوري عام 2016، لتتحول هذه الناحية التي تعد عاصمة جبل الأكراد، إلى نقطة انطلاق للقضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية في ريف اللاذقية.
ورغم أن الناحية لا تزال نقطة تماس تجاور جبل وبلدة «كبانة» التي تقع حالياً تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية الموالية للاحتلال التركي، وما يعنيه ذلك من تعرضها لاستهدافات بالقذائف الصاروخية التي تطلقها تلك التنظيمات، إلا أن واقع الحال هذا لم يمنع الأهالي من العودة لمنازلهم، وإعادة وصل شريان الحياة بينهم وبين قراهم بعد سنوات التهجير العجاف، كما لم يمنع الحكومة السورية من تأمين عودتهم بما في ذلك مستلزماتهم واحتياجاتهم من البنى التحتية.
وذكرت الوكالة أنها واكبت وضع اللمسات الأخيرة بأيدي ورشات الشركة العامة لكهرباء اللاذقية لإعادة التغذية الكهربائية إلى «الغنيمية» و«وادي شيخان»، على حين كان الأهالي، متلهفين لإعادة إنارة منازلهم، والتمكن من الاستقرار في قراهم مجدداً.
ولفتت إلى أن رجلاً تسعينياً من أهالي «وادي شيخان» يدعى علي الجماس، لم يستطع إخفاء سعادته في أثناء وقوفه متكئاً على عكازه بكل ما أبقت السنون والأهوال من قوة في جسده النحيل، وهو ينتظر أن ينتهي العمال من إعادة وصل الشبكة الكهربائية إلى منزله، ليتمكن من الاستغناء قليلاً عن الشاحن الذي يعمل تارة ويتعطل تارة أخرى.
وقال الجماس: «أريد أن أشاهد التلفزيون، اشتقت لذلك، فمنذ أن عدت إلى بيتي لم يتسن لي ذلك».
بدورها، قالت نايري كشّيشيان: «عدنا إلى منازلنا بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة وبطريريكية الروم الأرثوذكس حيث ساهموا بإعادة تأهيل المنازل وتخديم القرى والبلدات»، مؤكدة أن المياه متوافرة في البلدة وكل الخدمات الضرورية، ما عدا الكهرباء إذ كنا نعاني بسبب استخدام الشمع والشواحن التي تعتمد على الطاقة الشمسية».
الفرحة بعودة الكهرباء أعادت إنتاج نفسها على لسان البقية من أهالي «الغنيمية»، حيث أعرب غسان أبازيد عن أمله في أن يعود جميع الأهالي المهجرين إلى منازلهم بعد عودة الكهرباء وعودة بقية الخدمات بالتدريج إلى القرى والبلدات المحررة.
من جهته، قال مدير عام شركة كهرباء اللاذقية جابر عاصي: «منذ عشرة أيام تعمل ورشات الشركة على مدار الساعة لإعادة التيار التيار الكهربائي، وكانت أنهت مساء الإثنين أعمال تأهيل وترميم الشبكات الكهربائية من توتر منخفض ومتوسط، ومراكز التحويل، حتى تمت إعادة الكهرباء صباح (اليوم الثلاثاء)، وذلك في إطار خطة متكاملة لتأمين التيار الكهربائي للأهالي الذين عادوا إلى منازلهم بعد سنوات تهجير طويلة بفعل الاعتداءات الإرهابية».
وأضاف: «لدينا خطة مبرمجة لتغذية القرى والبلدات المحيطة «المريج والكرت وساقية الكرت»، لتتم تغذيتها تباعاً خلال مدة لا تتجاوز شهر من تاريخه، وذلك وفق أولوية عودة الأهالي إلى كل بلدة».
عاصي الذي أكد حرص وزارة الكهرباء على تأمين المواد اللازمة لهذه الأعمال التي تجري بالتزامن مع أعمال تأهيل وصيانة الطرقات وشبكات المياه وغيرها، شدد على أن العمل مستمر بالتوازي، لتأمين التغذية الكهربائية لمنازل المواطنين بطريقة إسعافية وفق برنامج سيتم وضعه بالتنسيق مع المخاتير والفعاليات الأهلية.
وإذ أكد عاصي أن خسائر تقدّر بمئات ملايين الليرات طالت الشبكة الكهربائية في «الغنيمية» و«وادي شيخان»، أشار إلى قيام التنظيمات الإرهابية بسرقة شبكات توتر منخفض ومتوسط، و5 مراكز تحويل كانت موجودة في البلدتين، ولوحات التوتر المنخفض الموجودة بالقرب من مراكز التحويل، إضافة لتخريب الأبراج، وسرقة محولات كهربائية، وأمراس، كما قام الإرهابيون بتخريب الشبكة الكهربائية بشكل كامل في المنطقة.
وعن الصعوبات التي واجهها عمال الكهرباء، أكد رئيس شعبة الشبكات الهوائية في شركة كهرباء اللاذقية، حيدر شبيب، أن الطبيعة الجبلية للمنطقة والعمل في ظل مُناخ حار جداً، كانا أبرز الصعوبات التي واجهت العمال، لكنه قال: «عبارات الشكر والامتنان التي تنهال علينا من الأهالي العائدين، كانت كفيلة أن تنسينا التعب وكل ظروف العمل الصعبة».