قضايا وآراء

لماذا لا يحظى الأميركيون بحقوقهم الكاملة في التصويت؟

| دينا دخل اللـه

بما أن الولايات المتحدة تلعب دور المدافع عن حقوق الإنسان والحريات العامة، وبما أنها تسمح لنفسها بأن تتدخل في تقرير مصير شعوب بأكملها، إن كان تدخلاً عسكرياً مباشراً، كما في العراق وأفغانستان وسورية، أم غير مباشر، لذا يحق لنا نحن شعوب هذا العالم أن نحلل ونعرف كيف هي حقوق الإنسان والحريات في الولايات المتحدة نفسها؟ ولعل أفضل وسيلة لمعرفة ذلك هي التعرف على النظام الانتخابي.
يبدو أن الأميركيين بحاجة إلى حكم قضائي لإثبات حقهم في التصويت واختيار ممثليهم، فقبل أيام استطاع الديمقراطيون انتزاع حكم من المحكمة في ولاية تكساس الجمهورية ضد قرار الولاية الخاص بقمع حقوق الناخبين، ما سيعطي الناخبين الحق الدائم في تسجيل معلوماتهم الشخصية في قوائم التصويت عبر شبكة الإنترنت، لكن لماذا لا يحظى الأميركيون بحقوقهم الكاملة في التصويت؟
مع استقلال الولايات المتحدة وكتابة الدستور عام 1776 كان التصويت في الانتخابات للقلة البيض الأغنياء. لم يذكر الدستور الأميركي فقرة خاصة بالتصويت، بل أضيفت فقرات في تعديلات دستورية لاحقاً كحصول الأميركيين الأفارقة على حق التصويت في التعديل رقم 15 لعام 1870، وحصول النساء على حق التصويت في عام 1920 في التعديل رقم 19، ثم حصل سكان أميركا الأصليون على حق التصويت.
تملك كل ولاية من الولايات المتحدة قوانين خاصة بها تتعلق بتسجيل أسماء الناخبين والتصويت في الانتخابات. تُفرض القوانين التي تتحكم بالانتخابات من قبل سياسيي الولاية. منذ أن بدأت الحكومة الأميركية إعطاء حق التصويت للأميركيين من أصل إفريقي عام 1870، أصدرت ولاية فلوريدا قراراً يمنع المحكومين بالتصويت في الانتخابات، لأن التعديل الدستوري الذي حصل بموجبه الأميركيون الأفارقة على حق التصويت ينص على أنه لا يحق منع أحد من التصويت على أساس عرقي، لكنه لم يذكر شيئاً عن المحكومين، ما جعل الولاية تقوم بفرض قوانين تستطيع من خلالها سجن ومحاكمة الأميركيين من أصول إفريقية دون غيرهم وذلك لمنعهم من التصويت. لم يقتصر الأمر على فلوريدا، بل انتشر في معظم الولايات، وقامت الولايات بفرض قوانين أخرى للسيطرة على الانتخابات كقوانين تتعلق بالتعليم والأمية والوضع المادي، ففي عام 1940 كان 3 بالمئة فقط من الأميركيين الأفارقة البالغين مسجلين في قوائم الناخبين في ولايات الجنوب.
أدى هذا الكبت المتواصل للناخبين من قبل حكام الولايات إلى تفجّر حالة من الغضب بين الناخبين تحولت إلى احتجاجات كبيرة ما دفع الرئيس لندون جونسون إلى تمرير «قانون حقوق التصويت» عام 1965، وفرضت الحكومة الفيدرالية حصول الولاية على موافقة مسبقة على أي قانون يمنع أياً كان من التصويت. هذا التساهل أدى في النهاية إلى انتخاب أول رئيس من أصول إفريقية في الولايات المتحدة وهو الرئيس باراك أوباما ما بين 2009-2017.
في عام 2013 حكمت المحكمة الدستورية العليا ضد قانون «حقوق التصويت 1965»، ما أعطى الولايات حق فرض قوانين صارمة من دون العودة للحكومة الفيدرالية، وأصبح التصويت في الانتخابات صعباً مرة أخرى على الأميركيين من أصول إفريقية ولاتينية.
أليس من الغريب أن يكافح المواطن الأميركي إلى اليوم للحصول على حقه في التصويت؟ أليس من الغريب أيضاً أن يكون التصويت في أميركا امتيازاً وليس حقاً للجميع.
يحاول الديمقراطيون تصوير أنفسهم على أنهم حماة الديمقراطية، فلماذا إذن لا يعمل حزبهم المسيطر على السلطتين التشريعية والتنفيذية على تغيير الواقع الانتخابي في أميركا عن طريق إصدار قانون فيدرالي من الكونغرس لحماية حقوق الناخبين بشكل دائم؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن