قضايا وآراء

«ماكو» انسحاب تغيير مسميات فقط!

| أحمد ضيف الله

أبرز ما جاء في البيان الختامي المشترك لجولة الحوار الرابعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية التي جرت في واشنطن في الـ22 من تموز 2021، أنه «لن تكون هناك قوات أميركية ذات دور قتالي في العراق بحلول الـ31 من كانون الأول 2021، وأن «العلاقة الأمنية ستنتقل إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية»، مقدماً قبل ذكر ذلك عبارات، التزام الحكومة العراقية «بحماية أفراد التحالف الذين يقدمون المشورة لقوات الأمن العراقية»، وأن «القواعد التي تستضيف قوات أميركية وأفراد التحالف الآخرين هي قواعد عراقية، وليست قواعد أميركية أو قواعد للتحالف»، إضافة إلى أن «وجود موظفين دوليين في العراق هو فقط لدعم حكومة العراق في قتال داعش»، حسب البيان المشترك.
جولة الحوار الإستراتيجي الرابعة تمت وسط ضغوط سياسية مارستها على وجه الخصوص القوى والكتل النيابية السياسية الشيعية على حكومة مصطفى الكاظمي، بالتوازي مع ضغوط عسكرية من قبل قوى المقاومة العراقية باستهداف المواقع والمصالح الأميركية في العراق، ضمن ظروف معقدة محلياً وإقليمياً، من أجل دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى سحب كامل قواتها من العراق بأسرع وقت ممكن.
وبالرغم من ضبابية صيغة البيان المشترك الذي خلا تماماً من عبارة «انسحاب»، إلا أنه يُعد تطوراً مهماً ولافتاً بشأن وجود القوات الأميركية في العراق، إذ إن جولات الحوار السابقة التي كانت الأولى في حزيران 2020، والثانية في آب 2020، والثالثة في نيسان 2021 لم تشر بياناتها المشتركة إلى أي موعد أو جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، أو أي إشارة ذات شأن، باستثناء ما ورد في البيان المشترك للجولة الثالثة من أن «دور القوات الأميركية وقوات التحالف قد تحول الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية».
نتائج الجولة الرابعة للحوار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، لاقت بانتقال العلاقة الأمنية إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وأنه لن تكون هناك قوات أميركية ذات دور قتالي في العراق بحلول 31 كانون الأول 2021، ترحيباً سياسياً واسعاً في الساحة السياسية العراقية، التي اعتبرت أن «ما تحقق خطوة موفقة تحسب لرئيس الوزراء والوفد المفاوض والقوى السياسية التي اتفقت على هذه المبادئ»، في ظل تجديد القوى والكتل النيابية السياسية الشيعية موقفها، «الرافض لوجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية»، والتي أكدت أهمية «متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشكل عملي».
قوى المقاومة العراقية عبّرت عن موقفها من البيان المشترك لجولة الحوار الإستراتيجي الرابعة ميدانياً في الـ29 من تموز الماضي، مستهدفة بيوم واحد محيط السفارة الأميركية في بغداد بصاروخي كاتيوشا، وأربعة أرتال تابعة للتحالف الدولي جنوب العراق بأربعة تفجيرات.
الوجود المستمر للقوات الأميركية هو محور خلاف بين الطبقة السياسية في العراق، الذي تصاعد حين أقدمت الولايات المتحدة الأميركية على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي قرب مطار بغداد الدولي فجر الـ3 من كانون الثاني 2020، ومن ثم قيام المجلس النيابي بإصدار قرار في الـ5 من كانون الثاني 2020 يلزم الحكومة العراقية بإخراج كل القوات الأجنبية من العراق، صوتت لمصلحة كل الكتل النيابية الشيعية، في حين رفضت الكتل النيابية السنيّة والكردية ذلك، ما شكل انقساماً واضحاً داخل المجلس النيابي.
إن خروج القوات الأميركية من العراق بطريقة مجدولة غير واضح، ويتطلب الانتظار والمراقبة لمعرفة آليات الخروج من العراق، خاصة أنه غالباً ما يلي مثل هذه الاتفاقات اعتراضات من داخل الولايات المتحدة يمكن أن تعوق تنفيذ خروج هذه القوات، حيث يرى صقور الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية أنه من الضروري أن تتمسك واشنطن بالإبقاء على وجود عسكري بشكل ما في العراق وعدم تركه لإيران وحدها، معتبرين أن «إنهاء المهمّة القتالية فكرة سيّئة»، كما أنه لم يتضح بعد عديد المدربين والمستشارين الفنيين الذين سيبقون على الأرض العراقية، وما هي البرامج التدريبية المهمة والضرورية التي ستقدم للقوى الأمنية والعسكرية العراقية ومددها، إذ من غير المعقول أن تكون «هذه المهمة مفتوحة»، وأن تبقى القوى الأمنية والعسكرية العراقية تتدرب مدى الحياة أو لسنوات طويلة من دون أي تحديد!
السفير الأميركي في العراق ماثيو تولر قال خلال مؤتمر صحفي في بغداد في الـ2 من آب الجاري: «ذكرنا في البيان الختامي أننا سنقوم بتغيير وتشكيل القوات الأميركية في العراق، وهذا لا يعني مغادرتها ولكن تحويل مهامها من القتالية إلى استشارية تدريبية».
يعني: «ماكو انسحاب».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن