اقتصاد

برسم الحكومة المقبلة

| هني الحمدان

في أي عهد جديد لأي حكومة تكون الحاجة ملحة للتغيير، ومحل توقعات بإنجاز بعض الملفات، وربما يزداد مستوى سقف تلك التوقعات، هكذا في الأوقات العادية، أما في أوقات الحرب والأزمات الاقتصادية الخانقة فيخبو بريق التوقعات إلى درجات دنيا، من باب أن ما عجزت عنه الحكومات السابقة بعدم نجاحها في حسم بعض المشكلات، لن تقدر أي حكومة على إيجاد مخارج كاملة تلقى النجاح المأمول..! ما يدعم هذا الرأي هو ما تركزت عليه الأنظار وعلى ما علق في الأداء الحكومي السابق من تراكمات سلبية في بعض المناحي وتجاه بعض المسائل وحالة القصور بالأداء لأسباب قد تكون خارجه عن الاستطاعة الرسمية.
الجميع يعرف حجم التحديات والضغوط، وهذا ليس من باب تسويق المبررات لأي حكومة كانت، فمن أولى مهام أي حكومة اتخاذ الإجراءات وكل ما يحسن سبل معيشة المواطن، وإنجاح الأعمال الرسمية بصورة إيجابية بعيداً عن أي حلقة من حلقات الإهمال والتسيب أو ما يمت للفساد بصلة، وهنا السؤال: كيف اتسم الأداء الحكومي في السنوات الماضية، وخاصة على الصعيد الاقتصادي والمعيشي؟
لا مجال للدخول في سرد التراجعات التي حصلت على صعيد الإنتاجية والنمو الاقتصادي وتأثرات الدخول بموجات الغلاء، والحصار الاقتصادي والنقص في توافر بعض السلع والمواد، وبالمحصلة العبء الكبير الذي طال الخزينة العامة، أمام ضعف في الإيرادات المالية المتحصلة كرافد للخزينة، وبالمحصلة مجموعة أسباب شكلت عوائق حالت دون تنفيذ الخطط كما يجب، فظهرت للسطح ثغرات كبيرة وفجوات قصور بتأدية بعض الاحتياجات الأساسية للمواطن.
وفي ظل أوضاع اقتصادية صعبة كهذه، الجميع يترقب حكومة جديدة من المأمول أن تكون قادرة على برمجة سياساتها على الصعد كافة ومحققة لأغلبية طموحات الشعب المشروعة، وقادرة على حلحلة المشاكل العالقة عند الوزارات برؤى واضحة وشفافة تستند إلى تقييم سريع وشامل بما يساعد أيضاً على تصحيح الأوضاع القائمة وتوفير الأسس اللازمة لانطلاقة جديدة على درب التنمية المستدامة.
إن الهم المعيشي اليومي هو حديث السوريين، فالضائقة الاقتصادية تشكل تحدياً، ومن هنا فالتركيز على الأحوال المعيشية وتسهيل حركة الإنتاج وتهيئة أجواء الاستثمار أمام الراغبين هي المحاور الرئيسة للعمل الحكومي خلال الفترة المقبلة، صحيح هناك ضغوط وصعاب، إلا أن المواطن يترقب أعمالاً إيجابية ونجاحات تساعده على تجاوز المحن والنواقص، ويأمل أن يشهد إجراءات صارمة تردع المخالفين والمتاجرين بلقمة عيشه، ويحلم بأن يصحو صباحا على أخبار تنعشه وتبعث بنفسه الرضا بأن الحكومة تحاصر وتعاقب الفاسدين والمفسدين..!
ما يهم مستقبلاً العمل الرسمي تجاه القطاع الخاص والقيام بتشاركات حقيقية وبمبادرات خلاقة لتنفيذ مشروعات جديدة خيراً من أن يبقى جُل اهتمام الكثيرين منصباً على انتظار ما تطرحه الحكومة وحدها من مشاريع، فالنجاح هو بقنوات الحوار والتواصل ما بين الحكومة والقطاع الخاص، عندها ستحل جل الصعاب والعراقيل التي تحول دون تحقيق وتعزيز النمو الاقتصادي المنشود.
وعليه فإن المعول في المرحلة القادمة أن تقوم الأجهزة الحكومية المعنية بإنشاء مراكز أبحاث متخصصة للتواصل مع القطاع الخاص ورجال الأعمال لتلقي مقترحاتهم وليس شكواهم فقط، ودراستها، واتخاذ ما يلزم لتحقيق الصالح منها.
ما يهم هو إجراءات دقيقة ومقنعة تجاه المسائل وأي إشكالات أو أزمات قد تحدث، فالمواطن مل من الانتظار والتحمل، ويطمح أن يجد ما ينشده بأبسط الوسائل بعيداً عن أي استغلال أو تسويف..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن