رياضة

ملف أبطال الدوري السوري في النسخ الخمسين السابقة «3» … الشرطة ماض مجيد.. وتشرين حاضر تليد

| محمود قرقورا

يوم الجمعة المقبل الثالث عشر من آب ينطلق قطار الدوري السوري الممتاز بكرة القدم وبدأنا معكم منذ بداية الأسبوع باستعراض حكاية الأبطال العشرة الذين هيمنوا على النسخ الخمسين السابقة، مع الإشارة إلى أن ناديي بردى والحرية ليسا بين فرسان النسخة المرتقبة.

في الملفين الماضيين تناولنا الاتحاد وبردى والجيش والكرامة، واليوم نواصل مع بقية الأبطال حسب سنوات معانقتهم اللقب، لنحط رحالنا مع فريقي الشرطة وتشرين.

جديد النسخة الجديدة هبوط أربعة أندية والتنافس يبدو على أشده بين تشرين حامل اللقب والجيش الباحث عن استعادة العرش والوحدة المتحفز، وتبقى عودة الاتحاد والكرامة لمكانهما الطبيعي سبيلاً لارتفاع منسوب المنافسة.

الشرطة.. ذكريات مجيدة برقم خرافي

فريق الشرطة له ذكريات لا تنسى مع بطولة الدوري، فكان الركن الثاني المكمل لكرة القدم عموماً في بلدنا على مدار سنوات قبل انطلاق الدوري والكأس، وخلال الستينيات حقق لقب الكأس مرتين والوصافة مرة خلال ثلاث مشاركات، ومع مشاركته في الدوري تفوق على الجيش أداء بشهادة كثيرين من نقاد اللعبة.

وبدا متخصصاً في الفوز بمسابقة الكأس، فعندما وصل إلى اللقب الرابع لم يكن أحد قد حاز أكثر من لقبين، إذ تأهل للنهائي في أول خمس مشاركات، وهذا استثناء محققاً اللقب أربع مرات، وخلال هذه النسخ الخمس لعب 29 مباراة سجل خلالها 26 فوزاً مقابل تعادلين وخسارة والأهداف 90/20 وهذه الأرقام لم تتكرر مع أي ناد آخر زمن سطوته كالفتوة من 1988 وحتى 1991 ومع الكرامة من 2007 وحتى 2010 ومع الجيش من 1997 وحتى 2004 والاتحاد من 1982 وحتى 1986 عندما تأهل لأربعة نهائيات من خمس محاولات والوحدة من 2012 وحتى 2017 عندما حاز اللقب خمس مرات.

الشرطة هو البطل الخامس للدوري بعد الاتحاد وبردى والجيش والكرامة، كما أنه خامس بطل للكأس بعد المجد واليرموك والجيش والاتحاد.

لكنه في اتجاه آخر أول ناد عاش نعيم الثنائية وحدث ذلك عام 1980 بفريق أقل ما يقال عنه إنه استثنائي ولم يتكرر، وعُدّ فوزه على الجيش في إياب دوري 1978/1979 بثلاثة أهداف نظيفة حالة خاصة ظلت حديث الإعلام الرياضي السوري سنوات كثيرة وأجمل ما قيل وقتها على لسان عدنان بوظو في صحيفة الوطن الرياضي اللبنانية: الدوري للجيش والنكهة للأمن.

خرّج العديد من اللاعبين أصحاب الباع الطويل في الكرة السورية وتكفي الإشارة إلى جيل نهاية سبعينيات القرن المنصرم ومطلع الثمانينيات (بسام جرايحي وعبد الناصر عباسي ووليد إسلام وجهاد شيط ومحمود طوغلي ورياض أصفهاني ومأمون مهندس وعبد الرحمن كاتبة ومروان شريفة وهيثم برجكلي وأنور عبد القادر وجورج نصري وعمر عليان ومحمود سلطان وعبد العزيز باير وأحمد وتد) ويحتفظ الشرطة مع ذاك الجيل بميزة لم يحققها غيره فهو النادي الأول الذي لم يخسر في دوري لم يفز بلقبه وحدث ذلك موسم 1978/1979، وجاء بعده الوحدة 2015/2016 مع ميزة أن الشرطة لعب 28 مباراة مقابل 24 للوحدة.

مع نهاية ذلك الجيل عاش على الطفرات وهبط غير مرة للدرجة الثانية، وعاد ليستفيد من الاستقرار الذي عاشه زمن الأزمة مع رئيس الاتحاد الرياضي السوري للشرطة حاتم الغايب، فجدد ذكريات الفوز بلقب الدوري سواء بالفاصلة المصطنعة عام 2011 أم بشكل جدير 2012 واللقبان ساهم فيهما المدرب فجر إبراهيم، ولكن الشرطة لم يحسن النهايات في مسابقة الكأس فبقي على الألقاب الأربعة رغم خوضه نهائيين خسرهما أمام الوحدة 2015 والجيش 2018 بنتيجة واحدة صفر/2 ودلعه وتكبّره حرمه من إكمال مسابقة 2012.

أفرز لاعباً واحداً تربع على عرش الهدافين وهو أحمد وتد 1980 برصيد تسعة أهداف، ومراجع تقول إنه تساوى مع زميله أنور عبد القادر.

والميزة الأهم أنه صاحب السلسلة الأطول من دون خسارة سواء في بطولة الدوري وحدها، أم في الدوري والكأس معاً بـ77 مباراة بواقع المباراة الأخيرة في دوري 1975/1976، و13 في دوري 1976/1977 الذي انسحب منه وهو في الصدارة، و28 مباراة في دوري 1978/1979، و19 مباراة في دوري 1979/1980 متضمنة مباراة الجيش قبل انسحابه، و5 مباريات في دوري 1983/1984 الذي انسحب في منتصفه، والسلسلة بدأت بعد الخسارة أمام الجيش في حماة يوم 9 نيسان 1976 وانتهت بفوز الكرامة عليه 1/صفر يوم 11 تشرين الثاني 1983 فيصبح عدد مباريات الدوري 66 مباراة، إضافة لمباريات الكأس الـ11 خلال نسختي 1979 و1980 اللتين أحرز لقبهما.

الماضي العريق لا يشفع للفريق الذي لم يعد سخياً ومحط اهتمام اللاعبين للتوقيع معه ولذلك سيكون همه واهتمامه هذا الموسم تلافي الهبوط.

تشرين.. بطل يبحث عن النجمة الخامسة

من المظاهر الغريبة أن جمهور تشرين بات بين ليلة وضحاها الأهم والأكثر صخباً في ملاعبنا بعدما كان ذلك سمة جماهير الجيش والشرطة ثم الاتحاد والكرامة والوحدة، ولكنه مع هذا الجمهور استعصت عليه النجمة الثالثة في الدوري منذ 1997 حتى 2020 فاعتبر ذلك ولادة جديدة للفريق، وكثيراً ماكانت المناحرات والشجارات بين أهل البيت، سبباً في تأخر وصول البحارة إلى اللقب الثالث الذي بدا مستعصياً حتى فُك اللغز، وفي مسابقة الكأس لم يلعب النهائي منذ عام 2006 رغم أنه كان المرشح الأوفر حظاً في أكثر من نسخة أخيرة!

تشرين بين البطولة والبقاء في القمة

بعد الاتحاد وبردى والجيش والكرامة والشرطة وحدث ذلك 1982 يوم غاب الجيش والشرطة وسمي بالدوري التصنيفي، ولذلك هو أول ناد ساحلي يفوز بلقب الدوري، لكن جبلة بات زعيم أندية الساحل السوري بأربعة ألقاب مع نهاية الألفية الثانية حتى كانت الصحوة التي جعلته يتساوى معه بأربعة ألقاب.

والنوارس والحوت سبقاه في النهل من معين الكأس في الوقت الذي ما زال يبحث فيه عن الابتسامة الأولى، لكن للإنصاف نقول: إذا كان من ناد يستحق أن يكون بطلاً من غير الفائزين بكأس الجمهورية فلا خلاف أنه نادي تشرين الذي خاض مباراة اللقب خمس مرات.

وينفرد عن الخاسرين في النهائي بأنه واجه صاحب الأرض والجمهور ثلاث مرات الاتحاد 1973 والمجد 1978 والجيش 2004، والشحيح في الموضوع أنه اكتفى بهدف واحد في المباريات التتويجية الخمس خلال 480 دقيقة.

أتحفنا نادي البحارة بلاعبين محفورين في الذاكرة أشهرهم ملك الكرة السورية وقيثارتها وأحد ساداتها عبد القادر كردغلي هداف الدوري 1984 بتسعة أهداف، وموفق كنعان هداف الدوري مرتين متتاليتين 1985 برصيد 14 هدفاً و1986 برصيد 16 هدفاً، ونضال قضيماتي هداف الدوري 1989 برصيد 15 هدفاً رغم التحاقه متأخراً حينها، وحازم حربا هداف الدوري 1996 بـ18 هدفاً،

وبعيداً عن الهدافين هناك سيف الدين اسكية ومحمد البدي وعلي الجندي ووهيب عنيزة والثنائي عمار حبيب ويوسف هولا الفائزان بذهبية المتوسط 1987، ولا نغفل الفنان عبد اللـه مندو، والثنائي المتوّج 1997 أحمد كردغلي وعلي الشيخ ديب والقائمة لا تنضب.

وبحق توافرت في نادي تشرين سبل النجاح والاستقرار والرخاء المادي غير مرة، لكن نزاعات شخصية داخل أهل البيت حالت دون الارتواء من نمير الألقاب بالشكل المطلوب، وغياب الاستقرار الإداري مرض عضال لا برء منه لدرجة أن التغيير يطول مدربين يكونون متصدرين للدوري وكأن هناك من يضع العصي في العجلات التشرينية!

من المفردات التي يتغنى بها جمهور تشرين أنه صاحب الفوز الأعلى على الجيش بين كل أنديتنا، فهو الوحيد الذي سجل عليه خمسة أهداف وحدث ذلك مرتين، الأولى في موسم 1995/1996 بخمسة أهداف لهدف، والثانية أكثر وقعاً عند جماهير أنديتنا موسم 2003/2004 بسبعة أهداف لثلاثة وهكذا هو صاحب الفوز الأعلى على الجيش في العاصمة وخارجها.

جمهوره ينطبق عليه القول: ومن الحب ما قتل، وحقيقة يستحق أن ترتسم البسمة على محياه وها هو يدخل الدوري بشخصية البطل وروح البطولة منشداً النجمة الخامسة التي لا تبدو بعيدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن