والقلب أيضاً يشيخ وتمر عليه سنون فتترك فيه آثارها.. وأن يشيخ القلب ذلك أن تظهر على مفارقه أحزان شتى وتسيل فيه دموع بطعم الألم… هو القلب شيبه أسود مثل لون الهم والغم.
معظم السوريين بعد سنوات الحرب هذه لم تعد قلوبهم شاخت وودعت شبابها، وقصص القلب أكثر قسوة من حكايا العقل.
ثمة مرض يسمى «متلازمة القلب المكسور» يصيب الحزانى، هل يوجد سوري ليس مصاباً بهذا المرض؟
جلسة جمعتني بطبيب قلب قال وهو يتحدث عن مشاهداته في زمن الحرب إن الشباب في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر أصبحوا يعانون من أمراض القلب، وإن شيئاً من هذا كان نادر الحدوث قبل الحرب.
ثمة مرضى قلب لا يعرفون حالتهم إلا بالصدفة وهم يبحثون عن علاج لمرض آخر يكتشفون أنهم متعبو القلب أيضاً.
سألته ألم تستقبل في عيادتك «زوربا» سورياً..؟! يصبح السؤال لنا جميعاً لماذا أصبح زوربا السوري نادراً جداً؟
مشكلة الإنسان مع العمر قديمة جداً وفي الأدبيات العالمية أكثر ما يخاف منه الإنسان هو الزمن.. فقد ارتبط التقدم بالعمر بكثير من الصور السلبية، فقط الشعراء حاولوا خلق حالة موازية تحاول أن تعترف بالعمر لكن لا تعترف بآثاره.. على حد تعبير الشاعر: «يفنى الشباب ولا تفنى سجاياه».
في علم النفس هناك مرض اسمه رهاب الشيخوخة.. لعلنا الآن في مرحلة رهاب شيخوخة القلب.
أسألكم متى يشيخ القلب؟! سألت رابعة العدوية أحدهم: متى يشيخ القلب ويموت.؟ فأجاب بموت الحبيب.
قالت رابعة وماذا لو كان حبيبي حياً لا يموت، للأسف لسنا رابعة العدوية لكن الذي حدث أن الكثير شاخت قلوبهم من تلك الأحزان الكبيرة.
الشيء الذي يتحدث عنه الأطباء هو عمر القلب برأيهم أنه يمكن حسابه من علامات امتحانات تحاليل الدم… الذين تخذلهم دماؤهم عليهم ألا يعتمدوا على قلوبهم.. إن استطاعوا ألا يجعلوا قلوبهم تعمل طويلاً..
يقول واسيني الأعرج: نحن نكره ونحب بالقلب عندما يرتبك العقل، نرى بالقلب عندما تجف العيون لهذا يشيخ القلب قبل الجسد عند مرضى الروح.
أخيراً أقول:
غريب أمر القلب داؤه ودواؤه في الحب
أقوال:
– ألَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ.
– وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ.
– تباريق شيب في السواد لوامع وما خير ليل ليس فيه نجوم
– وكيف لا يبكي على نفسه من ضحك الشيب على ذقنه
– يقولون في الشيب الوقار لأهله وشيبي بحمد اللـه غير وقار