ملف أبطال الدوري السوري في النسخ الخمسين السابقة «4» … ثلاثة ألقاب متتالية لجبلة وبسمتان استثنائيتان للفتوة
| محمود قرقورا
يوم الجمعة المقبل الثالث عشر من آب ينطلق قطار الدوري السوري الممتاز بكرة القدم وبدأنا معكم منذ بداية الأسبوع باستعراض حكاية الأبطال العشرة الذين هيمنوا على النسخ الخمسين السابقة، مع الإشارة إلى أن ناديي بردى والحرية ليسا بين فرسان النسخة المرتقبة.
في الملفات الثلاثة الماضية تناولنا الاتحاد وبردى والجيش والكرامة والشرطة وتشرين، واليوم نواصل مع بقية الأبطال حسب سنوات معانقتهم اللقب، لنحط رحالنا مع فريقي جبلة والفتوة.
جديد النسخة الجديدة هبوط أربعة أندية والتنافس يبدو على أشده بين تشرين حامل اللقب والجيش الباحث عن استعادة العرش والوحدة المتحفز، وتبقى عودة الاتحاد والكرامة لمكانهما الطبيعي سبيلاً لارتفاع منسوب المنافسة.
انضمام جبلة والفتوة لقائمة المتوجين كانت منطقية في النصف الثاني من الثمانينيات، إذ امتلك الناديان مفاتيح مهمة ما زالت أسماؤها محفورة في ذاكرة محبي اللعبة، ومعكم نمضي في استعراض أهم ومضات الناديين..
جبلة.. شارك متأخراً وساد سريعاً
جبلة من الأندية التي ساهمت في انطلاق مسابقة كأس سورية 1961 بيد أنه عانق اللقب مرة واحدة بعد عناء في القرن الماضي وحدث ذلك عام 1999 على حساب الجار حطين بركلات الترجيح، وتكرر المشهد بالطريقة ذاتها عام 2021 ليعود جبلة إلى دائرة الضوء بكل قوة بعدما قدم موسماً جيداً أفرز من خلاله هداف الدوري بجدارة وهو محمود البحر برصيد 22 هدفاً، وهو الهداف الوحيد من نادي جبلة تاريخياً.
وعلى عكس مسابقة الكأس فقد تأخر حضوره في مسابقة الدوري حتى النسخة الحادية عشرة موسم 1981/1982، ولكنه ساد بسرعة قياسية غير متوقعة وعانق اللقب في المحاولة السادسة.
إذ إنه بعد تثبيت دعائمه بين الكبار في حضوره الأول، جاء الموسم التالي 1982/1983 شاقاً وكاد يهبط لولا قرار اتحاد اللعبة بشطب نتائج نادي المجد الذي تخلّف عن مباراة جبلة بجبلة إثر تعطّل حافلته التي كانت تقلّه، فطبّق اتحاد الكرة القانون وهذا حق، وكان جبلة المستفيد الأكبر وهذه حقيقة وخاصة أن خسارة المجد فقط لا تقوده للهبوط.
جبلة اتعظ من هذه الإرهاصات واستفاد من الدرس فتحوّل إلى رقم صعب وقوة ضاربة دون أدنى مقدمات، فنافس الكرامة على لقب موسم 1983/1984 وزاحم الجيش قبل حلّه على لقب موسم 1985/1986 ثم استأثر باللقب عندما غاب الزعيم لثلاثة مواسم متتالية وبقي مهيب الجانب في ملعبه على الأقل قرابة عقدين.
هو البطل السابع للدوري بعد الاتحاد وبردى والجيش والكرامة والشرطة وتشرين، لكنه أول من حازه ثلاث مرات متتالية بداية من موسم 1986/1987.
تاريخه في المسابقة مشرف فهو رابع أكثر المتوجين بأربعة ألقاب ويسبقه الجيش والكرامة والاتحاد ويتساوى مع تشرين.
وهو أول ناد محلي يفوز على الجيش في مسابقتي الدوري والكأس خلال موسم واحد وحدث ذلك موسم 1984/1985 وحتى ذلك الوقت كانت أندية الحرية والشرطة والكرامة فقط قد فازت على الجيش في بطولة الدوري، مع ميزة أن فوز الكرامة لم يحتسب لانسحاب الجيش في مناسبتين، وبردى والطليعة فقط سبقاه في الفوز على الجيش خلال مسابقة كأس الجمهورية.
خرّج الكثير من القامات كمكوك الوسط أحمد شلبي والمدافع الصلب هيثم شحادة وقائد الفريق عبد الحميد الخطيب وملك التسديدات الحرة المحفور في الذاكرة علي موسى وعديد المهاجمين المهمين كروميو إسكندر ومناف رمضان ومحمد قيصر وآخرين، وفي العهد الحديث ليس هناك أهم من عمار الشمالي وأكرم علي اللذين عمرا كثيراً ومحمود البحر الذي تربع على عرش الهدافين في الموسم الفائت كما أسلفنا، ولا نتجاهل أن الحارس الطائر شاهر سيف والمدافع هيثم شحادة من أوائل اللاعبين الدوليين المشهورين الذين مثّلوا النادي في بطولة الدوري، لكن يبقى الحارس الدولي مالك شكوحي الأشهر فهو أحد فرسان تتويج جبلة بلقب الدوري للمرة الأخيرة عام 2000 ليكون الوحيد الحاضر في الألقاب الأربعة بين جميع لاعبي الفريق.
ومادمنا نتحدث عن الشكوحي نذكر أنه أحد ستة لاعبين فازوا بلقب الدوري ست مرات، إضافة لطارق جبان وعز الدين عوض ومحمد شريفة، وراغد خليل وفراس إسماعيل، مع فارق أن الجبان والعوض وشريفة حازوا الألقاب الستة مع الجيش في حين الشكوحي حقق لقبين مع الجيش وأربعة مع النوارس وراغد مناصفة بين الجيش وجبلة، وفراس إسماعيل مناصفة بين الجيش والكرامة، ولا يتفوق على هؤلاء كلهم سوى أحمد مدنية حارس تشرين بطل الدوري 7 مرات منها خمس مع الجيش.
مدربه رفعت الشمالي يعد رمزاً يشار إليه بالبنان في مدينة جبلة والساحل السوري، فهو عرّاب الألقاب الأربعة التي وضعت النادي على خريطة المتوّجين وهذا يكفيه كي ينام قرير العين.
وحتى اللقب الأول في مسابقة الكأس عرّابه رفعت الشمالي، وإنصافاً ربما كانت الأمور زمن الشمالي أفضل بكثير مما هو عليه الحال لاحقاً من جميع الجوانب اللوجستية والمعنوية والمادية ونوعية اللاعبين.
الفتوة.. أجيال كثيرة والبصمة لواحد
فارس الفرات الفتوة من الأندية صاحبة الباع الطويل في الكرة السورية وأحد مرتكزاتها التي لاغنى عنها، وعندما كان يغيب عن مسرح الأحداث نشعر أن طبختنا الكروية ينقصها مادة أساسية.
تاريخياً اعتاد الفتوة أن يقدم نجوماً يشار إليهم بالبنان، فأيام تسميته «غازي» برزت لآلئ تغنى بها جمهور المدينة أمثال: الباي إبراهيم ياسين وإسماعيل فاكوش وعبد المسيح جان وراغب شميط.
وفي السبعينيات تألق أنور عبد القادر أيقونة كرة القدم في دير الزور، ووليد مهيدي وزياد الصالح وجمال سعيد والقائمة تطول.
وفي الثمانينيات تجلّى وليد عواد ونزار ياسين وهشام خلف ومحمود حبش وأحمد عسكر وحسان موسى ومحمد المداد والقائمة أكثر إطالة.
وفي التسعينيات واصل الأزرق تقديم النجوم كمؤمن الخلف الذي تربع على عرش هدافي الدوري في مرحلته الأولى وماهر حقي وخالد الهمشري وهمام حمزاوي.
وفي الألفية الثالثة أبدع عمر السومة وعدي جفال ومحمد العبادي وعلي رمضان وورد السلامة والقائمة مرشحة للاختراق في كل العقود.
الأزرق هو البطل الثامن للدوري بعد الاتحاد وبردى والجيش والكرامة والشرطة وتشرين وجبلة وكان ذلك موسمي 1989/1990 و1990/1991 وإذا كان الأول مطعوناً فيه على هامش الأهداف الستة الشهيرة بمرمى الجهاد المتساهل، فإن اللقب الثاني جدير ومعه كانت النهاية النظرية لأن الفريق بعد عامين فقط هبط إلى الدرجة الثانية مع نهاية موسم 1992/1993 فمن يصدق ذلك؟
أزرق الفرات البطل التاسع للكأس بعد المجد واليرموك والجيش والاتحاد والشرطة وهيئة رميلان وعمال المغازل والكرامة، وأقل ما يقال إن انضمامه لقافلة الأبطال تأخر بسبب خسارته خمسة نهائيات قبل تذوّق طعم اللقب، وفي كل مرة كان يظن أبناء الدير أنه آن الأوان فيتحول الأمل إلى سراب، ولاعبه زياد الصالح هو الوحيد الذي خسر نهائي الكأس خمس مرات كان قائداً في أربع منها، وبعد السنوات العجاف يحسب للفتوة أنه أول فريقين حازا اللقب أربع مرات متتالية وجاء بعده الكرامة.
ورمزه أنور عبد القادر أكثر من فاز بلقب الكأس لاعباً ومدرباً بثلاث كؤوس، وهو أول مدربين فازا باللقب أربع مرات حيث جاء بعده محمد قويض، ويبقى أنور الأكثر حضوراً في النهائي بين لاعب ومدرب بسبع مرات فاز بست منها.
دوري البلي أوف حرم لاعبه مؤمن الخلف موسم 1995/1996 من ريادة الهدافين بعدما سبقه حازم حربا، كما أن لعبة قذرة مارسها نادي الجهاد حرمت محمود حبش من اللقب 1991 لمصلحة عثمان بوارشي لاعب الوحدة لنكايات فحواها أن الجهاد عندما مرر الأهداف الستة الشهيرة عام 1990 كان يظن أن الفتوة سيرد له الدين عندما كان بأمس الحاجة للنقاط الست في الموسم التالي، فكان الرد من الفتوة: نعطيك نقاط الناشئين والشباب الثلاث ونترك المجال شريفاً في لقاء الرجال في خضم تنافس الفتوة والكرامة على اللقب عندما حان موعد المباراة، فنال الفتوة خمس نقاط ونصف النقطة لتنسج خيوط هبوط نادي الجهاد فيهدي البوارشي ستة أهداف نصّبته هدافاً.
نجزم أن لاعبي الفتوة المحترفين محلياً وخارجياً هذه الأيام لو اجتمعوا لاحتكر فارس الفرات بطولة الدوري وتكفي الإشارة إلى عمر السومة أشهر لاعب سوري احترف في الدوري السعودي.